بدايةً لن أعلق على الجدل الذى استمر خلال اليومين الماضيين بشأن حجب بيان الحكومة أم إذاعته. فالأمر البديهى أن البيان يذاع. يُعرض على المواطنين فى شكل بث مباشر. يُنشر فى الصحف. لأن زمن الحجب انتهى. لن يفيد الحكومة حجب الأرقام عن الناس. بل العكس هو الصحيح.
بيان الحكومة حدد المشاكل الرئيسية. حجمها. طبيعتها. خطورتها. اعترف بها. وهذا هو الأهم. لذا أشكر رئيس الوزراء على شجاعته فى ذلك. وأتصور أن البيان يستحق قراءة متأنية رصينة. لحقيقة الموقف الذى نحن بصدده. والذى لخصه المهندس شريف إسماعيل فى كلمته أمام مجلس النواب، قائلاً: «تماماً كمريض بلغت حرارته 40 درجة ثم انخفضت إلى 39 بالعلاج، هناك تحسن ولكنه مازال يحتاج للمزيد من الجهود لتستقر حالته».
أعلنت الحكومة فى بيانها أن البرنامج الذى وضعته بين أيدينا وقدمته للبرلمان سيمتد تنفيذه حتى يونيو 2018. قالت فيه إنها ستوفر 3 ملايين فرصة عمل. بالتأكيد هذه الفرص سيكون محلها القطاع الخاص. فليس لدى الدولة خرم إبرة. بل العكس هو الصحيح. الجهاز الإدارى مكبل بعدد مهول من الموظفين. يصل إلى نحو 7 ملايين موظف حكومى. من ثم فإن توفير 3 ملايين وظيفة مكانها فى القطاع الخاص. هنا مربط الفرس. فما العمل؟ كيف نحقق ذلك، لنساعد الحكومة على تنفيذ برنامجها؟
المفتاح لدى وزارة الاستثمار. تحديداً فى لجنة فض المنازعات. فلا يمكن أن تقنع مستثمراً وطنياً بالتوسع فى أعماله. يستوعب أعداداً جديدة من العاملين. وهو يعانى. أعماله مجمدة. لخلاف مع هيئة ما. فقط لو التزمت لجنة فض المنازعات بأن تبت فى أى مشكلة لأى مستثمر فى فترة لا تتجاوز الشهر فهذا سيؤدى إلى فتح شرايين الاستثمار. للمستثمر القائم والمستثمر القادم. والذى لن يكون إلا مستثمراً مصرياً. حتى يستقر سعر العملة فى مصر. وقد اقتربنا من هذا.
نحتاج إلى حسم هذه الخلافات بين أى مستثمر وجهة الخلاف لتكون على أجندة مجلس الوزراء كل أسبوع. ولاسيما أن كثيراً من هذه المشاكل عالقة منذ سنوات. لا تتحرك ملفاتها خطوة واحدة إلى الأمام. الحكومة لديها البيانات. تعرف الأرقام. تعلم حجم الاستثمارات المعطلة. مدى تأثيرها على مناخ الأعمال. فأبسط نزاع يشل حركة المستثمر. يعرقل دورة العمل. وبالتالى بدلاً من أن نوفر فرص عمل جديدة. نحرم عمالاً من فرص عمل متاحة. لأن المشروعات التى يعملون فيها متوقفة. معطلة. بسبب خلافات من السهل حسمها. إذا كانت هناك إرادة حقيقية.