x

عباس الطرابيلي أحفاد إيمحوتب.. الطبيب عباس الطرابيلي السبت 27-02-2016 21:36


كذب من قال إن الطب أصله «غربى».. وهؤلاء نسوا أول طبيب فى العالم يعرف بالاسم على مستوى العالم.. إنه إيمحوتب الطبيب المصرى الذى عاش حوالى عام ٢٦٥٠ قبل الميلاد، أى منذ ٤٦٦٦ عاماً بالتمام والكمال.. وبسبب براعته الطبية عبده المصريون، كما جاء فى البرديات.. لثقتهم فى قدرته على شفاء

المرضى.. وهو فى ذلك يسبق كل الذى عرف الطب وزاوله، بل إن الأطباء المصريين عرفوا التخصص منذ عام ٢٥٠٠ قبل الميلاد، حيث عالج بعضهم أمراض العيون أو الأسنان فقط، بينما تخصص آخرون فى الأمراض الباطنة، بل إن الجراحين المصريين هم أول من أصدروا كتاباً يبين كيفية علاج العظام والأورام والقروح والجروح.

والأطباء المصريون ـ بذلك ـ سبقوا العالم كله، حتى فى الصين والهند القديمتين.. ولا صحة بأن الطب يعود إلى اليونان والرومان، ربما بسبب الإعلام فى الحضارتين، وإن كان أبقراط اليونانى الشهير هو الذى وضح للعالم أن للمرض أسباباً طبيعية فقط، وهو أيضاً أول طبيب اعتبر الطب علماً وفناً منفصلاً عن الممارسة الدينية. ولهذا تبنى الأخلاقيات الطبية الحديثة على أساس أنها المثاليات الطبية الحديثة على أساس قسم أبقراط.. تماماً كما قدم الطبيب اليونانى جالينوس، الذى عمل بالطب فى روما فى القرن الثانى الميلادى، إسهامات مهمة فى الطب، فى العصر الرومانى، وهو مؤسس الطب التجريبى.

وللعرب أيضا إسهاماتهم بالذات فى عصر الدولة العباسية، إذ برعوا فى الطب الجراحى، بل هم أول من تمكن من استخراج حصى المثانة لدى النساء عن طريق المهبل.. ولن نتحدث هنا عن ابن النفيس وابن الهيثم أو الرازى، وابن سينا.. ونفضل أن نتحدث عن الطب المصرى الحديث، وبالذات منذ أنشأ الطبيب الفرنسى كلوت بك أول مدرسة طبية فى مصر بالذات فى أبوزعبل عام ١٨٢٧، ثم نقلت عام ١٨٣٧ إلى مقرها الشهير فى قصر العينى ــ المدرسة والمستشفى ــ وما تبعها من مدرسة للصيدلة ثم أخرى للولادة.

وهنا نصل إلى عظمة الطب المصرى الحديث.. وكنت كلما دخلت كلية طب قصر العينى، أقف احتراماً وأنحنى تحية للعبقرى المصرى الدكتور على باشا إبراهيم، رائد الطب المصرى الحديث.. وأول عميد لكلية الطب.. وبالمناسبة هو الذى أنشأ قصر العينى الجديد ــ فى المنيل ــ قبيل انتصاف القرن العشرين بقليل.

وهو ــ فى نظرى ــ يمثل جيلاً عظيماً من الأطباء المصريين، من أمثال عبدالوهاب باشا مورو وحندوسة والمفتى والكاتب.. ولكننى أتوقف هنا عند تجربة شخصية مررت بها أخيراً، فقد عانيت من وجود زوائد لحمية داخل المثانة.. وبعد المرور على كثير من الأطباء ــ كعادتى ــ كان الكل ينصحوننى بإجراء جراحة لاستئصال هذه الأورام.. بجراحة المناظير، واتفقوا ــ كل على انفراد ــ بأن الدكتور عمرو محمود عبدالحكيم هو الأفضل فى جراحة المسالك البولية.. وبالذات فى جراحات المناظير، وهو الأستاذ الأشهر بكلية طب قصر العينى، ولكن أفضل ما يميزه بجانب «عالميته» فى جراحات المناظير هو ابتسامته ووجهه البشوش، وهذا أول درس يجب أن يتعلمه أى طبيب، ليعطى مريضه الثقة فى الشفاء، بأمر من الله العلى القدير.. واستسلمت وسلمت نفسى للدكتور عمرو عبدالحكيم، وكانت «علقة»، رغم أن ابتسامته كانت هى بداية العلاج.

ومن المؤكد أن العرب هم أصحاب الفضل فى اكتشاف المخدر الذى أطلقوا عليه «المرقِّد العام».. وهم أول من استعمل التخدير عن طريق الاستنشاق باستخدام الإسفنج المخدر. وقد حاول الأطباء ــ منذ آلاف السنين ــ تسكين الألم فى الجراحة بإعطاء مشروبات كحولية وأفيون وغيرها.. ولكن لم يثبت أى دواء فاعليته فى تخفيض الألم إلى أن تم اكتشاف الأثير والكلورفورم فى القرن الـ19.. وبعدها نجح الأطباء فى استعمال المخدرات الفعالة فى جراحات لم يكن إجراؤها ممكناً فيما مضى بأى حال من الأحوال.

إلى أن تسلمنى ــ فى المستشفى ــ الدكتور خالد البرلسى، أستاذ التخدير الشهير، ويبدو أن العمالقة يعطوننا دائماً أبناء علماء عباقرة، أيضاً من بعدهم، وهو نجل الأستاذ الدكتور عبدالوهاب البرلسى الذى تولى مسؤوليته وزيراً للتعليم العالى فى عهد عبدالناصر من عام ١٩٦٨ «ثلاث مرات» ثم وزيرا للبحث العلمى عام ١٩٧١ فى بداية حكم السادات.. وقد سيطر الدكتور خالد بالمخدر النصفى على كامل نصفى الأسفل ببراعة مشكورة.

■ ■ شكرا دكتور عمرو.. ودكتور خالد.. فهما مشهوران عالمياً وإقليمياً، والأهم: روحهما الشهمة والابتسامة الشافية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية