x

منصور حسن: التضييق على الإعلام يعرض النظام للخطر

الجمعة 22-10-2010 16:52 | كتب: رانيا بدوي |
تصوير : محمد معروف

«سحابة سوداء تمر فوق ميدان الإعلام» بهذه الجملة وصف منصور حسن، وزير الإعلام الأسبق، شعور المجتمع، والإعلاميين خاصة، من قرارات إغلاق بعض الفضائيات فى الأيام الأخيرة، وطالب بتقنين عمل بعض القنوات والوسائل الإعلامية، ولكن مع السماح بحرية التعبير، التى اعتبرها من أهم ميزات النظام السياسى الحالى، وأن التضييق على الإعلام قد يعرض النظام إلى خطر.

■ إجراءات سريعة ومفاجئة من قبل الحكومة تجاه وسائل الإعلام البعض يراها تنظيماً وآخرون يرونها تضييقاً.. كيف تراها؟

- الإجراءات التى اتخذت مؤخراً جعلت المجتمع بصفة عامة، والساحة الإعلامية بصفة خاصة يشعرون أن هناك سحابة سوداء تمر فوق ميدان الإعلام.. فحرية التعبير على رأس إنجازات الإصلاح السياسى خلال العشر سنوات الماضية، وخسارة كبيرة جداً للنظام والمجتمع المساس بهذه الحرية أو التضييق عليها.

■ لماذا تراها خسارة للنظام؟

- لأن هذه المساحة من حرية التعبير بصراحة قد تعوض الرأى العام بعض الشىء عما ينقصه من باقى الحقوق السياسية التى يتمنى أن يحصل عليها.

■ هل ترى أن تضييق مساحة الحرية يشكل خطراً على النظام؟

- نعم لأنها تحول بعض الرضا السياسى الظاهر على سطح المجتمع، الذى حدث نتيجة هذه المساحة، من حرية الإعلام إلى سخط فى نفوس الجماهير بعد انتفاء كل مظاهر الإصلاح التى يطالب بها.

■ فى رأيك.. هل يمكن أن يكون هناك اتجاه لتحجيم الإعلام من أجل الانتخابات المقبلة؟

- وما الذى أضار النظام طوال السنوات العشر الماضية عندما كانت تتحدث وسائل الإعلام بحرية «وجابت آخر ما عندها» فى الفضائيات وفى الصحافة، بالعكس أنا أرى أنها كانت من محاسنه ولم يضر النظام فى شىء.

■ ولكن ربما تكون السنوات الماضية شيئاً والانتخابات المقبلة شيئاً آخر؟

- لماذ يتحسبون لانتخابات مجلس الشعب، فمهما حدث فيها لن يكون أكثر مما حدث فى انتخابات الشورى الماضية، ولن يستطيع الإعلام أن يفعل أكثر مما فعل، فانتخابات الشورى انتهت منذ أشهر، وفى رأيى كانت من الانتخابات الأسوأ سمعة فى مصر، نظرا لما شابها من إجراءات غير شرعية.. وما حدث من نقد لها يعد «سخرية طبيعية تنفس عن الناس».

■ هل تهدد القنوات الفضائية الدينية الوحدة الوطنية؟

- لا شك أن بعض القنوات التى لها طابع دينى، والتى تسربت إلى النايل سات فى ظل العشوائيات فى مجال الإعلام، لم تكن مؤهلة لما تدعو إليه، وقد يكون من الحكمة فعلا إيقافها أو إصلاحها.. لكن لا يجب أن ينسحب ذلك على باقى القنوات.

■ هل تعتقد أن إيقافها حل كاف لمنع الفتن؟

- هى محاولة.. لكن الحل الحقيقى يكمن فى تشريع قانون قوى يجرم التمييز على أساس الدين أو الجنس، يعاقب بموجبه أى شخص يقوم بهذا العمل بصرف النظر عن دينه أو جنسه.. لأنه للأسف القانون لا يعمل فى حالات الفتن الطائفية، وتتم الاستعاضة عنه بالمجالس العرفية والأحضان وهى لا تجدى.

■ وماذا عن الرقابة على الرسائل الإخبارية على التليفون المحمول؟

- أتفهم أنه فى حالة الانفلات من الممكن أن تتسرب بعض الرسائل الإعلامية التى تهدد الوحدة الوطنية أو الاستقرار السياسى بإرسالها إلى مئات الآلاف من الناس، وهذا وضع خطير يجب التحسب له، ولكننا لسنا وحدنا فى العالم الذى لديه نظام الرسائل الإلكترونية، ويمكن التفكير أنه أسهل الطرق للتحكم فى هذه الرسائل وضع نظم لمراقبتها وإيقافها، ومن الصعب للتحقيق ذلك دون خنق هذه الوسيلة، وحرمانها من أهم خصائصها وهى السرعة، فالصحف والفضائيات التى ترسل هذه الرسائل لقرائها تقدم خدمة معرفة الخبر تقريبا وقت حدوثه، وإذا كان هذا الخبر سينتظر التمحيص والتحليل والعرض على مستويات أعلى، فسيقضى ذلك على هذه الخدمة من أساسها.. وإذا وإذا بدأنا الأخذ بمثل هذه الأساليب الرقابية فى حل المشكلات يمكن أن يتطور الأمر وتتسع دائرة الرقابة والمنع، مما يقضى على حق المواطن فى أن يعلم ويعبر.

■ وكيف ترى الحل إذن؟

- الحل العملى هو أن يوضع نظام لتسجيل الهيئات والصحف التى تريد تقديم هذه الخدمة، وحين تحصل على رخصة يكون لها حق الاتصال مباشرة بشركات البث دون إذن أو رقابة.

■ وإذا تم نشر خبر يمس استقرار الدولة؟

- تحاسب الجهة صاحبة الخبر وفقا للقانون، ولكى نتدارك النتائج السيئة التى يمكن أن تنبنى على خبر ما، لابد لجهاز الدولة المختص أن يتابع هذه الرسائل- دون أن يتدخل فيها- ويرصدها ويتخذ فورا الموقف الإعلامى المصحح لها ثم يتجه إلى محاسبة المصدر.

■ قال البعض إن اشتراط أن تكون الجهة الإعلامية مقيدة بالمجلس الأعلى للصحافة للحصول على ترخيص إرسال رسائل إخبارية المقصود به قناة «الجزيرة».. ما مدى صحة ذلك فى رأيك؟

- إذا كان لابد من التقييد فى المجلس الأعلى للصحافة فما المانع، فلتتقدم الجهة الراغبة بتقييد نفسها وتعمل بشكل قانونى، أما إذا تحدثنا عن قناة «الجزيرة» بشكل خاص فلديها قناتها وتستطيع أن تقول ما تريده فى التوقيت الذى تريده على شاشتها.

■ هل توقيت هذه الإجراءات مقصود؟

- أعتقد أن الغرض من هذه الإجراءات هو عملية التنظيم، وهناك دلائل تشير إلى ذلك، ومبررات حقيقية كما قلت، ولكن التخوف أيضاً له مبرراته، فأخشى أن يتخذ النظام ذلك ذريعة لتطبيق عملية كبت الحريات على الجميع.

■ هل تقرأ واقعة استبعاد إبراهيم عيسى وعمرو أديب من الدستور والأوربت فى إطار التنظيم الإعلامى؟

- لا أعرف الأسباب الحقيقية لاختفاء المذيع اللامع عمرو أديب ورئيس التحرير الفذ إبراهيم عيسى، ولكنها خسارة كبيرة للكثير من المشاهدين والقراء، وما حدث معهما أعطى إحساساً بأن هناك إجراء منظم لإسكان الأصوات العالية حتى قال بعض الإعلاميين أنتم السابقون ونحن اللاحقون، لذا أقول لا داعى لهذه السياسات، لأنها لا تنفع النظام بل تسىء إليه.

■ ما توقعاتك بالنسبة للإعلام فى الانتخابات المقبلة؟

- سيحاول الإعلام القيام بدوره من خلال اكتشاف الأخطاء ومحاولة تصويب الأوضاع، ولكن فى النهاية أتصور أن العملية ستمر وستستمر الحياة.

■ هل الحرية الإعلامية التى نعيشها باتت مهددة بالردة؟

- أراد النظام لغرض ما أن يعطى فرصة أكبر لحرية التعبير فى وقت من الأوقات، وقد حدث ذلك بالفعل، ونستمتع بهذه المساحة من الحرية ونفاخر بها رغم عدم اكتمال باقى الحقوق السياسية.

ولكن أود أن أقول فى النهاية إن الحرية التى تمنح يسهل سلبها، والتى تبقى، تلك التى يحققها المجتمع بإصراره.

■ وأى أنواع الحرية موجودة فى مصر؟

- الحقيقة يصعب تصنيفها.. هل هى حرية انتزعت أم وهبت، فقد شاهدنا بعض الصحف وقنوات التليفزيون بدأت البث على استحياء، ظلت ترفع سقف حرية التعبير بأسلوب جس النبض، حتى وصلت إلى آفاق عالية فعلا، وفقا لكل المقاييس، ولم تقف السلطة لكى تحول بينها وبين هذا التطور، مما يعطى إحساساً بأنها حرية انتزعت «أى لم تنتظر قرارا يسمح لها بذلك»، ولكن من ناحية أخرى يظهر بين الحين والآخر ما يدل على أن السلطة ليست مطمئنة لهذا الوضع، ولديها رغبة وضع بعض القيود، فيعم الوسط الإعلامى القلق وعدم الاطمئنان، مما يعطى الإحساس من ناحية أخرى بأنها حريات غير مستقرة، لأنه تم السماح بها ويمكن الرجوع فيها.

وفى الوقت الذى أرجو أن يحافظ النظام فيه، لمصلحته على مكتسبات حرية الرأى والتعبير، أرجو من الإعلاميين بدلاً من الخوف وانتظار المجهول بقلق، أن يأخذوا زمام المبادرة ويصححوا أى اتجاهات أو أخطاء تهدد سلامة المجتمع، ويقرروا أنهم سيتضامنون فى مواجهة أى إجراءات تجور على حرية الرأى وتعتدى على قيم مهنيتهم.

لذا أكرر فى النهاية أن الحرية التى تمنح يسهل منعها، أما تلك التى يحققها الشعب ويكافح من أجلها ويصر عليها فلا يمكن سلبها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية