أراد صاحب هذه الرسالة الزاعقة أن يختبرنى، وأراد أن يعرف إن كنت سأكتب عن الوزير حلمى النمنم والجمبرى الإسكندرانى فى المطعم الشهير أم لا؟.. كتب مقدمة زاعقة غاضبة قبل أن يدخل فى الموضوع.. قال: «لا تنشغلوا بحديث الحذاء فى البرلمان، ولا فرش الملايات فى الفضائيات.. ولا تغلوشوا على سفريات الرئيس بالتفاهات.. هل تستطيع أن تكتب عن فاتورة غداء رسمى لوزير ومحافظ»؟!
يقول صاحبنا: تصور يا سيدى أن الرئيس يدعونا أن «نُصبّح على مصر بجنيه»، ثم يكون هناك من يبدد 40 ألف جنيه من المال العام فى «وجبة سى فود» واحدة؟.. فكيف يدعونا الرئيس للتقشف والحكومة لا تعمل بما يقول الرئيس؟.. وكيف يتكبد رحلة شاقة لجلب الاستثمارات ونحن نبيع عفش البيت؟.. كان معى رصيد 15 جنيهاً فى الموبايل، وحين دعانا الرئيس للتبرع «تبرعت» بها على ثلاثة أيام متتالية!
استوقفنى كل سطر فى الرسالة، فوجدتها صادقة جداً.. لم يكن عندى فكرة عن «العزومة الأزمة».. الرسالة تتضمن لينك موقع «التحرير».. قرأت التفاصيل كاملة، وعرفت أن القارئ يختبرنى، ربما لأن وزير الثقافة كاتب صديق.. هل سأكتب أم لا؟.. كان المرافقون 80 على مائدة الوزير.. وبعد تفكير قررت الكتابة، خاصة أن المحافظة هى التى تحملت الفاتورة، ولو دفعها الوزير والمحافظ ما كانت هناك مشكلة!
فوجئت أن أنباء العزومة تملأ فضاء الإنترنت.. محافظ الإسكندرية «يعزم» وزير الثقافة على جمبرى وسى فود بأربعين ألف جنيه.. مصدر بـ«المطعم الشهير»: فاتورة الوجبة أُرسلت إلى ديوان عام المحافظة.. وتفهم من القصة أن النصف الأول من الخبر لا شىء فيه.. فمن حق المحافظ أن يعزم مصر كلها ولكن من جيبه!.. المشكلة بدأت عندما أرسل المطعم الفاتورة للمحافظة التى تغرق فى السيول والمخالفات معاً!
تقول تفاصيل الخبر: «بعد أن افتتح حلمى النمنم، وزير الثقافة، برفقة محافظ الإسكندرية، محمد عبدالظاهر، معرض كتاب الإسكندرية، توجّه الاثنان، وعدد من المرافقين والصحفيين- وصل عددهم إلى نحو 80 فرداً- إلى مطعم شهير للأسماك، وتناولوا وجبات قيمتها 40 ألف جنيه».. وانبرت تعليقات وقفشات نارية حول الوزير والمحافظ، كانت تربط طبعاً بين العزومة الفاخرة ونداء الرئيس «صبّح على مصر»!
وراح المعلّقون يُذكّروننا بحفلات البط والحمام فى قصر الاتحادية أيام مرسى.. تضمنت مائدة الوزير سمك بربون وفيليه، ودنيس، وقاروص، وسبيط، وجمبرى، وسالمون، وشوربة سى فود، بجانب الأرز، والسلطات، ومشروبات، وحلو «الفروت سلاد».. وطالب «معلقون» بأن يدفع المحافظ ثمن العزومة من جيبه، ولاسيما أن المحافظ قد يخرب الميزانية إذا «عزم» كل الوزراء الذين يترددون على الإسكندرية!
وأخيراً، أقول لصاحب الرسالة: لا تختبرنى يا صديقى، فليس على راسى بطحة.. ولا تقل: بأمارة إيه أتبرع لمصر؟.. غضبك نبيل ومشروع.. هذه الأشياء ينبغى النظر إليها بعين الاعتبار.. فلا مانع أن يأكل الوزير والمحافظ جمبرى وسى فود.. بألف هنا وشفا.. بشرط أن يكون على حسابهما، ومن جيبهما الخاص!.