شوف بقى يا حمادة، إطعن كيفما شئت فى برلمان مبارك على وزراء مبارك على سنين مبارك كلهم فى بعض، لكنك لا تستطيع أن تنكر أن برلمان مبارك كان كله أسطوات، وأن وزراء مبارك كانوا صنايعية، وربما لشدة إدراكهم بكفاءتهم فسدوا!..
لكنك فى المجمل عندما تنظر لبرلماننا الحالى ولا مؤاخذة وزرائنا فلابد أن تشعر أنه إيش جاب لجاب!.. لن أتوقف أمام هل توفيق عكاشة يستحق أم لا يستحق فصله من البرلمان، فأنا أؤمن بأن الظفر ما يطلعش من اللحم، ومسير «اللى قلبوا عليه» هيحتاجوه تانى، لكنى سأتوقف بشدة أمام هذا العبث القانونى الذى مارسه البرلمان والذى كشف بوضوح عن جهل غالبية أعضائه بالقانون بمن فيهم رئيس المجلس نفسه!..
يجدر هنا أيضا أن نتوقف ونقارن الدكتور فتحى سرور بالدكتور على عبدالعال ونقول إيش جاب لجاب بالفم المليان!.. كنت أظن أن المشكلة الوحيدة فى أداء الدكتور على عبدالعال هى ضعفه الشديد فى اللغة العربية، لكنى اكتشفت أنه ربما يكون أيضا ضعيفا فى القانون وفى السياسة وفى الثبات الانفعالى.. يعنى تقدر تقول كده إنه صفر عربى وصفر حساب وصفر علم نفس إلخ إلخ..
أعتقد أيضا أن غالبية أعضاء البرلمان يشاركونه هذا الضعف، فتحول موضوع فصل عكاشة لتصفية حسابات قديمة فى نفوس بعضهم، لهذا تم تجاهل تقرير اللجنة التى أوصت فقط بحرمانه من دورة برلمانية، متجاهلين أن اللائحة تنص على تدرج العقاب!..
فى النهاية كان التصويت على الفصل مهزلة قانونية زادها هزلا تلك التصريحات الساذجة التى أطلقها رئيس البرلمان بأن الفصل لا علاقة له بمقابلة عكاشة للسفير الإسرائيلى!!..
كأن تصريحه سيصدقه أحد!!..فى المهزلة العكاشية البرلمانية، اجتمع كارهينه من أنصار ثورة يناير على شلة زكى قدرة فى سابقة تاريخية لن تتكرر متظللين برعاية رئيس مجلس يضرب بالقانون عرض الحائط من أجل الرضا السامى!..
جميعهم أعطوا فرصة لوضع مصر فى خانة اليك أمام الدول الكبرى التى لا هم لها إلا أمن إسرائيل، بينما كان من الممكن تفويت تلك الفرصة، وكان يكفى القضايا التى رفعت ضد عكاشة، والتى سيخسر معظمها لثبوت إدانته على الملأ مما سيترتب عليه فصله من المجلس طبقا للقانون! لكن نقول إيه بقى فى محدثين السياسة!..
نيجى بقى لواقعة الصحفية المهزلة التى أٌرسلت لتغطية حفل الأوسكار على أساس أنها الفيرست إيجيبشيان مينا موحد القطرين!..
ولن أقول هنا إن العيب على من أرسلها، فهو غالبا بالنسبة لإتقانه الشخصى للغة الإنجليزية كان يعتقد أنها لهلوبة فى الإنجليزى، ولهذا قام بإرسالها، ولن أقول أيضا أين كانت أو أين كان مديرها من ضرورة المذاكرة لإعداد السؤال المناسب، لكنى سأقول إن ما صدر من تلك الصحفية يمثل حقيقة الغالبية العظمى لصحفيين هذه الأيام!.. جميعهم ترحموا على هيكل، بل إن منهم من كان نعيم الدنيا بالنسبة له أن يجلس عند أقدام هيكل، بل لا تستبعد أن منهم الآن من يظن أنه سيكون خليفة هيكل، رغم أن لا أحد منهم اشتغل على نفسه مثلما فعل هيكل!..
غالبية المتصدرين للمشهد الصحفى الآن تجدهم لا يعرفون الإنجليزية.. ربما يعرفون بعض الكلمات طشاش مما لقطوه من مذاكرة أولادهم بالمدارس الدولية، أما هيكل فرغم نشأته فى حى شعبى وتخرجه من مدرسة حكومية إلا أنه اشتغل على نفسه، وسعى لدراسة وإتقان اللغة الإنجليزية لدرجة أهلته لأن يصبح مراسلا لجريدة ناطقة بالإنجليزية وهو فى العشرينيات من عمره!..
بعد الإنجليزية تعلم الفرنسية والإيطالية فاستطاع كسر حاجز اللغة مما مكنه من عقد صداقات مع شخصيات عالمية والحصول على وثائق هامة أو سرية.. معظم الصحفيين الآن همهم كنز المال، طيب وهل هيكل يعنى كان فقرى؟..
بالعكس، فكسره حاجز اللغة فتح له مغارة على بابا.. ليس حاجز اللغة فقط الذى كسره هيكل، بل إنه اشتغل على نفسه أيضا بتعلم الإتيكيت والتقاط العادات الراقية من الشخصيات الرفيعة التى تقاطع معها فى مشوار حياته، أما صحفيين هذه الأيام، فتجدهم رغم الغنى الفاحش لسه بعبلهم!..
ولن أتحدث بقى على نهم هيكل للقراءة والمذاكرة الذى يفتقده معظم الصحفيين الحاليين.. قد يكون الصحفيون المعاصرون جمعوا أموالا فى سن مبكرة لم يجمعها هيكل عندما كان فى سنهم لكن الأكيد أن جميع أسمائهم ستنسى بمجرد وفاتهم، بينما سيظل هيكل خالدا رغم رحيله، وسنظل نتذكره ونرى من يعتقدون أنهم ورثته فنضرب كفا بكف وحذاء بحذاء وشراب بشراب ونقول إيش جاب لجاب!