x

الفريسة التى هزمت الصياد : بريجيت باردو.. انكسار الحلم وفقدان براءة الطفولة (4)

الجمعة 22-10-2010 15:56 | كتب: مي عزام |
تصوير : رويترز

فى الحلقات السابقة، رسمنا صورة بانورامية للظروف التى نشأت فيها النجمة بريجيت باردو، وأدت إلى سطوع نجمها فى التمثيل والغناء والرقص، لتصبح النجمة الأكثر شهرة فى تاريخ فرنسا، وبدأت بريجيت تحكى عن الأيام الأولى فى طفولتها، وتوقفنا عند اندلاع الحرب العالمية الثانية، والظروف الصعبة التى عاشتها الأسرة وفرنسا كلها، وفى هذه الحلقة تواصل بريجيت الحديث عن أوجاع الحرب، وتحرير باريس، وعودة الحياة إلى طبيعتها، وتأخرها الدراسى، ودخولها مرحلة المراهقة، ومشاعر الحب الأولى.

الحرب ليست قتلا على الجبهات برصاص الجنود فقط، لكنها تعلم الناس الخشونة وقتل النفوس، وفى أوج الحرب عانت بريجيت من انكسار الأحلام، وتعرضت لما سمته «أكبر خيبة أمل فى طفولتى».

 

تقول بريجيت: «فى شهر مايو 1943، كنت عائدة من درس الباليه، وكنت وقتذاك فى التاسعة من عمرى، واستقبلنى أبى على الباب، واصطحبنى إلى غرفة الطعام، وجلس جانبى بتودد، ثم سألنى: هل تعتقدين بوجود بابا نويل؟

كان السؤال مفاجئا وغريبا، ويبدو لى حتى الآن غبيا لأننى كنت مقتنعة جدا ككل الأطفال بوجود «بابا نويل»، لكنى قلت لأبى: لماذا تسأل؟، فقال: فى سنك يجب أن تدركى أن بابا نويل لا وجود له، بل إن الآباء هم الذين يشترون الهدايا لأولادهم، ولم أفهم مقصده، وربما لم أكن أريد أن أفهم أو أصدق أن أحلام الطفولة وأساطيرها قد انتهت إلى الأبد، بكيت بحرقة على براءة الطفولة والحلم الذى كسره أبى، فقد كان عيد الميلاد بالنسبة لأسرتنا مناسبة مهمة تليها مباشرة أعياد ميلادنا نحن، وكنا ننتظر الكريسماس بحب لنزين شجرة الميلاد ونموذج المغارة التى ولد فيها السيد المسيح، ومازلت حتى الآن حريصة على هذه الطقوس، ومازلت أحلم بأن أعيش عصر المسيح، عصر القداسة والجمال».

وتضيف باردو: «كنا عادة نقضى يوم رأس السنة عند عمى الأكبر أندريه، وكان المدعوون يزيدون على الثلاثين، وكل منهم يحضر أطعمة من منزله، فظروف الحرب كانت صعبة ولم يكن فى استطاعة عمى أن يطعم كل هؤلاء، وكنا فى هذا اليوم نلتقى بأولاد أعمامنا وعماتنا، ونظل محبوسين داخل المنزل نخشى على ملابسنا الجديدة أن تتسخ، ومنذ ذلك الحين وأنا أكره الزيارات الرسمية، أما أعياد ميلادنا فكانت مثل حفلات تتويج الملوك، وكل منا يصبح نجم الحفلة يوم ميلاده، لذلك كنت أنتظر يوم ميلادى 28 سبتمبر بفارغ الصبر، رغم أنه كان يرتبط بذكرى مزعجة بالنسبة لى، وهى أن دخول المدارس يبدأ بعده بثلاثة أيام فقط، لذلك كنت أتلقى عادة هدايا تنفعنى فى المدرسة.. مقلمة، شنطة مدرسة، موسوعة علمية، وأحيانا زجاجة عطر، أو جنود من القصدير، كنت أفضلها على العرائس التى لم أكن أحبها».

لم تكن بريجيت متفوقة فى دراستها، لذلك قرر والدها أن ينقلها من مدرستها، ويلحقها مع صديقتها شانتال بمعهد أولانور الدينى حيث يمكنها أن تتحسن دراسيا بفضل الالتزام ورعاية الراهبات، لكن الأمور صارت إلى الأسوأ، وعن هذا تقول بريجيت: «كان معنى التحاقى بهذه المدرسة أن أودع دروس الباليه التى كانت متعتى الوحيدة فى ذلك الوقت، لم تكن الدروس الدينية تناسبنى ولا حياة الراهبات، لذلك كنت دائما الأخيرة فى الترتيب، لكن الظروف أنقذتنى من هذه المدرسة، حيث أصبت بالتهاب رئوى، ولزمت الفراش فترة طويلة، ورسبت هذا العام، وفى السنة التالية اقتنع أبى بعودتى لمدرستى السابقة وكذلك لدروس الرقص، وكنت قد خرجت من المرض ضعيفة تماما، لذلك اقترحت والدتى إرسالى لقضاء فترة النقاهة فى مزرعة عائلة صديقتى شانتال بنورماندى، كانت والدة شانتال امرأة قوية وصلبة، تلبس الأسود منذ وفاة زوجها فى الحرب، لم تكن تضحك إلا نادرا، كثيرة الصلاة، تهتم بالمبادئ والقيم، تعشق ابنتها وتراها مركز الكون، حين كنت أقارنها بأمى كنت أشعر بالحسرة لأننى أفتقد حنان الأم، وكثيرا ما بللت وسادتى بدموعى بسبب هذا الإحساس،

وفى حديقة منزل شانتال كانت توجد أرجوحة وحمام سباحة صغير، وهو ما كنت أحلم به دائما، كنت أقضى أنا وشانتال ساعات فى اللعب، ومذاكرة بعض الدروس الصيفية، لكننى شعرت بالاشتياق إلى أبى، وفقدت شهيتى للطعام بسبب هذا الحرمان العاطفى، خافت علىّ والدة شانتال واتصلت بأبى وطلبت منه الحضور ليأخذنى، قال لها إنه سيأتى بعد 3 أيام، وفى اليوم المحدد خرجت لانتظاره على الطريق منذ الصباح الباكر، ومعى شانتال ووالدتها، مضت 3 ساعات ولم يأت والدى، كنا فى شهر يونيو، والشمس حارقة والجو خانق، والطريق يبدو مهجورا لا تمر عليه السيارات، وبعد أن فقدت الأمل، ظهر أبى من بعيد وهو يمشى على قدميه، وجريت نحوه، وارتميت فى أحضانه، وعرفت منه أنه قطع مسافة 20 كيلو مترا سيرا على قدميه، لأنه لم يجد أى وسيلة مواصلات، حيث تم إخلاء الطرق واستخدامها كممرات لهبوط طائرات الحلفاء التى تساعد فى تحرير باريس من قوات النازى، وحاولت والدة شانتال إقناع أبى بالراحة، لكنه صمم على العودة إلى باريس فى نفس اليوم لأنه وعد أمى بذلك، لم نجد سيارات، ولم أكن طبعا فى مثل قوة أبى أو قدرته على السير، فحملنى على ظهره طوال رحلة العودة، ونمت وأنا أطوق عنقه بيدى، لم أكن صغيرة بل تجاوزت التاسعة من عمرى، وأبى لم يشك من حملى كل هذه المسافة، ربما لأننى كنت نحيلة بسبب المرض، ووصلنا إلى باريس فى الثانية بعد منتصف الليل.. كانت الشوارع هادئة، والكل نيام، وأصوات الانفجارات لم تعد تدوى فى ليل باريس، وعندما لاحظت ذلك، وذكرته لأبى، قال لى هذا يعنى أن الحرب على وشك الانتهاء، لكن فى الأيام التالية تزايدت أصوات القنابل وأزيز الطائرات، واقترح أبى أن نترك منزلنا الذى انقطعت عنه الكهرباء، والغاز، والماء، لنلوذ بمنزل جدتى وجدى فى لوفيسيان، ولحقت بنا شانتال وأمها إلى هناك، ولم تتوقف القنابل عن التساقط، حتى إننا كنا نضع مراتب أمام النوافذ لتحمينا من تناثر الزجاج الذى يتكسر بعد كل انفجار، كان الخروج للحصول على المواد الغذائية خطرا،

كما كانت معظم المحال خاوية أو مغلقة، وفى هذه الفترة كان غذاؤنا لا يتعدى البليلة والعدس الملىء بالسوس، وكانت السلوى الوحيدة لى أنا وصديقتى شانتال وأختى الصغيرة ميجانو، هى النظر من النافذة أثناء فترات الهدوء، ونادرا ما كنا نشاهد أحدا يعبر الشارع، وذات ليلة كنا جميعا مستغرقين فى النوم داخل الصالة الكبيرة المحصنة بالمراتب، وفجأة سمعنا صوت انفجار هائل وسط البيت، واستيقظنا بفزع، وكدنا نموت من الخوف، لكن أبى طمأننا سريعا بعد أن اكتشف سقوط نجفة الكريستال على الأرض، كنا نشعر بالموت يرفرف علينا فى كل لحظة خلال سنوات الحرب، لكن قلوبنا كانت عامرة بالأمل فى أن ينكشف كل هذا البلاء قريبا وتعود فرنسا حرة تنعم بالسلام بفضل هيئة التحرير الباسلة، وبالفعل تحقق الأمل فى أغسطس سنة 1944، وتحررت باريس أخيرا، وبعد يومين من التحرير فى 25 أغسطس، دخل الجنرال ديجول العاصمة محمولا على الأعناق، وانتشرت الاحتفالات فى كل مكان، وخرجنا جميعا نحمل علم فرنسا المصنوع من الورق، ووزع علينا الجنود الأمريكيون اللبان والشيكولاتة والقبلات، وبدأت الحياة تزدهر من جديد، عرفنا الخبز الأبيض، واللبن، والقشدة الطازجة.

وتواصل باردو: بعد تحرير باريس عدت لمدرستى وجيوبى مملؤة باللبان، الذى كنت أقايض به زميلاتى مقابل أن يقمن بدلا منى بواجبات المدرسة، وذات يوم اكتشفت المعلمة أننى أستأجر زميلاتى لأداء واجباتى، وكانت فضيحة انتهت ببعض الأصفار فى شهادتى، وغضب والدى من تدهور مستواى الدراسى، ودبت الخلافات بينه وبين أمى واتهمها بالإهمال فى تربيتى، وعرفت العصبية طريقها إلى منزلنا الهادئ، وذات يوم تطورت المشاكل وفوجئت بوالدى يهدد بالانتحار، وحاول القفز من شرفة شقتنا فى الطابق الخامس وتعلقنا فى بنطلونه أنا وميجانو.. لن أنسى هذا اليوم أبدا، كان جسم أبى نصفه فى الفراغ ونصفه فى الشرفة، وأمى تصرخ وتشده للداخل، وبعد توسلات ودموع وصراخ وفزع تراجع عن فكرته المجنونة، لكن هذه اللحظات المشحونة بالرعب والتوتر والترقب ظلت محفورة فى نفسى، ومنعتنى طوال حياتى من الشعور بالأمان، لذلك أكره الشجار والجدل العقيم

وعندما أجد نفسى فى موقف كهذا أترك كل شىء وأهرب من المكان فورا، وعادت المودة بين أبى وأمى، لكن على السطح فقط، لأن كل منهما ظل يعيش فى حجرة منفصلة عن الآخر، وبدأت أشعر بغياب الحب الكبير الذى جمع بينهما، وبدأت أشاهد أنا وميجانو مشاجراتهما العاصفة، حتى أثناء تناولنا الطعام، وكثيرا ما «يتكهرب» جو الغداء أو العشاء، ورأينا أبى يرمى طبقه على الأرض مهددا أمى بترك المنزل، وكانت أمى تبكى، وتستعطفه وترجوه ألا يفعل، وأخيرا قررا الاستعانة بمربية لتساعدهما على تربيتنا أنا وميجانو، واختارا مربية اسمها لوجران وكان حديثها خليطا من الفرنسية والإنجليزية، وفى البداية كنت أخاف منها لضخامة جسمها، وأطلقت عليها «مدام لوجران» معناها الضخمة، لكننى مع الوقت احترمتها ثم أحببتها، أطلقت عليها اسم «بيجودى» وكانت تطلق علىّ لقب «المفضلة»، وشعرت أن وجود المربية «بيجودى» أدى إلى حالة من الهدوء فى البيت، وعادت تقاليد الزيارات الاجتماعية والموائد العامرة، وكنت ألاحظ أن أمى تحرص على المظاهر، وتخرج أطقم الفضة والصينى، وتفرش مفارش الدانتيل، وتهتم كثيرا بضيوفها فى هذه الأمسيات، حتى إنها لا تأتى لتقبلنا قبلة المساء خوفا على مكياجها أن يفسد، وللأسف لم يكن مسموحا لنا بالجلوس مع الكبار، فكنا نظل أنا وميجانو حبيستين فى حجرتنا تعساء.

وبعيدا عن جو الزيارات، لم تكن أمى تحب المطبخ، وكانت تراه من أعمال الخادمات، وكل تركيزها على جمالها ونضارة يديها والعناية بأظافرها، وعندما كانت تغيب الخادمة أو المربية، كان أبى وأنا وميجانو نقوم بالطهى وتحضير السلطة، كنت أتمنى وأنا صغيرة أن آكل شيئا من يدى أمى كجميع الصغار فى سنى، وعندما أكبر قررت أن أعوض ذلك، وكنت حريصة على أن أطهو طعامى بنفسى من وقت لآخر.

وفى هذه الفترة لاحظ أبى شعورى بالتعاسة، فبدأ يعلمنى بعض الأدعية والصلوات، لذلك كلما ضاقت بنا الدنيا أنا وميجانو، كنا نجثو على ركبتينا حول الفراش، ونطلب من الله أن يغفر خطايانا، ونردد الأدعية كما تعلمنا من أبى، وكذلك من مربيتى بيجودى التى كانت الصلاة مقدسة بالنسبة لها ولابنها.

بعد أسابيع من عيد ميلادى الثانى عشر ذهبت مع الأسرة لحضور حفل زفاف جان، ابن جدتى تابومبون، وكانت العروس «تاتو» جميلة وحفل الزواج رائعاً، وكنت أنا وأختى الوحيدة ميجانو وصيفتى الشرف، وأثناء الحفل رأيت برنار شقيق العروس تاتو، شاب رياضى أشقر فى السابعة عشر من عمره، وقعت فى حبه من أول نظرة، وشعرت بقلبى يدق بعنف، كما شعرت بحرارة تجتاح جسدى، ورعشة تهز أطرافى.

كنت قد خلعت النظارة الطبية التى كنت أرتديها لتصحيح الحول، وجهاز تقويم الأسنان وأصبحت حلوة. كما أن صدرى بدأ فى النمو والاستدارة.

كان التفكير فى برنار يتملكنى صباحا ومساء وفى أحلامى. عندما أمسك بيدى يوما كدت أقع مغشيا علىّ من فرط السعادة. صرحت لأخته تاتو برغبتى فى الزواج من أخيها، فابتسمت ولم ترد على!!

وحتى أكبر وتزوج، كان على أن أتم احتفالات تناول القربان المقدس.

وأرسلتنى أمى للراهبات، كنت أتمنى أن أضرب عصفورين بحجر واحد، أن يكون احتفالى بتناول القربان مصحوبا بزواجى من برنار. يومها شعرت باعتزازى بنفسى، كنت أسير بين أمى ومربيتى وميجانو. ورغم أعصابى المتوترة وإحساسى بالجوع فقد انتهت هذه المراسم على خير.

أقاموا بعد ذلك حفلا لتكريمى باعتبارى نضجت، تلقيت فيه كثيرا من الهدايا، معظمها ذات طابع دينى.

أخيرا، خلعت فستان الاحتفال ولم أرتده مرة ثانية. قضينا الإجازة فى منزل جدى لأبى فى لوفيسيان.. ذكرياتى عن هذا المنزل فى منتهى البهجة ليقضوا معنا بضعة أيام فى لوفيسيان، وفى هذه الأجازة عرفت الغزل لأول مرة.

Initiales B.B

فى كتابه النقدى الرصين «فى نظرية الرواية - بحث فى تقنيات السرد»، يتساءل الناقد الجزائرى الكبير عبدالملك مرتاض: لماذا أطلق الفرنسيون على ممثلتهم الشهيرة بريجيت باردو «B.B»؟.. ويضيف أن ذلك علامة يتفق عليها الناس، وتجرى مجرى الاسم، وهل فى حالة باردو للتودد والتلطف، كما فى حالة بيليه الذى يصعب نطق اسمه الأصلى.. ومن منا يعرف الأسماء الأولى للناقد الكبير تى. إس. إليوت، أو كاتب الخيال العلمى المعروف جى. إتش. ويلز؟!..

لكن الأمر يختلف فى حالة باردو، لأنها معروفة بالاسم الأصلى والعلامة على السواء، والأمر ليس مجرد اختصار كما هى العادة فى حالات الاسم الطويل، أو تكثيف اسم منظمة أو مؤسسة، لكن بريجيت عندما بدأت حياتها الفنية فى الخمسينيات ووقفت أمام كاميرا المخرج مارك أليجريه فى أول اختبار للعمل فى السينما، كانت معجبة بأسلوب أليجريه فى تعريف نجومه، فقد كان يطلق عليهم الحروف الأولى فى حال تشابه بدايتى الاسمين، فيطلق على «سيمون سينوريه» علامة (إس. إس)، و«دانيال دولوروم»، علامة (دى. دى)، كما كان البعض يدلل النجمة الأسطورية فى الثلاثينيات جريتا جاربو بعلامة (جى. جى)،

 ومع بداية بريجيت كانت أسطورة أخرى تتشكل عبر المحيط باسم «مارلين مونرو» وأشار البعض إليها بعلامة (إم. إم) التى كتب عنها الكثيرون بأنها ليست اختصارا لاسمها فقط، لكنها اختصار لمصطلح «ميكنج مايند – Making Mind» أى صناعة العقول، أو صياغتها أو تشكيلها، حيث كانت مونرو تعيد اختراع جمهور السينما بصورة جديدة بعد أن ظهر التليفزيون وهدد عرش السينما بقوة، وهكذا اختارت بريجيت الحروف الأولى من اسمها لتكون علامتها للشهرة، بل لوجودها كله، حيث نشرت مذكراتها بنفس العنوان «الحروف الأولى بى. بى – Initiles B.B»، وقبلها كان الفنان الفرنسى متعدد المواهب سيرج جينسبورج قد غنى أغنية بنفس العنوان حملت اسم أشهر ألبوماته فى منتصف الستينيات، هكذا حملت الأسطورة كلها علامة (B.B)

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية