أصعب شىء أن يلعب الأهلى والزمالك بلا جمهور.. هنا تصبح المباريات أقرب إلى لعب البلاى ستيشن!
وأصعب شىء أن تكون المدرجات خالية، لا حس ولا خبر.. فلا أحد يهتف، ولا أحد حتى يحتج أو يغضب!
الأمر نفسه ينطبق على الحكومة الحالية.. فلا أحد يهتم بالتغيير الوزارى، ولا ينشغل بمن رحل ولا من حضر.. وهى إشارة في منتهى الخطورة.. حالة اللامبالاة أصعب قرار شعبى في مواجهة أي قرار حكومى بالمناسبة!
وقد تابعت ردود الأفعال، وسألت أصدقاء، كانوا ينشغلون بالتكهنات والتحليلات: هل تعرف لماذا بقى الوزير فلان، أو لماذا جاء الوزير عِلان؟.. قال لا أدرى ولا أهتم.. وهنا برزت من جديد فكرة «الظهير الشعبى» للحكومة.. هل هذه الحكومة تتمتع بظهير شعبى؟.. هل «الإجراءات المؤلمة» لها من يقف خلفها ويدعمها، في حال تم إقرار هذه الإجراءات؟.. هل هذه اللقاءات تصنع ظهيراً شعبياً بأى حال؟!
أستطيع أن أقول إنه لا لقاءات الكُتّاب ولا النواب لها أثر، فيما لو اتخذت الحكومة «إجراءات مؤلمة».. وأستطيع أن أقول إن كتلة «دعم الدولة» لا توفر هذا الظهير بالمرة.. وبالتالى أقول إنه من الخطر أن تلعب الحكومة بلا جمهور.. ولو أنها لجأت إلى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، ربما تعرف نسبة الذين يساندون قراراتها حالياً.. العبرة هنا بالشعب، وليست بالإعلام.. الشعب هو من سيتأثر في النهاية!
آخر النواب الذين التقى بهم معالى رئيس الوزراء هم نواب القاهرة.. وأعتقد أنه قد أخذ فرصته كاملة في اللقاءات والدراسات، وبقى عليه أن يبدأ فوراً.. المثير أن أول طلعة قد يكون لها رد فعل «غير محسوب».. أتفهم أنه «يخاطر».. وهذه المخاطرة قد تكلفه كثيراً للأسف.. فالذين تركوا المدرجات ولم يعودوا متفرجين قد يظهرون في لحظة.. الفرجة في حد ذاتها إيجابية.. إخلاء المقاعد شىء مخيف بالمرة!
المهندس شريف إسماعيل صارح النواب والكُتّاب كثيراً بأنه سوف يتخذ إجراءات مؤلمة.. قال ذلك في أول اللقاءات.. ثم ظن البعض أنه نسى أو راح يدرس بعض البدائل.. الآن عادت النغمة في لقاء نواب القاهرة، ما يعنى أن النية مُبيّتة.. المهم ألا تؤثر هذه الإجراءات على معيشة البسطاء.. فقد انتظر الناس شيئاً، لكنهم الآن يتخوفون من القادم، وربما تصبح إحدى أمنياتهم أن يحتفظوا بما هو معهم الآن!
غضب الجمهور أحياناً كان يعكس نوعاً من الاهتمام.. أما صمت الجمهور فسيبقى شيئاً مخيفاً.. فمنذ سنوات قبل الثورة، كنت تجد الناس تناقش التغييرات الوزارية بجدية.. وكنت تجدها مهتمة.. كانت تعرف أسماء الوزراء.. الآن لا يهتمون إلا في الإعلام.. الناس لا تعرف أحداً.. ولا تهتم.. كأن التغيير لم يحدث.. حالة صمت رهيبة ومدرجات خالية لا هتاف ولا غضب ولا احتجاج.. مأساة أن تلعب بلا جمهور!
هل يستطيع الإعلام أن يصنع ظهيراً؟.. وهل يمكن أن يكون بديلاً؟.. هل يستطيع أن يملأ المدرجات الخالية؟.. سنرى!