شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، إطلاق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، التي تهدف إلى جعل مصر ضمن أفضل ثلاثين دولة على مستوى العالم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد، فضلا عن مؤشرات جودة الحياة، والارتقاء بمعدلات النمو إلى 10% سنويًا مع مراعاة الأبعاد السياسية والاقتصادية والبيئية، وتتكامل تلك الأهداف مع احترام حقوق الإنسان وضمان سيادة القانون، فضلًا عن سياسة خارجية نشطة وفعالة ومتوازنة.
وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس وجه كلمة إلى الشعب المصري بهذه المناسبة أشار فيها إلى أن الهدف الأساسي في المرحلة الراهنة هو «بناء وبقاء الدولة المصرية»، مشددًا على أهمية الاصطفاف الوطني والتوافق المجتمعي لمواجهة التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي، دون الالتفات إلى أية دعاوى للتشكيك والإحباط تستهدف النيل من عزيمة المصريين وإصرارهم على بناء بلادهم وتحقيق نهضتها وتقدمها. وأكد الرئيس أنه سيتم التصدي بكل قوة وحزم لأية محاولات تستهدف النيل من مصر ومقدرات شعبها.
واستعرض الرئيس جهود بناء الدولة المصرية، التي تتضمن إعداد البنية الأساسية اللازمة لتقديم الخدمات اللائقة للمواطنين وتهيئة المناخ المناسب والجاذب للاستثمار.
وأشار الرئيس إلى أنه جاري إنشاء الشبكة القومية للطرق بإجمالي خمسة آلاف كيلو متر بتكلفة حوالي 50 مليار جنيه، فضلًا عن إنشاء 133 كوبري في غضون 20 شهرًا فقط، علاوةً على إنشاء وتطوير 600 كيلو متر من مدارج الطائرات والطرق داخل المطارات المصرية.
وذكر الرئيس أنه بالتوازي مع ذلك تم حل مشكلة الكهرباء وأزمة الطاقة التي كانت تعاني منها مصر، وذلك بتكلفة 150 مليار جنيه خلال عام واحد فقط، موضحًا أن حجم الطاقة الكهربائية التي ستكتمل إضافتها بنهاية عام 2017 يعادل نصف حجم الطاقة الكهربائية في مصر على مدار تاريخها.
وأضاف الرئيس أن الدولة نجحت في التغلب على مشكلة نقص توريد الغاز للمصانع العاملة في مصر، حيث تم استقدام وحدتين لتحويل الغاز المسال إلى الصورة المستخدمة في الصناعة بتكلفة يومية تبلغ عشرة ملايين دولار، وتم القضاء على مشكلة نقص الغاز اللازم لقطاع الصناعة.
وأشار الرئيس إلى أنه يجري حاليا تطوير وإنشاء ثلاث موانئ، من بينها ميناء شرق التفريعة، وسيتم الانتهاء منها وفقا لأحدث المعايير العالمية في غضون عامين فقط، حيث تعمل بها عشر شركات مصرية، كما تم الانتهاء من تطوير ثلاثة مطارات مصرية سعة كل منها 1.7 مليون راكب.
وأوضح أنه تتم معالجة 10.5 مليون متر مكعب من المياه يوميًا منها ثمانية ملايين بنظام المعالجة الثنائية، و2.5 مليون متر مكعب بالمعالجة الثلاثية، وأنه جاري إنشاء محطات المعالجة الثلاثية وتحويل محطات المعالجة الثنائية إلى العمل بالنظام الثلاثي للحصول على مياه نقية تعوض نقص المياه خلال فترة ملء خزان سد النهضة التي سوف يتم الاتفاق عليها مع الجانب الإثيوبي.
وذكر الرئيس أن الدولة توالي جهودها من أجل تحلية 500 ألف متر مكعب من المياه يوميًا، منوها إلى أهمية تدخل المسئولين في كافة التفاصيل الفنية والمالية الخاصة بالمشروعات الجاري تنفيذها من أجل مكافحة الفساد والحفاظ على المال العام والحيلولة دون إهداره.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أولى اهتمامًا خاصا في كلمته للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، منوهًا إلى أهمية ألا تقتصر العلاقة بين المستثمرين الشباب وبين البنوك المصرية على عملية التمويل فقط، وإنما يتعين أن تمتد لتشمل التعاون مع مختلف جهات الدولة المعنية لتوفير المنشآت والمعدات اللازمة لتشغيل تلك المشروعات، ولاسيما بالنسبة لمدينة الأثاث بدمياط، ومجمع للجلود بمنطقة الروبيكي، وآخر للسجاد في كرداسة، وذلك ضمانًا لنجاح تلك المشروعات وتوفيرًا للوقت والجهد.
وأكد الرئيس أن التركيز على تمويل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من البنوك الحكومية المصرية، لا يعني إهمال القطاعات الاستثمارية الكبرى التي قامت الدولة تجاهها بدور مؤثر حيث حصلت خمسون شركة كبرى على 30% تقريبًا من حجم القروض المقدمة من البنوك الحكومية المصرية بواقع 250 مليار دولار.
وأشار إلى أهمية قيام الدولة بتوفير وحدات الإسكان الاجتماعي والقضاء على العشوائيات والحيلولة دون البناء على الأراضي الزراعية وحفظ حقوق الدولة ومنع التعدي على أراضيها، منوهًا إلى أنه سيتم إنشاء 456 ألف وحدة سكنية خلال عامين ونصف العام.
وأكد الرئيس حرصه على توفير الوحدات السكنية لكل مستحقيها الذي سيتقدمون بطلبات للحصول عليها، حتى وإن أدى ذلك إلى زيادة معدل بناء وحدات الإسكان الاجتماعي.
ونوَّه السيسي إلى أن مشروع المليون نصف المليون فدان لا يهدف فقط إلى تحقيق الربح المادي، وإنما يُراعي أيضًا دور الدولة الاجتماعي في توفير فرص العمل وإقامة مجتمعات تنموية وعمرانية متكاملة تتوافر فيها الطرق والخدمات من مستشفيات ومدارس وطرق ومواصلات وغيرها.
وأكد الرئيس أن الدولة توظف مواردها الذاتية من أجل الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين وزيادة جودة الخدمات المقدمة لهم، وذلك على الرغم من التحديات التي تواجه الموازنة العامة للدولة، والأعباء التي تعاني منها بسبب حرص الدولة على تقديم الدعم للمواطنين، فضلًا عن سداد خدمة الديون.
وشدد الرئيس على أهمية تنسيق الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني والإعلام للحفاظ على النسيج الوطني.
وأكد الرئيس على أهمية تواصل النشاط الصيفي لطلاب المدارس والجامعات المصرية وألا يقتصر فقط على دوري المدارس والجامعات في فصل الشتاء وفترات الدراسة، موضحًا أنه يمكن الاستفادة من مراكز الشباب في هذا الصدد.
وتناول الرئيس في كلمته الشق الخاص ببقاء الدولة المصرية، منوهًا إلى أن السياسة الخارجية المصرية نجحت في استعادة مكانة مصر الإقليمية والدولية اللائقة، وأوضحت للعالم بأسره حقيقة ما حدث في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، وتأكيد أن ما شهدته مصر لم يكن محاولة لتغيير الحكم بالقوة، وإنما جاء انحيازًا لإرادة الشعب الراغب في التغيير نحو الأفضل.
وأشاد بعلاقات مصر الخارجية المتوازنة والمنفتحة على كافة دول العالم في إفريقيا وآسيا وأوروبا، وكذا العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الصعيد الداخلي، أكد الرئيس ان الدولة تحترم الدستور وتسعى جاهدة لتطبيق مواده وأحكامه، مشيدًا بنزاهة الانتخابات البرلمانية التي أتت بمجلس نواب نصف أعضائه من النواب الجدد الذين يضخون دماء جديدة في شرايين العمل النيابي في مصر، فضلًا عن أنه يشهد أكبر نسبة تمثيل للمرأة والشباب.
وأكد الرئيس أنه يتابع عمل الحكومة المصرية عن كثب، وأنها لا تدخر وسعًا من أجل تحقيق التقدم المنشود على كافة الأصعدة المكلفة بها.
وأكد الرئيس أنه يتعين تقييم أداء الحكومة بشكل موضوعي وعلى أسس سليمة.
وأكد الرئيس على سيادة القانون، مشيرًا إلى أن مواجهة الإرهاب قد تنطوي على بعض التجاوزات المرفوضة بكل تأكيد.
وأشار الرئيس إلى سابق قيام سيادته بالعفو والإفراج عن أربع دُفعات من المحتجزين الذين لم يثبت بحقهم أي تهم.
ودعا الرئيس أعضاء مجلس النواب المصري، ولاسيما الشباب، إلى زيارة السجون المصرية لاقتراح قوائم جديدة للمُفرج عنهم، وكذا التعرف على أوضاع واحتياجات المواطنين في المناطق النائية مثل سيناء والنوبة والمنطقة الغربية.
وذكر الرئيس أن الدولة المصرية تولي اهتمامًا خاصا للشباب وتحرص على التواصل معهم وتوفير فرص العمل لهم، فضلًا عن تأهيلهم للإدارة والقيادة من خلال البرنامج الرئاسي للقيادة، حيث سيتم الاستعانة بالمتفوقين منهم للعمل بمؤسسة الرئاسة والوزارات المختلفة والمحافظات، فضلًا عن مساعدة السادة النواب لاكتساب خبرة العمل النيابي في الرقابة والتشريع.
وأشار إلى أن أي خطأ ترتكبه فئة ما داخل إحدى مؤسسات الدولة لا يتعين أن ينسحب على المؤسسة بأكملها، مؤكدًا أن الدولة المصرية تحترم القانون وتطبقه ولا تتدخل في أحكامه، وأن كل من أخطأ أو تجاوز سيلقى عقابًا رادعًا.
وفي ختام كلمته، وجه الرئيس التحية للشعب المصري على حجم الإنجاز الذي تم إحرازه خلال عام ونصف العام فقط والذي تجاوز حجم ما تم إنجازه على مدار عشرين عامًا، مؤكدًا على أهمية التحلي بالأمل والتفاؤل بمستقبل مشرق لمصر.