(1)
بدأت الحكومة بيانها الذي ألقاه رئيسها المهندس شريف إسماعيل أمام مجلس النواب بعبارة اتخذها أوباما شعارا لحملته الانتخابية yes we can الذي قامت بترجمته للعربية بـ«نعم نستطيع»، وكان من الأفضل أن تتخذ لها شعارا مبتكرا، وليس مجرد تقليد وتكرار لسابق، ولكن كما يقولون الجواب بيبان من عنوانه.
بدأ البيان بديباجة لغوية لا تقدم ولا تأخر وحذفها لم يكن ليضر البيان في شىء. صارح رئيس الحكومة النواب بالتحديات التي تواجه البلد، ثم تناول البيان خطة الحكومة في مواجهتها، أعتبرت الحكومة أن الزيادة السكانية التي وصلت إلى 2،6% سنويا من التحديات الكبرى التي تهدد أي تنمية وقدرة على تحسين الخدمات.
(2)
تصفحت بيان الحكومة المكون من 79صفحة والذى نشرته كل المواقع الإخبارية كما وزع عليها بصيغة pdf، وقرأت باهتمام خطة الحكومة بالنسبة للتعليم فأنا من المؤمنين بأن التعليم الجيد هو البداية الحقيقية لأى نهضة مصرية والنجاح في اللحاق بركب التقدم والتنمية، التعليم والبحث العلمى هما وسيلتنا لإيجاد حلول مبتكرة وإبداعية لمشاكلنا المستعصية والمزمنة وليس استيراد تجارب غربية أو شرقية لاتلائم مجتمعنا.
(3)
منذ سنوات نالت ولاية كيرالا الهندية جائزة خاصة من اليونسكو لكونها الولاية الأولى من حيث نسب التعليم في الهند. وتحمل (الولاية المثقفة) لأن نسبة طلاب المدارس والجامعات فيها في ارتفاع مستمر، رغم أنها من أفقر الولايات الهندية. يقال إن اسم «كيرالا» محرف عن العربية وأصلها «خير الله»، سكانها حوالى 40 مليون نسمة يمثل المسلمين ما يقرب من ربعهم. أهم ما يميز الولاية هي انخفاض معدل المواليد مقارنة بالولايات الهندية الأخرى، ويرجع ذلك لارتفاع نسب التعليم التي يتساوى فيها الرجال مع النساء. فالمرأة المتعلمة يصبح لها طموح في حياة أفضل، ولا يصبح هدفها الأول والوحيد الإنجاب ولكن جودة الحياة وتحقيق مستقبل أفضل لأولادها، كما أنها تحرص بدورها على تعليمهم.
(4)
في مصر نتعامل مع الزيادة السكانية باعتبارها ظاهرة منعدمة الصلة بباقى الظواهر الاجتماعية الأخرى، وعلى رأسها التسرب من التعليم الإلزامى، والأمية التي تزيد نسبتها بين النساء في الريف والأحياء الفقيرة.
نكتفى بحملات إعلانية من حين لآخر على طريقة حسنين ومحمدين وأسرة صغيرة سعيدة، وتوزيع وسائل منع الحمل المجانية في المستشفيات والعيادات الحكومية، وهو نفس أسلوب الجمعيات الأهلية العاملة في نفس المجال والتى تحصل على منح خارجية بهدف تحديد النسل، ولم نفكر ولو مرة بمكافحة ظاهرة الزيادة السكانية بالتعليم والتركيز على تعليم النساء على وجه الخصوص.
(5)
قارن بيان الحكومة بين معدلات الزيادة السكانية في مصر، والتى تعد من أعلى النسب على مستوى العالم، ومثيلتها في كوريا والصين، فهى تعادل 8 أضعاف كوريا الجنوبية و4 أضعاف الصين، ولم يذكر التقرير شيئا عن عزم الحكومة على سن تشريعات تساهم في خفض نسب الزيادة السكانية على سبيل المثال لا الحصر: حرمان الطفل الرابع على أكثر تقدير من الخدمات المجانية وعدم ضمه لبطاقة التموين... إلخ، ترك الأمر لاختيار الأفراد ليس بالحل الأمثل، بل يجب أن تكون هناك جرأة في معالجة الزيادة السكانية المرتفعة، والتى تلتهم أي محاولة لتحسين الخدمات، وأن تتقدم الحكومة بتشريعات في هذا المجال لمجلس النواب لإقرارها.
غدا سأستكمل بإذن الله الحديث عن بيان الحكومة حول التعليم الذي جاء مكررا يفتقد الإبداع ولا يتصمن أي أفكار من خارج الصندوق، والتى طالما تحدث عنها الرئيس.