وصفها الناقد الكبير رولان بارت بأنها ليست «حالة جمالية»، بل «حالة ثورية» تتحرك تحت عنوان من كلمة واحدة هى «الحرية»، وقال عنها الشاعر والسينمائى الشهير جان كوكتو: «أحبها لأنها تعيش مثل كل الناس مع أنها ليست مثل أحد»، وكتبت عنها الروائية، ذائعة الصيت، مرجريت دوراس مقالا بعنوان « الملكة باردو.. من اليابان إلى نيويورك أو بالعكس»: تجسد بريجيت الأحلام السرية للرجال منذ بدء الخليقة،
وتقدم لهم احتمال وجود امرأة من شمع يستطيع كل رجل أن يصنعها كما يشاء، وكتبت عنها فرانسواز ساجان كتابين قالت فيهما الكثير، لكن أخطر ماقيل عن «باردو» هو ماقالته الفيلسوفة الوجودية سيمون دى بوفوار فى مقال شهير نشر عام 1959، حيث اعتبرتها خير تعبير عن الفلسفة الوجودية، وقالت «إنها تفعل ما يعجبها وهذا هو المقلق»، واعتبرتها «محرّكة لتاريخ النساء»، والمرأة الأكثر تحرّراً فى تاريخ فرنسا.
بريجيت باردو إذن ليست مجرد ممثلة، أو حتى النجمة الأشهر فى تاريخ السينما الفرنسية، أو كما يطلقون عليها «الأيقونة الباقية من القرن العشرين» و«الأسطورة الحية»، لكنها قطعة حية من تاريخ فرنسا منذ الخمسينيات وحتى الآن، تاريخ يشمل قادة مثل شارل ديجول، وجورج بومبيدو، وفرانسوا ميتران، وأدباء كبار مثل أندريه جيد، وجان كوكتو، ومرجريت دوراس، وفرانسواز ساجان، ومخرجين كبار مثل روجيه فاديم وجان لوك جودار، ولوى مال، وفنانين مشاهير مثل جاك جابان، وآلان ديلون، وليزلى كارون، وكاترين دينيف، وجين مورو، وموسيقيين بوهيميين مثل سرج جنسبورج، ودراما إنسانية اجتمعت فيها السعادة والتعاسة، الرفاهية والإفلاس، الشهرة والخوف، العقل والجنون، الحيوية والانتحار، المجد والاعتزال، ومنذ البداية وحتى النهاية تتدفق حياة «باردو» وكأنها نهر وحشى من الجاذبية والتشويق يمتلئ بأسرار ومواقف، وحكايات مع المشاهير والزعماء.
وفى هذه الحلقات نتابع سيرة «باردو» كامرأة وفنانة، ونحاول أن نفك ألغاز حياتها من خلال اعترافاتها الجريئة التى تترجم كاملة لأول مرة إلى العربية، ومن خلال شهادات بأقلام عدد من كبار الكتاب فى العالم.
«شعرت أن جسدى يحتاج إلى الحرية، فانطلقت إلى الشواطئ هربا من الغرف المغلقة، لا أدرى لماذا يريدنى الناس أن أحبس نفسى فى قفص التقاليد، وأقيّد نفسى بالسلاسل، لقد تغيّرت الطفلة التى أرغموها على الحياة المحنطة، وتغير معها قلبى، وأصبحت مفتونة بالبحر والهواء، والحيوانات الصامتة، والعيون الجريئة، واللغة التلقائية التى لا تخضع لمنطق الأسوار..»، هكذا كتبت فرانسواز ساجان من دون أن تدرى هل تكتب عن نفسها،
أو عن قرينتها بريجيت باردو التى تكبرها بعام واحد، وكما كانت أشعار نزار قبانى تذوب فى صوت نجاة وتنهدات عبدالحليم حافظ وجرأة البنات فى قصص وروايات إحسان عبدالقدوس، قيل إن ما تجسده باردو على الشاشة تكتبه ساجان على الورق، كل منهما تكمل الأخرى وتلعب دوراً فى معركة الإثارة والتأثير، وإعادة تشكيل الكرة الأرضية، كانت «بريجيت» ترى أن العالم لايجب أن يستمر كما هو، لابد من التغير لايهم أن يتغير للأفضل أو للأسوأ.. المهم أن يتغير، لهذا خلعت الأقنعة، وقررت أن تكون الصديقة الوفية للبحر، والشقيقة الصغرى للحياة والحرية.
كانت «بريجيت» على موعد مع الفضيحة والخيانة منذ مولدها، فقد ولدت فى عام 1934 عندما كانت فرنسا كلها مشغولة بفضيحة ستاميسكى، سمسار الأموال، الذى أودع آلاف السندات المزورة فى بنك كريدى مونسيال بمدينة بايون، ولم تمض سنوات قليلة حتى اهتز العالم كله تحت تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية ثم نشوب الحرب العالمية الثانية،
التى أثرت بعمق فى تكوين الطفلة البرجوازية وفى تكوين أوروبا كلها، كانت فرنسا فى نهاية الأربعينيات تعيش ظلال الحرب العالمية الثانية برغم تحررها من الاحتلال النازى عام 1945، فالقلق يسيطر على الجميع، قادة الجمهورية الرابعة يحاولون ترميم الدمار الذى جلبته الحرب، والأدب يرسم صورة كابوسية للواقع من خلال «الغثيان» لفيلسوف الوجودية الأشهر جان بول سارتر، و«الطاعون» للمتمرد العبثى ألبير كامو،
ووسط هذا المناخ كانت المراهقة الصغيرة تقف على أطراف أصابعها لا لترقص الباليه فى مدرسة بورجا، ولكن لتحلق مثل فراشة فى سماء زرقاء تحميها من هذا الواقع المرتبك، كانت بريجيت تقترب من عامها السادس عشر عندما شعرت بهويتها لأول مرة، كانت أمها قد أخذتها إلى صديقة لها تترأس تحرير مجلة «هى» النسائية، وتم اختيار صورتها للغلاف، لكن الأب اعترض على استخدام اسم عائلته البرجوازية العريقة على أغلفة مجلات الموضة، وتم الاتفاق على أن تستخدم بريجيت اسم عائلة أمها «موسيل»، لكن القدر تدخل،
ونشرت الصورة باسم «بريجيت باردو» من دون أن يفهم أحد كيف حدث ذلك، وعن هذه اللحظة تقول نيكول باروت، مؤرّخة الموضة الفرنسيّة فى حديث لها مع صحيفة «جارديان» البريطانية فى 22 سبتمبر الماضى (2009) «كلّ نساء جيلى يذكرن صورتها لأوّل مرّة على غلاف مجلّة Elle فى عام 1950».. كان لها شعر كستنائى قصير ونظرةُ راقصةٍ ساحرة. وقد عبّرت عن هويّة لم تكن قد وجدت مكاناً لها فى المجتمع أو فى عالم الأزياء: هويّة المراهقين.. قبل باردو، كان المراهقون محجوبين عن مسرح الحياة العامة وعن فنون تصميم الأزياء.
حين ظهرت «ب. ب» اخترعت نموذج الفتاة المتحرّرة التى بدأت ترفض أن ترتدى الثياب التى تختارها والدتها، وتخرج لتشق طريقها بنفسها، لكن هذا التمرد الطفولى جاء مصحوبا بإغراء فطرى للفتاة الصغيرة التى تستطيع ببراءتها أن تغوى الرجال الكبار، وهو ماعرف بـ«عقدة لوليتا»، التى انتشرت فى ذلك العصر بصورة مذهلة، بل إن باردو كرست ذلك قبل أن ينشر الكاتب الروسى نابوكوف روايته الشهيرة «لوليتا» بخمسة أعوام.
وفى كتابها عن «تاريخ المايوه البكينى» تقول مارى سيمون إن المرأة الأوروبية ظلت سنوات طويلة لا تجرؤ على ارتداء البكينى فى الشواطئ العامة، بالرغم من ظهوره فى نهاية القرن التاسع عشر، حتى ظهرت به الممثلة الفرنسية بريجيت باردو، فانتشر بصورة مذهلة لكن لم تظهر به أى ممثلة على الشاشة بعد باردو حتى عام 1962 عندما ارتدته أورسولا أندروز فى أحد افلام «جيمس بوند».
إما أن أعيش أو أمثل الحياة على الشاشة، فاخترت أن أمثل ما أعيشه، وهكذا ولدت أسطورة بريجيت باردو، مزيج من الواقع والخيال، من الحرية التى احتكرها الرجال طويلا، والأنوثة الدافقة التى كبتها النساء طويلا، وهكذا كان العرض الأول لفيلم «.. وخلق الله المرأة» صرخة ميلاد مدوية تعلن نهاية عصر الحرمان، واندثار صورة النساء القابعات فى البيوت باستكانة، اللائى اكتفين بمشاهدة الحياة وهى تنساب من بين أيديهن المشغولة بأعمال المنزل، حتى ذلك الحين لم تكن بريجيت رقماً فى معادلة السينما والنجومية، لكنها بأسلوبها التلقائى فى الحياة تمكنت من تبديل القواعد الأخلاقية التى كانت متبعة فى ذلك الزمان،
وأصابت العالم بنوع من الجنون الحميد، ساهم فيه عبر المحيط نجوم من أمثال جيمس دين وإلفيس بريسلى، ومارلين مونرو، التى تكبرها بأعوام قليلة، لكنها بدأت تظهر معها، لكن «باردو» بطريقتها الخاصة وضعت أسس ثورة نسائية واجتماعية أعلنت عن نفسها مع ظهور جولييت هاردى فى فيلم «وخلق الله المرأة»،
وأصبح المشهد الذى ترقص فيه على إيقاعات المامبو، حافية القدمين وبشعر متحرّر وجسد يتصبّب عرقاً، هو البيان الأول للثورة، بل إن الناقد السينمائى الأمريكى فى نيويورك تايمز، بوسلى كراثير وصفه بأنه قنبلة أدت إلى تدمير هوليود وخراب أمريكا، فقد أثار سجالا واسعا، وحوكم بسببه مديرو صالات العرض فى فيلادلفيا وكليفلاند وبروفيدنس وميمفيس، وانشغل مثقّفو العالم بمناقشة ظاهرة بريجيت باردو، التى اتهمها البعض بخدش حياء العالم، وكسر المناخ المتطهر التقليدى، لكن الموجة كانت أقوى من هذه الأصوات المتملقة،
فقد كشفت الحرب تهافت هذه الآراء، وسرعان ما دوى صوت «سيسيل ريموند» بطلة رواية «صباح الخير أيها الحزن» لفرانسواز ساجان: «لأن الحياة تفرض علينا الجنون يفترض أن نحولها إلى فضيحة»، وكان المخرج الإيطالى فردريكو فللينى يرى فى ذلك الوقت أن «الفن بطبعه فضائحى، بل إن الفنان يجب أن يكون هو الفضيحة بذاتها»، حيث لا مجال للتغطية والمواراة، هكذا كان العالم فى موجة كشف للمستور،
ورفع للأغطية التى أدت إلى كوارث الحرب العالمية، ولم يعد مسموحاً بمساحات من الظلام لينمو فيها أمثال هتلر وموسولينى، وهكذا صارت أقبية سان جيرمان دى بريه فى قلب باريس ساحات للجهر، وارتفعت فيها المناقشات العدمية والآراء الفوضوية، وأصوات موسيقى الجاز، وآلات البوجى بوجى، والمشاعر الحسية، وخيالات الجسد البديع لبريجيت باردو فى فيلمها الأسطورى على شواطىء سان تروييه برماله الذهبية، وبكارته الأولى.
منذ ذلك اليوم عشقت «باردو» قرية الصيادين الفقيرة «سان تروبيه» وسكنتها، حتى إنها صارت أهم عوامل شهرة شواطئ الريفيرا الفرنسية كلها، وعن ذلك تقول «هكذا نجحت مرة فى تغيير شىء، كنت أعرف بالكاد أن هناك فقراء على هذه الأرض، كنت مثل قطعة مجوهرات ثمينة داخل خزانة غالية، لكننى لم أكن إنسانة، وعندما خرجت إلى الحياة تعرفت على الهواء وأصبح صديقى، كما أصبحت الفوضى غرامى، وصار بنطلون الجينز عندى أروع من كل فساتين السواريه الفخمة فى تلك السهرات المخملية، خاصة عندما أرتديه وأنا ألون السماء،
وأكتب بأقدامى قصيدة الحرية على رمال الشاطئ، وصارت دراجتى النارية من ماركة «هارلى دافيدسون» أغلى عندى من الرولزرويس، لذلك كتبت عليها الحروف الأولى من اسمى (ب.ب)، وأشعر بالتميز لأن مصنع الدراجات البخارية الشهير لم يصنع منها سوى عشر نسخ فقط، وهذا يعنى أننى محظوظة أكثر لأن هناك نسخة واحدة فقط من (ب.ب)
فى الحلقة المقبلة: حكاية العرافة التى تنبأت لأبى بشهرة اسم العائلة
الأربعينيات
عندما كانت بريجيت تعود متأخرة بعد التاسعة مساء، كان أبوها يلقى على رأسها من البلكونة كيس نقود، ليظهر عدم رضاه عن سلوكها، ومرة كشف ملابسها وضربها بالعصا على ظهرها أمام صديقها فى إهانة لم تنسها أبدا، كانت بريجيت مثل بنات العائلات فى ذلك الوقت ترتدى قميصا بأزرار مغلقة حتى الرقبة، وأكمام طويلة مزررة، وكان عليها أن تخفض بصرها عندما تتحدث، وتجلس بأدب مضمومة الساقين.
الخمسينيات
كانت فرنسا تحت حكم الرئيس رينيه كوتى، السيدة الأولى كانت شجاعة، خفيفة الظل، أكثر إنشغالا عن الرقص والفن وحرية المرأة بأفكار عملية من نوع: ماهو الوقت الذى يحتاجه لحم العجل لكى يكتمل طهيه؟، وفى شارع لابومب فى باريس كانت السيدة «باردو» تتصل بصديقتها هيلين لازاريف رئيس تحرير مجلة «آل» لتنشر صورة ابنتها المراهقة على الغلاف، لم تكن السيدة باردو تعرف أن ابنتها ستصبح قريبا حلم العالم كله، وأنها ستثير غضب الأحزاب الشيوعية، لأنها سترفع درجة الشبق عند عمال المناجم والسكك الحديدية، بل ولدى رجال فرنسا والعالم أجمع.
كانت معظم السيارات سوداء، ثم ظهر طراز لادوفين الذى أنتجته شركة رينو عام 1956 وصار ثورة جديدة فى الذوق، فى الحانات كانت المفارش الكاروه التقليدية وصرعة الفيتنامينات، وفى المدارس الابتدائية كان التلاميذ يتناولون كوباً مجانياً من اللبن بفضل جهود المناضل الاشتراكى بيير مانديس فرنس.
فرنسا فى ذلك الوقت كانت تستمع لجيلبر بيكو، والفرق الفنية الجوالة، وكان الشباب الثائر يدخن سيجار الجيتان ذى الرائحة النفاذة، والتى قيل عنها تندراً إنها تجعل عمال الصرف الصحى يعودون إلى عملهم سعداء، لأنهم سيشمون هناك رائحة أفضل من رائحة الجيتان، كانت المقاهى الثقافية مزدحمة بأصناف متعددة من المتمردين، والجميع يناقش افتتاحيات المؤرخ والصحفى والمناضل فى المقاومة الفرنسية ذى الشهرة العالمية «جنفيف تابويه»، ويحلمون بالجديد فى التكنولوجيا المتخيلة فى مجلة العلم والحياة الساعة، التليفزيون، التليفون أو السيارة الطائرة التى ستحل مشكلة الركن وكان جان جابان يحكم السينما الفرنسية.
تلاميذ المدرسة الثانوية كانوا يذهبون للمدرسة بالجاكت والكرافت، وفى الفسحة يتناوبون الفرجة على مجلة باريس_هوليوود حيث يشاهدون نساء عرايا أو شبه عرايا ملونين بالبنى الغامق أو الوردى وكانت فرنسا امرأة مغرمة بعطر بورجوا، وارتداء جوارب ستيم، ومشاهدة الفتاة يافعة اسمها بريجيت باردو بطلة فيلم «.. وخلق الله المرأة».. كانت هناك لقطة فوتوغرافية تنتشر فى أنحاء العالم من أقصاه لأدناه لفتاة شقراء تفترش شاطئ الريفيرا عام 1956، وتبدو فى صورة أفروديت عصرية نصفها فى الماء، ونصفها فى الشمس الساطعة، هذه الصورة كانت تكوى الرجال، فقد كان للشقراء ابتسامة تقدم أكثر من وعد، وفم مخلوق للحب، وجسد ينذر باندلاع الصواعق وثورة البراكين، وعندما عرف العالم أنها متزوجة من المخرج روجيه فاديم كرهه الجميع لمجرد أنه زوجها.
كانت الحورية النارية تدير رأسها كقطة غير مبالية، وتضحك بجرأة علنية كأنها تقول للرجال كل الرجال: «انتبهوا.. ولا تغمضوا عيونكم أبدا مادمت هنا».. كان اسمها على كل لسان، الاشتراكيون وعمال المصانع والمناضلون من أجل حقوق البروليتاريا، وأعضاء الجبهة الشعبية كانوا يعشقونها، والطلاب كانوا يغرسون صورها على الجدران أمام عيونهم، ومثقفو الحى اللاتينى كانوا يرددون اسمها عمدا خلال مناقشتهم السياسية،
وأسئلتهم المستعرة: هل الجزائر فرنسية أم لا؟، واعتاد الصحفيون إقحام صورها فى أى مقالة، والبرلمان اشتعل، وذهب النواب كلهم لمشاهدة فيلمها القنبلة «.. وخلق الله المرأة» كانت زوجاتهم غاضبات، لكن ما باليد حيلة، فالحورية انطلقت وهاهو الفردوس بعيد المنال يتجسد أمامهم فى صورة «جولييت هاردى» بطلة الفيلم، الكل يحبها والكل يلعنها، قالوا إنها ممثلة سيئة، وقالوا العكس أيضا، والحقيقة أن بريجيت مثل الطبيعة، تحمل كل المتناقضات، إنها جيدة وسيئة، فى أدائها السينمائى،
وفى شخصيتها الواقعية أيضا، ولكن السينما أحبتها، والكاميرا احتضنتها، والواقع خلدها وجعل منها أسطورة، (ب.ب) لم تخلق للكوميدى فرنسيز، وحذلقات النقاد المتقعرين، لكنها خلقت لتجعل الرجال يحلمون من عمر 7 سنوات إلى عمر 77 بل و177 سنة، لذلك ظلت ملهمة الخيالات، منذ كان المراهقون فى الخمسينيات والستينيات يحتفظون بصورها المنشورة على أغلفة سينما موند، سواء وهى ترقص الباليه، أوترتدى الشورت الساخن، أو الفساتين القطنية، بشعرها المنسدل مثل غجرية لاتعرف الإقامة، ونزهاتها الخلوية بالفيسبا، وابتسامتها العريضة، وجسدها الأنثوى المثير.
الستينيات
بريجيت باردو كانت أكثر شهرة من جميع المشاهير فى جميع المجالات فى الستينيات، عندما كانت تمر فى شارع أو منطقة كانت تغلق، عندما كانت تستلقى على شاطئ فى سان تروبيه كان ذلك يستدعى وجود رجال الشرطة وسيارات الإسعاف، وعندما سافرت إلى إيطاليا لتصوير فيلم «الاحتقار» المأخوذ عن رواية الكاتب الإيطالى الكبير ألبرتو مورافيا، كان خلف كل صخرة عين متلصصة، وفوق كل شجرة يربض أحد مصورى البابارتزى متسلحا بعدسة زووم من أحدث طراز فى ذلك الحين،
لقد كانت باردو خطرا على الزوجات كل الزوجات، ومصدر رعب للأمهات الغارقات فى نموذج العائلة الذى لم يكن قد اندثر بعد مع نهايات الحرب العالمية الثانية، تمثالها حل محل تمثال ماريان فى البلديات، كما ظهر طابع يحمل صورتها وفى شوارع ريو كم من عشاقها كان يردد أغنية داريو مورينو «بريجيت باردو تثير العالم، باردو أصابت الناس بنوع قديم وتجدد من حمى الرغبة، ولونت أعوام الأسود والأبيض».