x

عبد الناصر سلامة خلط الأوراق.. والانحدار العربى عبد الناصر سلامة الجمعة 11-03-2016 21:27


صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية نقلت عن ملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى، قوله- حين التقى حاخاما يهوديا فى المنامة: «إن إسرائيل قادرة، ليس على الدفاع عن نفسها فحسب، بل عن الدول العربية المعتدلة، وإن دول الخليج تدرك الآن أن إسرائيل حليف ضد إيران، وقادرة على إرساء الاستقرار فى المنطقة»!.

من جهته، قال الحاخام «مارك شناير» إن «ابن خليفة» شدد خلال اللقاء على أن مسألة فتح قنوات دبلوماسية بين بعض الدول العربية وإسرائيل هى مسألة وقت فقط، معتبراً أن العداوة التى تكنها الدول الخليجية وإسرائيل تجاه حزب الله ورعاته الإيرانيين- على حد قوله- يجب أن تُستغل كفرصة لإنشاء تحالف مع هذه البلدان، التى كانت معادية فى السابق للدولة اليهودية.

قبل ذلك فى برنامج تليفزيونى، قال ضاحى خلفان، قائد شرطة دبى السابق، وذائع الصيت فى التوترات العربية: «ليست لدينا مشاكل مع إسرائيل، مشاكلنا مع الإخوان فقط»، أنباء كثيرة تواترت عن لقاءات إسرائيلية مع معظم العواصم العربية، سواء خليجية، أو مغاربية، أو حتى مع دول المشرق، وغيرها من المعلومات المخجلة، التى إن دلت فإنما تدل على أن مرحلة الارتباك العربى قد تعدَّت خلط الأوراق إلى انحدار وتردٍّ كبيرين، لم يعد هؤلاء وأولئك يستطيعون التمييز بين ما يجوز وما لا يجوز، بين الثوابت والمتغيرات، بين العدو التاريخى والخلافات الطارئة.

إذا كانت الدنيا هاجت وماجت، حين التقى نائب فى البرلمان بسفير إسرائيل، فماذا يمكننا أن نفعل بقيادات على هذا المستوى أو ذاك، ماذا يمكن أن نفعل مع الحكام، أهو توجه عربى مشترك، أهو شرود من بعض العواصم لسبب أو لآخر، أهى الإملاءات الخارجية، أم هى الاستغاثة بالعدو فى مواجهة الشعوب؟!، بالتأكيد سوف يقف المواطن العربى مشدوهاً، حين يسمع هذا التصريح أو ذاك، أو حين يرى هذا اللقاء أو ذاك، سوف يتذكر على الفور أولئك المستجيرين بالنار من الرمضاء.

الحكام العرب أصبحوا يدركون أن هناك أطماعاً إيرانية أو إخوانية فى المنطقة، إلا أنه لا توجد أطماع إسرائيلية، أصبحوا على يقين أن إسرائيل الدولة الصديقة سوف تدافع عنهم، فى مواجهة إيران الدولة العدو، أصبحوا على قناعة بأن إسرائيل دولة سلام واستقرار فى المنطقة، إلا أن إيران دولة احتلال، كما حزب الله منظمة إرهابية.

يبدو أن الأحوال قد تبدلت بين عشية وضحاها، الأرض غير الأرض، والسمٰوات، ولِمَ لا؟، أموال النفط العربى تُموِّل قتل الأشقاء فى اليمن، المتطوعون العرب يقاتلون بعضهم بعضاً فى سوريا، الأشقاء على الأرض الليبية لا يعرفون مَن يقتل مَن، على الأراضى العراقية القتل للهوية صباح مساء، الأزمة تتفاقم فى تونس، محلك سر فى لبنان، رائحة الدم لا تغيب عن سيناء.

لن نتعجب إذن حينما نسمع أو نرى مثل تلك الترهات، هو الانحدار بعينه، قد تكون هناك خلافات مع إيران، وقد تكون هناك أزمات مع حزب الله، وقد تكون هناك تصفية حسابات من نوع ما مع سوريا، وقد تكون النفوس بها ما بها من الإخوان، إلا أن إسرائيل أيها السادة تبقى إسرائيل، تظل العدو التاريخى للعرب، هى النبت الشيطانى فى المنطقة، هى دولة الاحتلال، مازالت القدس محتلة، مازال «الأقصى» أسيراً، ما زالت كل فلسطين تحت السيادة الإسرائيلية، مازالت العقيدة الصهيونية كما هى لم تتبدل، من النيل إلى الفرات.

الذى تغير هو نحن العرب وليس إسرائيل التى قتلت، ومازالت تقتل بصفة يومية، إسرائيل التى تموِّل السدود فى القارة الأفريقية للانتقام من شعب مصر، التى موَّلت الحرب فى جنوب السودان حتى حدث الانفصال، التى تموِّل جميع الفصائل فى سوريا بالسلاح، التى تعبث فى شمال وجنوب العراق، التى تتغلغل فى الأوساط السياسية والمسلحة اللبنانية، هى نفسها التى لن تهدأ حتى تحقق أطماعها فى منطقة الخليج، الحقوق التاريخية لليهود كما تزعم، من مكة حتى المدينة، ومن البحرين حتى اليمن.

لا أدرى فى أى كتاب، أو أى قاموس، أو تحت أى استراتيجيات عبقرية عثر العرب على ذلك الاكتشاف الرهيب، أن إسرائيل دولة حماية، دولة علاقات دبلوماسية، دولة سلام واستقرار فى المنطقة.

إنه الانحدار فى أبشع صوره، خلط الأوراق فى أسوأ مراحله، لنغير ما بأنفسنا أيها السادة، قد يغير الله ما بنا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية