x

أنيسة عصام حسونة هل «المعارضة» كلمة سيئة السمعة؟ أنيسة عصام حسونة الأربعاء 02-03-2016 22:00


تكاد تجربتى النيابية الحديثة تتم شهرها الثانى تحت قبة مجلس النواب الموقّر وبين أحداث الجلسات الطويلة المتلاحقة المليئة بالمناقشات والمشاحنات والاختلافات والتوافقات والتربيطات تحرك الأمور نحو الأمام بجهود حثيثة لإنجاز المهام الجسيمة الملقاة على عاتق النائبات والنواب في ضوء الآمال العريضة المعقودة على أداء المجلس الجديد، وفى أثناء ذلك كله لاحظت في هذا المجلس، الذي تم انتخابه بعد ثورتين عظيمتين ويضم بين جنباته تركيبة شديدة التنوع من النائبات المتألقات والنواب المحترمين الذين يسعون جميعهم إلى إثبات جدارتهم بشغل مقعدهم النيابى العتيد، أن كلمة «المعارضة» تكاد لا تذكر بين جنبات مجلسنا الموقر وكأنها كلمة سيئة السمعة يتنصّل الجميع من الاتصاف بها، وهذا قد يكون مفهوما في حال ما إذا كانت هذة المعارضة تتبنى أهدافا معادية لآمال وطموحات ومصالح الشعب المصرى المكافح الذي انتخب هذا المجلس الوليد، فحينئذ قد يحقّ لأعضاء المجلس تجنّب هذا الوصف والتهرّب من الانتماء له، ولكن هذا ليس واقع الأمر، فجميع من في المجلس الوليد من نائبات ونواب يضعون نصب عيونهم مصلحة المواطن المصرى المكافح الطامح إلى حياة أفضل، وبالتالى يبذلون كل ما في وسعهم لتحقيق ذلك بالأساليب التي يظنون أنها الأفضل والأوفق للحفاظ على الدولة المصرية وضمان تقدمها واستقرارها.

وهذا يعود بنا مرة أخرى إلى مفهوم المعارضة، وهل ما إذا كنا نحتاجها بالفعل في مجلسنا الموقّر؟ والإجابة قولا واحدا، نحن نحتاج بالقطع إلى المعارضة الموضوعية النزيهة التي تسعى إلى إلقاء الضوء على أوجه القصور في أداء الحكومة والأجهزة التنفيذية أو مواضع الخلل في التشريعات والقوانين أو مواقع الثغرات في اللوائح والممارسات والتى يمكن أن يستغلها البعض للفساد والإفساد للإضرار بحياة المواطن اليومية، وهذا الدور المفترض للمعارضة لا يمكن الاستغناء عنه في أي نظام ديمقراطى سليم، فالشعوب لا تتقدم إلا بالاستماع لرأى المخالفين وتقييمه بميزان العقل والمنطق قبل الارتكان للتأييد الأعمى أحيانا للمؤيدين والمهللين دون مرجعيات رشيدة، والإمام الشافعى قد صدق حين قال منذ قرون طويلة «ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ فرأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب»، فالقرارات الصائبة في أي معترك سياسى لا يمكن التوصل لها قبل التمعن الموضوعى في وجهات النظر المتنوعة وأحيانا المتباينة، وذلك يستلزم أن تأتى الأطراف المختلفة ببرهانها لتقارع الحجّة بالحجّة في مناخ من احترام الآخر والقبول بوجوده والابتعاد عن سياسات الإقصاء وتجنّب أن تصبح الأهداف الرئيسية للأطراف المتواجهة هي إحراز النقاط للقضاء على الطرف الآخر بالضربة القاضية وطرده من حلبة المنافسة، فهذا قد يبدو في ظاهره نصرا مؤزرا ولكنه في جوهره هزيمة للممارسة الديمقراطية التي تحتاج دائما وأبدا للطرف الآخر الذي لا تستقيم المباراة السياسية بدون وجوده الحيوى.

ولذلك فمن مصلحتنا جميعا أن نتحمّل بعضنا البعض ونتحلى بروح التسامح مع الاختلاف، فهذه هي طبائع الأمور وهذا هو ما يثرى المناقشات ويخلق المناخ الصحىّ لاتخاذ القرارات بعد إعمال العقل والمنطق والتمتع بالشجاعة الأدبية التي تسمح بالاستجابة للمقترحات التي تطرحها الأطراف المختلفة، حتى وإن كانت تختلف مع ما نعتقده، إذا اقتنعنا بصحتها بعد إمعان النظر فيها بعقول منفتحة تتقبل الآراء المخالفة ما دامت تحقق صالح الوطن والمواطن، فهذا هو الطريق الصحيح الذي يجب علينا جميعا السير فيه قدمًا مهما كانت كلفته أو مشقته تحقيقا للديمقراطية التي نصبو لها جميعا مؤيدين ومعارضين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية