x

عبد الناصر سلامة فضَّة المعداوى تُهدد فيلا سباهى عبد الناصر سلامة الخميس 25-02-2016 21:23


على غرار مسلسل «الراية البيضا» الذى جسدت فيه الراحلة سناء جميل شخصية المعلمة الثرية، تاجرة السمك، فضة المعداوى، التى تحدت مثقفى الإسكندرية، وأصرت على شراء تلك الفيلا الأثرية، من السفير مفيد أبوالغار «الفنان جميل راتب» لهدمها وإقامة ناطحة سحاب مكانها، يخوض المثقفون فى عروس البحر المتوسط الآن معركة مشابهة فى سباق مع الزمن، قبل أن تسطو فضة معداوى جديدة على فيلا أخرى أكثر قيمة، وهى فيلا «سباهى» الأثرية، بمنطقة ستانلى، إذ قامت مجموعة من المهتمين بالتراث هناك بإرسال استغاثة إلى وزير الآثار، يطالبون فيها بوقف أعمال التخريب الحاصلة فى الفيلا الآن.

بالتأكيد لو أن المهتمين بالتراث اعتمدوا على وزارة الآثار، أو على الإجراءات الرسمية بصفة عامة، فإن الفيلا سوف يتم هدمها، بين ليلة وضحاها، ولن يستغرق الأمر أكثر من ليلة مطيرة، أو حتى ساخنة، الفارق ليس كبيراً، حتى نستيقظ على الموقع خالياً من أى علامات تدل على أن فيلا أثرية كانت فى هذا المكان.

قرأت أن محافظة الإسكندرية كانت قد أعدت فى عهد المحافظ السابق، هانى المسيرى، قائمة ضمت ١٧ عقاراً، من أهم العقارات التراثية بالمحافظة، من أبرزها فيلا سباهى، فى محاولة لاستغلال هذه العقارات، مع المحافظة على تصاميمها المعمارية، وقدرت قيمتها جميعاً بمبلغ ٢.٦ مليار جنيه، وذلك بعد خروجها من جدول التراث المعمارى، بناء على أحكام قضائية، أو قرارات لجنة التظلمات.

الإسكندرية أيها السادة بها نحو ١١٣٥ عقاراً مدرجة بقوائم حفظ التراث، إلا أن هذا الرقم يتراجع سنوياً، ومن أبرز ما فقدته المدينة مؤخراً فيلا «جوستاف أجيون» التى تم هدمها تماماً، بينما كان قد تم هدم بعض الأعمدة الخرسانية لفيلا «شيكوريل»، إلا أن معاول الهدم تتجه الآن إلى فيلا «سباهى» المسجلة بقائمة التراث برقم ١١٠٤، والمواجهة تماماً لكوبرى ستانلى الشهير، أحد أبرز معالم المدينة وشاطئ المتوسط هناك.

السؤال الذى يتبادر إلى الأذهان الآن هو: لماذا كانت الإسكندرية، على مدى عدة عقود مضت، هى المدينة المنكوبة هندسياً ومعمارياً، من بين المدن المصرية؟ حيث كانت المدينة الأكثر ضرباً بالقانون عرض الحائط طوال الوقت، سواء فى البناء، أو الهدم، أو التعلية، أو حتى التعديات على المبانى الأثرية، التى كانت الأشهر على الإطلاق، ما أفقد المدينة قيمتها الجمالية، التى كانت تتميز بها على الدوام، ليس ذلك فقط، بل هو ما جعلها عرضة للانهيارات، ومن ثم فقدان الكثير من الأرواح، مع عمارات اليوم الواحد، أو هكذا أطلقوا عليها هناك، حيث كانت العمارة الواحدة تنمو بوتيرة متسارعة، دون الأخذ فى الاعتبار قواعد البناء والتشييد.

أعتقد أن المحافظ الجديد، محمد عبدالظاهر، لن يسمح بوقوع هذه الكارثة، وهى هدم فيلا سباهى، أو غيرها من الكوارث المشابهة، لكننا نخشى أن يتحرك بعد فوات الأوان، فى إطار الأزمات العديدة المزمنة التى تعانى منها المحافظة فى المجالات المختلفة، إلا أنه فى الوقت نفسه، سوف يظل مثقفو الإسكندرية، أو هكذا يجب أن يكونوا، بمثابة حائط الصد فى هذا المجال، فى ضوء القصور الكبير الذى عانى منه التراث فى مصر بصفة عامة، وامتد حتى الاكتشافات الأثرية التى تم نهبها فى وضح النهار، وبصفة خاصة خلال أعوام الانفلات الخمسة الماضية.

ما يثير القلق، هو ذلك الاتصال الهاتفى، من أحد الأصدقاء المهتمين بهذا الشأن السكندرى قائلاً: نحن هنا لا نثق فى المسؤولين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأحياء، أو الإدارات الهندسية، ولنا فى ذلك تجارب عديدة، بالتأكيد هى كارثة عندما يتعلق الأمر بفقدان ثقة المواطن فى المسؤول، أو عندما تصل الفجوة فى العلاقة إلى هذا الحد، وهو الأمر الذى يجعلنى أناشد محافظ الإسكندرية التوجه إلى موقع الفيلا على الطبيعة، واتخاذ قراره بشأن حمايتها من العبث فى موقع الحدث، درءاً للمهاترات السائدة الآن، وتبديداً للمخاوف، وأعتقد أن الأمر يستحق مثل هذا الإجراء، بل يستحق ما هو أكثر.

فيلا سباهى اختبار حقيقى لاحترام القانون، والتراث، والناس، والإسكندرية، بل وكل بر المحروسة، والأهم من ذلك هو احترامنا لأنفسنا.. ماذا نحن فاعلون يا سيادة المحافظ؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية