لست خبيرا أو متخصصا بما يكفى لأقيم محمد صلاح فنيا، سواء وهو يلعب لنادى روما الإيطالى أو منتخب مصر.. لكننى جرنالجى مهموم بمصر وأهلها وكرة القدم التى تختصر دائما ما فى مصر من أحلام وأوهام وجروح وجنون وعجز وانتصار.. وحين أحرز محمد صلاح هدفا لمصر فى مرمى نيجيريا ورأيت فرحة الناس بهذا الهدف وصاحبه.. استعدت فى لحظة حكاية صلاح مع كرة القدم.. الطفل الموهوب كرويا الكثير المعاناة والأحلام والذى نجح أخيرا فى الوصول إلى أوروبا نجما له شهرته ومكانته..
ولست بالتأكيد أملك أى أرقام عن كم محمد صلاح آخر فى مصر.. الذين يولدون ويكبرون ويلعبون ويحلمون ثم لا يتحقق أو يكتمل لهم أى حلم وتروح الموهبة والقدرة ويبقى الحزن النبيل والعميق.. وتزامن ذلك كله مع انفراد صحفى حقيقى وجميل للزميل الرائع وليد فاروق نشره فى العدد الأخير من مجلة الشباب.. فقد نجح وليد فى الوصول للبطل الحقيقى لفيلم الحريف الذى قام ببطولته عادل إمام وكتبه بشير الديك وأخرجه محمد خان عام 1983.. وكان أول فيلم سينمائى مصرى يحترم كرة القدم ويدخل بكاميراته إلى أعماقها وبعض زواياها وواحدة من أجمل حكاياتها.. الكرة الشراب ولعب الشوارع والحوارى والميادين والمواهب الكثيرة التى تولد وتموت فوق أرصفة الصمت واللامبالاة.. وكتب وليد عن الفيلم الذى قام فيه عادل إمام بدور أحد نجوم الرصيف وكرة الشراب فى مصر، حيث الموهبة واضحة وظاهرة لكن كل الأحلام مؤجلة وممنوعة من التحقق..
وكان من المفترض أن يقوم الراحل أحمد زكى بهذا الدور لكن فوجئ به محمد خان وقد حلق شعر رأسه تماما فقرر استبعاده وكان خلافا انتهى بمصالحة وفيلم زوجة رجل مهم.. وأصر أحمد زكى على أن يبدأ الفيلم بصوته وهو يلقى قصيدة لأمينة جاهين عن الناس اللى بتلعب كورة فى الشارع.. وبدأ وليد رحلة البحث عن الحريف الحقيقى.. وقادته الرحلة فى البداية إلى الأراجوز.. أو محيى الدين مهدى.. أحد أشهر وأعظم نجوم الكرة الشراب فى قاهرة الستينيات والسبعينيات.. والذى سبق أن أشاد به الخطيب ولعب أمامه أيضا فى القلعة.. وانتهى به الحال مديرا إداريا فى مركز شباب السيدة زينب..
وعلى الرغم من تأكيد أهالى السيدة أن الأراجوز هو الحريف الحقيقى إلا أن المخرج محمد خان أكد أن الحريف الذى قدمه على الشاشة هو سعيد الحافى أسطورة الكرة الشراب فى العباسية.. الذى رفض اللعب للأهلى لأنهم عرضوا عليه 17 جنيها فى الشهر وهو الذى كان يتقاضى عشرة جنيهات فى كل مباراة شارع.. ولم يعد هناك وقت للحسرة والندم سواء للحافى أو الأراجوز اللذين قال عنهما كبار نجوم الكرة المصرية إنهما كانا يستحقان اللعب فى أوروبا نفسها وليس الأهلى أو الزمالك فقط.. وأنا أشكر الزميل العزيز وليد فاروق على هذا التحقيق الجميل الملىء بالتفاصيل والحكايات.. وأتمنى فتح الأبواب كلها أمام كل أراجوز أو حافى.. وأمام كل وأى محمد صلاح آخر فى مصر.