حصلت «المصرى اليوم» على التفاصيل الكاملة لتحقيقات نيابة حوادث جنوب الجيزة، مع «م. ف»، مهندس مدنى، تقدم بشهادته للنيابة، باعتباره شاهد مشادة للباحث الإيطالى جوليو ريجينى مع شخص أجنبى، أمام مقر القنصلية الإيطالية، الذي عُثر على جثته بطريق «مصر– الإسكندرية» الصحراوى، 3 فبراير الماضي، قبل اختفائه 25 يناير الماضي.
وكشف تحقيقات النيابة أن «ف» أدلى بشهادة مزورة في 13 مارس الجاري بأنه رأى «ريجيني»، يوم 24 يناير الماضى، قبل اختفائه بيوم واحد، يشتبك مع صديق له أمام مقر القنصلية الإيطالية بمنطقة ظهر الجمال، بوسط البلد في القاهرة، وكان صوتهما مرتفعًا، وكادت المشادة تتطور إلى اشتباك بالأيدى.
وأفادت التحقيقات بأنه بسؤال الشاهد عن كيفية معرفته بـ«ريجيني»، الذي كان يستكمل دراساته العليا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عن «حركة النقابات العمالية والمستقلة»، فأكد أنه رأى صوره المنشورة في وسائل الإعلام، مشيرًا إلى أنه يوم واقعة المشادة كان يرتدى «تيشرت» أخضر اللون، وهو الذي كان يرتديه في صورة شهيرة له.
وأكدت التحقيقات أن الشاهد لم يستطع التعرف على هوية الشخص الأجنبى الذي قال إنه تحدث مع «جوليو» باللغة الإيطالية، كما أنه لم تُعرض عليه صور للتعرف على هوية صديق الباحث الإيطالى.
وذكرت التحقيقات أن الشاهد «ف» حضر للنيابة بنفسه للإدلاء بشهادته، ولم يُحرر بأقواله أي محاضر سواء بأقسام الشرطة أو قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية قبل سماع شهادته بالنيابة، عكس ما ذكرته مصادر أمنية بأن الشاهد اصطحبه ضابط بالأمن الوطني لسراي النيابة للإدلاء بأقواله.
وأوضحت التحقيقات أنه بناءً على أقوال «ف» خاطبت النيابة مكتب التعاون الدولى للنائب العام لطلب تفريغ كاميرات سور القنصلية الإيطالية لبيان التقاطها صورًا لتلك المشاجرة التي زعمها الشاهد من عدمه، وفجرت التحقيقات مفاجأة عندما وردت إلى النيابة إفادة إحدى شركات الاتصالات ببيان تحركات الشاهد يوم 24 يناير الماضى، وتحديد نطاق تواجده الجعرافى، وتبين أنه كان في مدينة 6 أكتوبر محل سكنه، ولم يتحرك منه.
وبعد يوم من إدلاء الشاهد بأقواله أمام النيابة، ظهر بأحد البرامج التليفزيونية، وأدلى بشهادة مغايرة عن تلك التي أدلى بها أمام النيابة، وحدد أماكن مشاجرة «ريجيني» وصديقه، فاستدعته النيابة، الإثنين، واصطحبته إلى مكان القنصلية لإجراء معاينة تصويرية إلا أنّه أدلى بأقوال متضاربة عن المكان.
وأعادت النيابة استجواب «ف» عن شهادته، وواجهته بكذب روايته بأنه شاهد الباحث الإيطالى وشخصًا أجنبياً يوم 24 يناير الماضى، لتواجده بمحل سكنه وفقًا لبيان تحركاته، فقال «أنا مش فاكر واقعة المشادة كانت يوم إيه بالضبط، إلا أنها حدثت»، مضيفًا «المشاجرة كانت حوالى الساعة 5 مساءً إلى 7 مساءً»، فعاجلته النيابة بسؤاله عن تحديد يوم الواقعة، فأكد أنه لم يستطع تحديده، وأمرت بصرف من سراياها مؤقتًا، دون توجيه أي اتهامات.
وشدّدت مصادر قضائية أن الشاهد لم يُوجه إليه اتهام بالإدلاء بشهادة زور وتضليل العدالة، كونه شاهدًا تحتمل شهادته الصدق والكذب، وفى كل الأحوال لم يعتد بشهادته تلك بأوراق التحقيقات، مشيرة إلى أن المحكمة فقط هي التي تستطيع توجيه اتهام لأى شاهد بتضليلها حال ثبوت كذبه.
وفى السياق نفسه، علمت «المصرى اليوم» أن ما أدلى به الشاهد «ف» من أقوال، كان محور نقاش بين المستشار نبيل صادق، النائب العام، وفريق تحقيقات نيابة الحوادث، مع المدعى العام في روما جوزينى بيناتونى، ومساعده سيرجيو كولا، الذي وصل القاهرة، الإثنين الماضى، للاطلاع على سير التحقيقات، وأكد فريق النيابة للجانب الإيطالى أن تلك الشهادة لا تزال محل فحص.
وكشفت مصادر قضائية حضرت الاجتماع أن الجانب الإيطالى أبدى استعداده التام لمساعدة الجانب المصرى، وطلب الأخير استدعاء أصدقاء «ريجيني» الذين غادروا البلاد فور العثور على جثته، فأكد المدعى العام الإيطالى أنه سيتم استدعاؤهم جميعًا في روما، وسيتم الاستماع لأقوالهم تفصيلاً وإيفاد النيابة العامة المصرية بها في غضون أسبوعين على الأكثر، وذلك عن طريق مكتب التعاون الدولى التابع للنائب العام، فضلاً عن تفريغ رسائل الباحث الإيطالى على الإيميل الإلكتروني الخاص به، وحسابه على موقع «فيسبوك».
وأوضحت المصادر أن الطرفين «المصرى– الإيطالى» أبديا تعاونا لتبادل المعلومات، واتفقا على عقد لقاء بين الشرطة المصرية، ومحققى الشرطة الإيطالية في روما، خلال الأيام المقبلة.
وأشارت المصادر إلى أن المدعى العام الإيطالى أكد لفريق النيابة أن هناك ضغوطًا شعبية عليهم لطمأنة الرأى العام في روما عن قضية «جوليو»، ولكنهم يقدرون ما بُذل من جهود حتى الآن، بعدما اطلعوا على ما ورد بالتحقيقات، من نتائج تقرير الطب الشرعى بشأن سبب وفاة الباحث الإيطالى، وحياديته.
ولفتت المصادر إلى أن تقرير الطب الشرعى لم يستطع تحديد وفاة «ريجيني» قبل العثور على جثته بساعات أو أيام، ولكن التقرير أفاد بوجود آثار لتعذيب شديد للغاية على الجثة.
وتستعجل النيابة تحريات المباحث الجنائية بمديرية أمن الجيزة، وقطاعي الأمن العام والأمن الوطنى بوزارة الداخلية لكشف ملابسات الواقعة، وهوية الجاني.