x

ناجي عبد العزيز نار الحكومة ناجي عبد العزيز الثلاثاء 22-03-2016 21:49


«أن يكون هناك فائض يقارب المليون طن من الأرز المحلى، وتلجأ الحكومة لاستيراده، فهذا إهدار للعملة الصعبة، وعلى الحكومة أن تحاكم نفسها وتكف عن اتهام المستوردين باستيراد الكماليات وسلع الرفاهية».. هكذا بدأ صديقى المستورد حديثه معى.. صديقى المستورد قال: الحكومة بدأت تتعامل بمنطق «أنا فيها لأخفيها» لكنها ستفشل مجددا فى أن تكون تاجرا.. الحكاية كلها أنها علمت أن القطاع الخاص تعاقد على استيراد الأرز تمهيدا لطرحه بالسوق بأسعار تقل عن أسعار تسليمه للمواطنين على بطاقات التموين، وبالتالى سينكشف أمرها، لذا سارعت إلى الاستيراد حتى لا تكشف فشلها، وبدلا من أن تعترف به وتعالجه قررت أن تضحى بالغالى «الدولار» حتى لا تكشف عورتها.. سألته: كيف تعالج الحكومة هذا الفشل؟.. قال إنها عاجزة عن تنظيم السوق ومراقبتها، فهناك فائض كبير من الإنتاج المحلى، ومع ذلك تلجأ للاستيراد بعد أن لاحظت ارتفاعات قياسية لأسعاره فى الداخل، وعليها أن تركز جهدها لتنظيم السوق وإرساء قيم الشفافية والتوازن والمنافسة الحرة العادلة فيه.. عليها أن تتفرغ لهذا الدور فقط دون غيره، عليها أن تجتهد للتعرف على ألاعيب وحيل السوق والمحتكرين، وتضع الإجراءات والتشريعات التى يمكن استخدامها فى مواجهة مثل هذه الظواهر، لا أن «تغرس أصبعها» فى السوق، وإذا أصرت فسيكون مصيرها الخسارة، لأنها لا تملك مرونة اتخاذ القرار وسرعته بنفس الدرجة التى يملكها القطاع الخاص، وأيضا لا تملك احترافيته وخبراته.. صديقى المستورد يشكو تعمد الحكومة تشويه المستوردين والتجار واتهامهم بالجشع، بينما تمارسه بمنطق آخر عندما منعت وحرمت شركاتها «المضارب» من شراء المحصول من الفلاحين، وتركتهم عرضة لتقلبات وأعاصير السوق، ثم اشترت الكيلو بـ320 قرشا من التجار والشركات، وباعته للمواطنين بأربعة وخمسة جنيهات على البطاقات.. بدأت أفكر فى كلام صديقى المستورد.. سألت نفسى عن الأسباب فوجدت الحكومة تتاجر وتتلاعب بالجميع، حتى لو كان المستهلك أو المواطن الذى تزعم أنها تحميه فى كل كبيرة وصغيرة، بينما هى أول من يلتهمه عندما يتعلق الأمر بكشف عيوبها.

قالت الحكومة والسياسيون، قبل عامين، إن جماعة الإخوان المحظورة اشترت مواقف المواطنين السياسية، وابتزتهم بـ«شنطة الزيت والسكر والأرز».. وذهب الإخوان- بغير رجعة إن شاء الله- وبقيت الشنطة بضعة أشهر، ثم بدأت تتلاشى.. صحيح هناك أسباب جديدة، لكن البسطاء لا يعرفونها، وإن سمعوا بها فلن يفهموها.. الحكومة الآن تكرر خطأ تاريخيا سبق ارتكابه فى الستينيات عندما قررت أن تقضى على القطاع الخاص.. هناك فارق بسيط.. فى الستينيات حدث التأميم بشكل صريح.. أما الآن فهناك طرق ملتوية لن تؤدى إلا إلى احتراق الجميع، فالحكومة ستفشل تاجرا أو صانعا، وسيفشل معها القطاع الخاص، لذلك عليها أن تنقى ضميرها، وتغير خطابها ونظرتها للأشياء.. عليها أن تؤدى دورها التنظيمى والرقابى باحترافية وشفافية ورقى حتى لا يحترق الجميع بنار الأسعار.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية