لا أعرف ما إذا كان الرئيس يستعرض تقارير تلخص له بشكل دورى أهم ما يُنشر فى وسائل الإعلام، لكننى أفهم الآن أنه يتابع تلك الوسائل بنفسه، وربما يقرأ مقالات معينة، أو يشاهد برامج محددة.
أنا أدرك أيضاً أنه يشاهد بعض تلك البرامج التى تحفل بالأصوات العالية ولا تخلو من المشادات والشتائم، وقد يعوقه هذا عن التزود بمحتوى جاد وموضوعى، لا يأتى إلا من خلال ممارسات إعلامية أكثر انضباطاً ورشداً.
ومع ذلك فسأفترض أن الرئيس يحظى بخدمة مميزة، تجمع، وتصنف، وتحلل، وتقارن، وتلخص، وتعرض عليه، فى تقرير واف، أهم ما يُنشر ويُذاع فى وسائل الإعلام المصرية.
وفى هذا الصدد، فإن التقرير المفترض الذى سيوضع أمام الرئيس اليوم، ليلخص له أهم ما تم نشره خلال الأسبوع الماضى، سيكون بعنوان «خطر».
ولأن التقرير يقوم بعملية مقارنة بين أهم ما يُنشر فى وسائل الإعلام خلال الأسبوع الأخير والأسابيع التى تسبقه، فإن نتيجة المقارنة ستبرر العنوان.
يقول التقرير المفترض فى مقدمته: «زادت حدة الانتقادات للحكم، وهيمنت الأخبار السلبية على المساحات فى معظم الصحف والفضائيات».
ويضيف التقرير المفترض ملاحظة فى غاية الذكاء: «المقالات الأكثر قراءة هى المقالات التى تنتقد الرئيس وأسلوب الحكم، إذ يبدو أن المزاج العام يتجه بقوة نحو قراءة مثل تلك المقالات. لم يعد بوسع المؤيدين، مهما كانوا موهوبين، أن يقنعوا الجمهور أو أن يحظوا بمعدلات الرواج السابقة».
يوضح التقرير أيضاً أن «عتاة المؤيدين فقدوا معظم الاعتبار، والكثير من الشعبية، وباتوا بلا ذرائع. لا يوجد تأييد مطلق، ولا دعم قوى مفتوح للنظام. حتى هؤلاء المتفانين المخلصين أخذوا خطوة إلى الوراء».
وفى جزء مخصص لأهم الأقوال والكتابات، ينقل التقرير عن عبدالله السناوى، فى «الشروق»، 8 مارس، قوله: «كسيارة مندفعة تعطلت كوابحها تبدو مصر أمام لحظة حرجة جديدة فى تاريخها الحديث»، وقوله: «هناك انكشاف يتمدد من أبسط تفاصيل الحياة إلى أعقد ملفات الأمن القومى، وفى هذه الأحوال الخطرة لا يمكن استبعاد أى سيناريو مهما كانت قسوته».
وينقل التقرير عن عمرو الشوبكى، فى «المصرى اليوم»، 9 مارس، قوله: «ربما لم تشهد مصر على مدار تاريخها المعاصر واقعاً سياسياً شبيها بالذى تمر به الآن»، و«الحقيقة ليس لدينا نظام سياسى بالمعنى المتعارف عليه فى النظم الشمولية الناجحة، ولا بالطبع النظم الديمقراطية، وكل ما يقوله الحكم عن التنمية والإنجاز نرى عكسه فى الإعلام والممارسة العملية».
ولا يتوقف التقرير عند ذلك الحد، لكنه ينقل عن سيد حجاب، قوله، فى حوار مع «المصرى اليوم»، 11 مارس: «لا أتمنى ولا أحد يتمنى أن تنفجر ثورة ثالثة قريباً، لكن طالما أن النظام يسلك نفس المسار الخاطئ، بدون وجود رؤية للمستقبل، وباستمرار الاعتداء على الدستور والشباب، وإقرار الأمن مقابل الحقوق والحريات، سيؤدى هذا كله إلى اضطراب اجتماعى وثورة، والغبى من يكرر نفس التجربة متوقعاً نتائج مختلفة».
وينقل التقرير أيضاً عن محمد أبوالغار، فى «المصرى اليوم»، 7 مارس، جزءاً من مقال عنوانه «حزين عليك يا وطنى»، يقول فيه: «فعلاً أنا يائس من عمل أى شىء لهذا البلد الجميل، الذى آراه ينهار أمامى، ولا أستطيع أن أفعل شيئاً».
سيضيف التقرير ملاحظة مهمة، يقول فيها للرئيس: إن الكُتّاب الأربعة السابق ذكرهم ليسوا الأكثر حدة فى الانتقاد، ولا الأكثر غرقاً فى التشاؤم، ولكن كلامهم يجب أن يؤخذ على محمل الجد، لأنهم من المؤمنين بـ«30 يونيو»، والمؤيدين للنظام، ومن أصحاب السوية النظيفة والمكانة المحترمة والاعتبار والنظر.
ولأن التقرير المفترض يُعد بواسطة محترفين متخصصين، فسيختم بنصيحة تقول: «من العبث تصور أن هذا التوافق على توصيف خطورة الحالة الراهنة عشوائى»، و«من الغباء تجاهل أن شعوراً باليأس والانسداد بدأ يهيمن»، و«من الحماقة اعتبار أن حل ذلك الإشكال يمكن أن يكون عبر الكلام فى الإعلام، أو سياسات الحجب والمنع والقمع».