ما يحدث من إجراءات ضد الإعلام يهدد المكتسبات الصحفية من حرية الرأى والتعبير التى تم الحصول عليها خلال السنوات الماضية، بل يهدد بالقضاء على آخر عناصر الصيغة الديمقراطية فى مصر وهى حرية الرأى، حيث إننا ليس لدينا تعددية حزبية حقيقية ولا حرية تنظيم، فقط لدينا حرية فى الرأى والتعبير، لكنها باتت مهددة الآن.
هذا ما أكده حسين عبدالغنى، مدير مكتب قناة الجزيرة السابق، فى بداية حديثه معنا عن إغلاق عدد من القنوات الفضائية مؤخراً:
■ كيف ترى المشهد العام؟
- مخيف ومقلق وهناك 3 أدلة تشير إلى ذلك.
■ ما هى؟
- مثلاً إحالة حمدى قنديل إلى محكمة الجنايات بتهمة نقد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية، رغم أن نقد الموظف العام مسألة مستقرة فى كل الدساتير والقوانين، وكان أمراً ثابتاً فى القضاء المصرى قبل الثورة، حيث من حق الإعلام نقد الموظف العام لأنه بقبوله منصبه يعنى أنه قد قبل طوعاً أن يتخلى عن جزء من خصوصيته لأنه أصبح مشاعاً للناس، ويحق نقده فى عمله أو فى المسائل الشخصية التى لها تأثير على طبيعة عمله.. وكان يجب على أحمد أبوالغيط أن يرسل رداً مكتوباً للصحيفة، وإذا لم يتم نشر رده يتجه إلى القضاء. ولكنه اتجه مباشرة إلى القضاء.. والدليل الثانى إقالة إبراهيم عيسى والعصف بالدستور.
■ لكن فى الحالة الأخيرة يمكن أن يرد الطرف الآخر بأنها صفقة تجارية لأن المشترى من حزب الوفد المعارض للنظام؟
- كل المعارضة فى مصر مستأنسة وأنا أتحدث عن الأحزاب الكبيرة مثل الوفد والتجمع والناصرى.. فهى فى النهاية أحزاب مستأنسة وليست أحزاب معارضة حقيقية.
■ وما الدليل الثالث؟
- الرقابة على الرسائل الإخبارية «sms» ثم منع الشركات المقدمة لخدمة الرسائل الإخبارية من مباشرة عملها، إلا بعد الحصول على ترخيص وموافقة الجهة التى يتعلق بها مضمون الرسالة.
والأخير أنه طلب من كل شركات خدمات البث المباشر العودة والحصول على ترخيص قبل تقديم الخدمة لأى قناة، بمعنى أنه لا تستطيع أى قناة إخبارية كما كان سائداً فى انتخابات 2005 أن تذهب وتغطى الدوائر الساخنة فى الانتخابات مثلاً كالتى يتنافس فيها الإخوان مع الحزب الوطنى.
بل الأكثر خطورة من ذلك تلك الرسالة التى وجهها اتحاد الإذاعة والتليفزيون إلى جميع شركات خدمات البث، ومفادها أن عليكم تسليم كل ما لديكم من أجهزة البث المباشر، لأن التليفزيون المصرى سيكون هو الوحيد المنوط به تقديم الخدمة لأى جهة أو قناة.
■ وما الذى يمكن أن يؤدى إليه هذا الأمر؟
- إننا لن نشهد تدفقاً آنياً للمعلومات والأخبار فحتى الحراك السياسى الذى تتباهى به الحكومة الآن هو من صنع الإعلام، لأنه وفر بثاً مباشراً وتدفقاً للمعلومات فى نفس اللحظة، وترك الرأى العام يقيم ويصنع مواقفه، من الانتخابات ومدى شفافيتها، من مطالب القضاة بالإصلاح ومدى منطقيتها أو ضروريتها، من المظاهرات الفئوية أو مظاهرات الحركات السياسية مثل الجمعية الوطنية للتغيير أو كفاية أو غيرها، فقد قدم الإعلام نوعاً من زيادة الوعى لدى المواطن.
■ وما موقفك من إغلاق حوالى 12 قناة وإنذار 20 أخرى بالإغلاق منها قنوات دينية وأخرى بدعوى ممارسة الدجل والشعوذة؟
- إغلاق القنوات الدينية التى تحرض على الفتنة مطلب صحيح ويتفق مع فكرة مدنية الدولة، لكن السؤال هنا هل يريدون بهذه الخطوة عمل دخان كثيف تتم التغطية به، على تقييد الحريات والقضاء على الهامش الصغير لحرية وتداول المعلومات.. فالظرف الذى أغلقت فيه القنوات غريب رغم أننى ضد كل المحطات الدينية الإسلامية منها والمسيحية، السنية منها والشيعية، لأنها تنشر النعرات والمذاهب.. والسؤال الأهم: لماذا سمحوا لها من الأساس بالبث؟ ولماذا تغلق الآن رغم كون إغلاقها كان مطلباً من الجماعة الوطنية المصرية التى تتحدث عن مدنية الدولة، وقلقة ومفزوعة من تهييج الفتنة الطائفية، ولم يتم الالتفات إلى هذه المطالبات ولم تلق اهتماماً.
■ هل ترى أنها إجراءات مقصودة فى هذا التوقيت بالذات قبيل الانتخابات؟
- أنا أتساءل ومتخوف ومن حقى أنا وكل صحفى محترم حريص على مهنته أن يتخوف، وطبيعى أن يتم الربط بينها وبين قرب إجراء الانتخابات، «والبينة على من ادعى» فعلى الطرف الآخر أن يثبت لنا أن تخوفنا وقلقنا غير مبرر.