x

إبراهيم البحراوي د. زيدان ومردخاى..إليكما المستندات التاريخية لعروبة القدس «٢-٣» إبراهيم البحراوي الخميس 10-03-2016 21:28


لقد بينت لكما يا د. مردخاى كيدار ود. يوسف زيدان فى الجزء الأول، المنشور بالأمس، ما يلى: أولاً إن حق الملكية التاريخى الأصلى للقدس هو لنا، باعتبارنا ورثة العرب اليبوسيين الذين أسسوا القدس منذ أكثر من أربعة آلاف سنة، أى قبل غزو داود للمدينة فى القرن العاشر قبل الميلاد بألف سنة على الأقل، وهو ما يبطل ادعاءك يا د. كيدار بأن بنى إسرائيل أصحاب الحق التاريخى، بحجة مرور ثلاثة آلاف سنة على غزو داود للمدينة. ثانياً إن العرب اليبوسيين حافظوا على وجودهم بالمدينة حتى بعد غزو داود لها، وإنهم مازالوا يعيشون فيها، وإنهم يمثلون النواة السلالية الرئيسية للشعب الفلسطينى التى اندمجت فى بوتقته وحدات من كل الأقوام التى دخلت فلسطين بالهجرة أو الغزو، بدءاً من بنى إسرائيل ومن تلاهم. ودعونا الآن ننتقل للنقطة التالية:

أقول لك يا د. كيدار إن عليك أن تفهم أن الشعب العربى الفلسطينى القائم اليوم أمامك وتحت الاحتلال هو تجسيد لخلاصة التطور السلالى والحضارى على الأرض الفلسطينية تماما مثل الشعب المصرى الذى تندمج فى سبيكته السلالية ذات النواة الأساسية الفرعونية وحدات من كل الأقوام التى عبرت على مصر واستقرت بها على مر التاريخ وصولا للعثمانيين والأوروبيين فى العصور الحديثة، بدءا من بنى إسرائيل الذين جاءوا مع يوسف فى العصور القديمة وأيضا بنى إسرائيل الذين فر معظمهم لمصر والعراق والجزيرة العربية وشمال أفريقيا وانصهروا فى البوتقة الحضارية لهذه البلدان عندما بطش بهم الرومان على يد تيتوس عام ٧٠ ميلادية. أنظر يا مردخاى إلى ملامح الفلسطينيين والمصريين لتفهم ما أقول، حيث ستجد فيها آثار كل السلالات المذكورة. خلاصة الدرس التاريخى أيها الدكتور مردخاى كيدار ويا د. يوسف- من تنقل عنه خزعبلاته- أن الشعب العربى الفلسطينى اليوم فى القدس وسائر فلسطين يمثل سبيكة بشرية نواتها الأولى العرب اليبوسيون وسائر القبائل الكنعانية وهذه السبيكة البشرية هى المالك التاريخى لفلسطين والقدس العربية مثلما أن السبيكة البشرية المصرية اليوم هى المالك التاريخى لمصر والمجسد لتاريخها السلالى والحضارى.

٣- إن الغزوة الصهيونية التى تعرض لها شعبنا العربى الفلسطينى فى العصر الحديث جاءت من يهود أوروبا الذين لا تربطهم أى صلة سلالية مع بنى إسرائيل القدماء وهى حقيقة يؤيدها بالوثائق التاريخية المؤرخ الإسرائيلى شلومو ساند فى كتابه الذى يحمل عنوان (اختراع الشعب اليهودى). إنه يبين فيه أن يهود أوروبا الذين قادوا الحركة الصهيونية إلى غزو فلسطين ينحدرون من قبيلة ومملكة الخزر الأوروبية والتى اعتنق ملكها الديانة اليهودية فى القرن العاشر الميلادى كما تدل ملامحهم الأوروبية عليهم وتعرضوا للتشريد فى أنحاء أوروبا وهؤلاء هم الذين عاشوا فى الجيتو وتعرضوا لاضطهاد الأوروبيين المسيحيين لقرون فبحثوا عن الخلاص من المذابح والقهر الأوروبى فى فكرة الانتساب إلى بنى إسرائيل الأصليين وادعوا انتسابهم إليهم من ناحية العرق ليطلقوا ادعاء آخر بأنهم ورثة بنى إسرائيل وأنهم أصحاب حق تاريخى فى القدس وفلسطين يرجع إلى مملكة داوود منذ ثلاثة آلاف سنة كما يردد مردخاى. بالتالى أقول لك يا مردخاى إن ما تقوله يمثل تزييفا للتاريخ ذلك أن عمر وجودكم كصهاينة أوروبيين فى فلسطين لم يكمل بعد ثمانية وستين عاما منذ عام ١٩٤٨.

٤- ما رأيك مردخاى كيدار أن نطبق منطقك المختل عندما تدعى الملكية التاريخية للقدس، على الوجود المصرى القديم فى القدس. لقد كان الوجود المصرى حاضرا فى القدس بجيوشه وباسم التاج الفرعونى قبل مملكة داوود بقرون. فما رأيك أن ندعى بدورنا أن حق الملكية التاريخى للقدس هو لنا كمصريين معاصرين بصفتنا ورثة المصريين القدماء. لقد بسط أجدادنا الفراعنة سيطرتهم على القدس وغيرها من المدن الآسيوية وهى السيطرة التى ارتضاها ملوك القدس العرب اليبوسيين لينعموا بحماية مصر لهم من غارات البدو والغجر)خلال القرنين الخامس عشر والرابع عشر كما يرد فى رسائل تل العمارنة. لقد كان اسم القدس فى تلك الرسائل الأثرية (أورشليم ) وهو الاسم الذى سرقه بنو إسرائيل بعد احتلال داوود للمدينة. هذا بينما كان أول اسم أطلقه عليها من أنشأها من اليبوسيين (يبوس) كما أطلق عليها اليبوسيون الأوائل اسم الحصن الذى بنوه على جبل صهيون (كما تقول د. منى ناظم فى بحوثها) وهو الاسم الذى سرقته أيضا الحركة الصهيونية فى القرن التاسع عشر تحت قيادة هرتزل وكذلك كانت تسمى قبل ظهور بنى إسرائيل أور سالم وشليم وقديش حسبما ورد فى تاريخ المؤرخ اليونانى هيرودوت. سنأخذ يا دكتور مردخاى مثالا من رسائل تل العمارنة التاريخية لتعلم أن الوجود المصرى كان أقدم فى القدس من وجود بنى إسرائيل فيها حينما كان أجدادك كما تقول التوراة خاضعين للعبودية فى مصر وظلوا فى هذه العبودية حتى القرن الثانى عشر قبل الميلاد كما يقول علماء التاريخ القديم. ستجد يا مردخاى فى لوحات تل العمارنة أنه قبل ظهور داوود بقرون أن ملك القدس العربى اليبوسى عبد خيبا (ولاحظ اسمه العربى) يكتب عدة رسائل إلى ملك مصر أمنوفيس الثالث الذى حكم بين عامى ١٤١١ و١٣٧٥ قبل الميلاد وهو والد الملك الشهير إخناتون. وقد قام عالم الآثار المتخصص فى حضارة الشرق القديم جيمس. ب. بريتشارد فى كتابه (نصوص الشرق الأدنى القديم) بتقديم هذه الرسائل مترجمة للغة الإنجليزية وترجمها عنه الدكتور عبدالحميد زايد بكتابه (القدس الخالدة) إلى اللغة العربية. يقول ملك القدس العربى اليبوسى عبد خيبا فى الرسالة المرقمة برقم ٢٨٦ مخاطبا الملك المصرى أمنوفيس الثالث وهو يدافع عن نفسه ضد وشايات الكارهين ويطلب دعما عسكريا مصريا: (سيدى هذا عبد خيبا خادمك اسجد تحت أقدام سيدى الملك سبع مرات. لقد لامونى أمامك سيدى قائلين. لقد ثار عبد خيبا على الملك سيده، أما أنا فأعترف من جانبى أن الذى أجلسنى على عرش أورشليم لم يكن أبى ولا أمى ولكنه سلاح الملك القوى. لقد تمردت كل بلاد الملك فهذا (المليكو) حاكم مدينة جزر كان سببا فى فقدان كل أملاك الملك.. لذلك ليت سيدى الملك يبعث إلينا بوحدات من رماة السهام وإذا وصلت هذه الوحدات هذه السنة فإن أرض الملك سوف تبقى. دون أن يمسها سوء ولكن إذا لم تكن لدينا رماة سهام فإن أرض الملك ستضيع. أرجو أن يتمعن د. مردخاى فى الرسالة السابقة التى يرجع تاريخها إلى ما قبل ظهور داوود بقرون ليعلم أن القدس كانت مملوكة للعرب اليبوسيين ومحمية مصرية فى نفس الوقت. ولتأكيد هذا المعنى فلنأخذ جزءا من الرسالة رقم ٢٨٧ التى يقول فيها ملك القدس اليبوسى العربى عبد خيبا مخاطبا ملك مصر (لقد وضع الملك اسمه على أرض أورشليم إلى الآن حتى إننى لا يمكننى ترك أرض أورشليم).

٥- يعلم د. مردخاى أن عملية تزييف تاريخ القدس التى يقوم بها هى جزء من حملة أوسع وأقدم تبنى على محاولات صهيونية أخرى قام بها أكاديميون يهود صهاينة مثل صمويل إبرامسكى الذى يدعى بدون أى دليل أن الكنعانيين واليبوسيين هم من نسل الحتيين الهندو أوروبيين (أى مثل الإيرانيين والأوروبيين) وليسوا من الشعوب السامية القادمة من شبه الجزيرة العربية فى موجات متعاقبة. من الواضح أن محاولة صمويل وأمثاله تهدف لنفى عروبة القدس وذلك بتزييف تاريخ العرب اليبوسيين والادعاء أنهم ليسوا عربا ساميين. لقد كانوا فى الحقيقة كما قلنا من قبل إحدى قبائل العرب الكنعانيين الذين هاجروا من شبه الجزيرة العربية منذ أكثر من أربعة آلاف سنة والذين تشهد على أصلهم الجغرافى العربى لغتهم السامية الشقيقة التوأم للغة العربية.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية