أكتب لكم من فوق الفرقاطة المصرية «تحيا مصر».. أستطيع أن أقول: اطمئنوا عندكم جيش عظيم.. متخافوووش.. فقد شاهدت بعينى ماذا يفعل الرجال فى المناورة البحرية؟.. لم يقل لى أحد، ولم أسمع من أحد، عشت معركة حربية بمعنى الكلمة.. قائد ورجال وذخيرة حية، تزلزل الأرض والجو والبحر.. طائرات وقطع بحرية وأسود تبث الرعب فى القلوب.. ومع ذلك قال الرئيس بصدق: ندافع عن أنفسنا ولا نعتدى!
ضعوا ألف خط تحت كلمة «الذخيرة الحية».. فلا ينبغى أن تمروا عليها مرور الكرام.. فى سنوات سابقة مضت، لم تكن فى المناورات ذخيرة حية.. توقفت الحكاية بعد حادث المنصة الشهير.. معناه أن الجيش جاهز لرد أى عدوان.. ومعناه أن الأبطال يتدربون بجدية، وقد عكست المناورة الروح المعنوية، كما عكست الكفاءة القتالية للوحدات المشاركة.. رسالتهم «نصون أمننا القومى، ونحمى كرامة الوطن»!
كنتُ قد توضأتُ وصليتُ، قبل أن أصعد فوق الفرقاطة.. كنت أشعر فى داخلى بأننى فى مهمة مقدسة.. فالحكاية ليست فُرجة ولا فُسحة أبداً.. هناك رجال لا ينامون.. هناك جنود تشبه الأسود حولنا.. وهنا أحسست بالاطمئنان على مصر.. وأحسست أن الوطن بخير.. كثيرون لا يعرفون ماذا يفعل الجيش.. لا يعرفون أنه فى مهمة مقدسة، سواء على الجبهة، أو وهو مكلف بالخدمة العامة من أجل المواطن!
الحقيقة الساطعة أن الجيش لا يحمى حدود الوطن فقط، ولكنه أيضاً يشارك فى التنمية الشاملة.. هناك رجال حول الرئيس.. عندما يتحدث الرئيس عن المشروعات الوطنية، يكون اللواء كامل الوزير واقفاً «تمام يا فندم».. ليس على الطريقة القديمة «كله تمام»، وإنما «جاهز يا فندم».. وحين يتحدث عن السلع الرئيسية، تجد اللواء محمد أمين «حاضر يافندم».. جاهزون الليل قبل النهار، ولا ينتظرون شكراً!
فى الأيام الماضية، علت أصوات تتحدث عن القلق والخوف.. كم تمنيت لو يأخذهم الرئيس ذات مرة إلى الجبهة.. وكم تمنيت لو دعاهم إلى مناورة «ذات الصوارى».. وكم تمنيت لو رأوا أسود البحرية، فما بالك بنسور الجو وغيرهم؟.. أفرّق هنا طبعاً بين من يخاف على أرضية وطنية، وبين من يريد أن يشكك فى الوطن.. هؤلاء لا يستحقون الرد، ولا يستحقون أن يروا شيئاً.. هؤلاء أجندتهم هدم الوطن!
الحكم لم يعد رفاهية بالمرّة.. ولم يعد أبهة ولا فخفخة.. الحكم الآن أشغال شاقة، لا يقوى عليه غير الرجال.. أقولها بلا تردد.. ولا أذيع سراً إذا قلت إننا حين سافرنا فجراً إلى الإسكندرية كان نصف الفريق الصحفى يغط فى النوم، وحين عُدنا ناموا جميعاً.. بينما واصل الضباط عشرين ساعة، بلا كلل ولا ضجر.. فهل عرفتم أنه أوان الرجال؟.. وهل عرفتم لماذا ننام؟.. الإجابة لأن هناك من يسهر ولا ينام مثلنا!
رأيت رجالاً حول الرئيس.. يعملون بكل الجدية والصبر، ولا تفارقهم الابتسامة.. فعلاً هذا أوان الرجال.. وبتوع الكلام لأ.. وهذا أوان الفعل.. ودعاة اليأس لأ.. فجأة امتلأت بطاقة إيجابية جبارة.. وعدت مطمئناً على وطنى.. كل شىء كان يُشعرنى بالأمل.. ودون أن أشعر كنت أردد: عظيمة يا مصر.. تحيا مصر!