x

خبير تكنولوجيا اللحوم والغذاء:د. إميل إسكندر: ‏مستوردو اللحوم أقوى مافيا فى مصر

الأحد 01-08-2010 22:47 | كتب: نبيل أبو شال |
تصوير : اخبار

حذر الدكتور إميل إسكندر، خبير تكنولوجيا اللحوم ‏والغذاء، من شحنة لحوم فاسدة تقدر بحوالى 2600 ‏طن، على وشك الدخول إلى البلاد، ولفت إلى أن 300 ‏طن منها دخلت البلاد، وقال خلال حواره لـ«المصرى ‏اليوم»، إن مستوردى اللحوم يمثلون أقوى مافيا فى ‏مصر، مؤكداً أن المليارات المرصودة لميزانية ‏المشروع القومى للبتلو ستضيع هباء، ولن تحقق أى ‏نتيجة، وأن أسعار اللحوم ستستمر فى الارتفاع. وأشار ‏إلى رفضه إحدى شحنات اللحوم الفاسدة خلال عقد ‏السبعينيات عندما كان مستشاراً لوزير الزراعة فى ‏عهد يوسف والى، والمسؤل الأول عن استيراد اللحوم ‏فى هذه الفترة. وقال إنه عندما أيقظ وزير التموين فى ‏الساعات الأولى من الفجر ليخبره بقراره رفض ‏الشحنة، قال له الوزير «الله يخرب بيتك.. خربت ‏بيتنا» بدلاً من مكافأته.. وإلى نص الحوار.‏

‏■ ما أسباب انهيار الثروة الحيوانية فى مصر من ‏وجهة نظرك؟

‏- أعتقد أن أهم الأسباب إهمال التربية والاتجاه إلى ‏الاستيراد، إضافة إلى انهيار مشروع البتلو القومى، ‏وأتذكر أنه تم نقل تبعية 18 شركة زراعية من وزارة ‏الزراعة إلى قطاع الأعمال، لإدارتها، لكن للأسف تم ‏بيعها دون سبب، رغم أنها كانت تغطى غذاء مصر ‏بالكامل، مثل شركة جنوب التحرير والمشروع ‏الألمانى.‏

‏■ هل تعتقد أن مشروع البتلو الذى أعلنت عنه الدولة ‏لتوفير اللحوم سينجح؟

‏- الدولة رصدت 2 مليار جنيه للمشروع، وحددت ‏‏2000 جنيه للفلاح، فى المرحلة الأولى على الحيوان ‏وزن 250 كيلو جراماً، وأذكر أن أمين الفلاحين فى ‏الحزب الوطنى قال: إن أقل مبلغ يجب أن يحصل ‏عليه المربى 5000 جنيه، وإذا أعطيناه 2000 جنيه ‏لن ينفذ المشروع، لأن العجول الموجودة أعدادها ‏محدودة، وأغلبها مصاب بأمراض، كما أن الفلاح ‏سيأخذ المبلغ ويقضى به مصلحة أو يجهز «بنته» ‏للزواج، لكن إذا أعطينا المبلغ للمحافظة وتم شراء ‏عجول والتأمين عليها من المنشأ، ومنحه العلف ‏ومتابعته فنياً، وقتها لن يزيد سعر كيلو اللحم على 30 ‏جنيهاً.‏

‏■ معنى ذلك أنك حكمت على المشروع بالفشل قبل ‏بدايته؟

‏- إذا تم تنفيذ مشروع البتلو بطريقة صحيحة، فلن ‏يكلف الدولة مليماً واحداً، وليس 2 أو 3 مليارات ‏جنيه.. وسؤالى: أين الدراسة التى وضعت للمشروع ‏وأين العجول السليمة فى مصر؟ أعطنى سبباً واحداً ‏لأعمل مشروع البتلو، فلو كان الحال جيداً لما ‏استوردنا كل هذه الكميات، فنحن لا نستطيع تطوير ‏المجازر أو تطوير إنتاج اللحوم، وأنا لا أعقد الأمور.‏

‏■ إذا كان المشروع محكوما عليه بالفشل، من وجهة ‏نظرك، فما تصورك لحل الأزمة؟

‏- وضعت خطتى لتنفيذ المشروع بأسلوب آخر، لأننى ‏لست مستورداً، وليس لى مصلحة، فقط أنا رجل فنى، ‏وأرى أن المشروع من الممكن أن يقسم على ‏المحافظات، وكل محافظة تشتغل أعطيها جزءاً من الـ ‏‏2 مليار، على أن تتم معاملة المحافظ كمستثمر بمعنى ‏أن أمنحه الأموال والعجول والعوامل الفنية فى ‏الصحراء، بعيداً عن الأماكن الداخلية، لأن تربتها ‏موبوءة وأربى وأشغل الناس، نربى سلالة تحقق ‏أرباحاً عالية ونعطيها للفلاح دون مقابل، وقتها سنجده ‏يصبح منتجاً.‏

‏■ معنى ذلك أننا سنستورد العجول اللازمة لبداية ‏المشروع؟

‏- نستورد فى أول مرة، ثم من الإنتاج، ثم نربى، وإذا ‏كنا سنستورد 170٪، تنزل إلى 90٪ فى السنة ‏الأولى، وثانى سنة نصل إلى 40٪، وخلال ثالث سنة ‏ونصف بالضبط، لن نستورد شيئاً، وأعطى السلطة ‏إلى المحافظ لتنفيذ المشروع على أن نساعده بالأمور ‏الفنية.‏

‏■ ألم تجد أى محافظة تنفذ فيها برنامجك؟‏

‏- نجحت مع اللواء عادل لبيب، محافظ الإسكندرية، ‏وبدأ يتجاوب، وحقق نتائج إيجابية فى أزمة اللحوم ‏خلال الفترة الماضية، وتم بيع الكيلو بـ30 جنيهاً، ‏وأيضاً محافظ أسيوط اتصل بى وسنبدأ المشروع ‏قريباً.‏

‏■ وما مصير مليارات المشروع الحكومى لتربية ‏البتلو؟

‏- أعتقد أن هذه المليارات تلقى فى الأرض وأنا أحذر ‏وأقولها، المليارات المرصودة لمشروع البتلو هتضيع ‏بدون أى نتيجة، النهارده البلد غير سنة 2000، لأنه ‏خلال هذه السنة كانت هناك حيوانات سليمة، ‏ومشروع بتلو ماشى، وإذا سمعوا الكلام وأعطوا لكل ‏محافظ 10 ملايين جنيه مثلاً، والمحافظ يتعامل ‏كمستثمر، يبقى أنا كدولة ماخسرتش حاجة، وفى نفس ‏الوقت كل محافظة قامت بذاتها، وأراهن إن كيلو اللحم ‏لن يزيد سعره على 30-32 جنيهاً، ومستعد أقدم ‏المشاريع لأى شخص فى الدنيا بدون مقابل.‏

‏■ هل ترى أن مجازرنا مؤهلة بيئياً ومتطورة ‏تكنولوجياً؟

‏- للأسف مجازرنا كارثة، وتعتبر أسوأ مجازر فى ‏العالم، وللأسف كلها ملوثة ومعداتها بدائية.‏

‏■ لكن هذه المجازر موروثة من الوزارة التى كنت ‏مستشاراً لها، فلماذا لم تطورها؟

‏- تم تكليفى سنة 1995 من قبل الدكتور يوسف والى، ‏وزير الزراعة فى ذلك الوقت، بتطوير المجازر، ‏ودخلت مجزراً مغلقاً بسلسلة، ووجدت كلباً ميتاً على ‏بابه، استدعيت الدكتور، وسألته إيه ده؟ قال لى: «أنا ‏أحضر كل يوم لمتابعة ذبح رأس أو رأسين، وطوال ‏الأسبوع نحضر دون عمل، وإذا أراد الجزار أن يذبح ‏فى محله أذهب إليه وأختم الذبيحة، وأرجع والختم ‏معايا فى البيت، فقدمت تقريراً بما يحدث، حاولت ‏تقديم حلول، وأحضرت إحدى الشركات الأجنبية ‏لتطوير مجازر الجمهورية بنظام ‏B.O.T‏ تحت ‏إشراف شركة عالمية متخصصة بتمويل أمريكى ‏‏100٪ لتخفيف أعباء الدولة فى تطوير وإنشاء ‏المجازر على أحدث تكنولوجيا، على أن تشرف الهيئة ‏البيطرية على هذه المجازر، ثم تعود ملكيتها إلى ‏الجهات المختصة بعد نهاية العقد، لكن الطرق الملتوية ‏دفعت الناس للسفر إلى أمريكا، وكلمونى، وقالوا لى ‏لن نتعامل معكم بعد ما جهزوا التطويرات، وبعد ‏جولات فى الجمهورية كلها، وإعداد تصورات لتطوير ‏‏48 مجزراً.‏

‏■ هل الاستيراد هو الحل لوقف ارتفاع أسعار اللحوم؟

‏- الاستيراد ليس هو الحل، لأنه أصبح الآن فوضى ‏وخلال سنة 2000 كانت هناك لجنة استشارية عليا ‏يتقدم لها المستورد، ويذكر البلد الذى سيستورد منه، ‏وكان لى الشرف أن كنت عضواً بهذه اللجنة، التى ‏كانت مفتاح الأمان لمصر، وكان فيها عدد من خيرة ‏العلماء، وكنا نقول للمستورد انتظر لنبحث وضع البلد ‏الذى ستستورد منه، لنبين له مدى إمكانية الاستيراد ‏منه من عدمه، وكنا نتصل بالسفارات والملحق ‏التجارى، لكن الآن تم فتح الاستيراد سداح مداح، ‏دلوقتى اللى عايز يستورد يستورد، أو اللى عايز يربى ‏يربى، ما حدش عارف حاجة.‏

‏■ هل توجد مافيا لاستيراد اللحوم فى مصر، ومن ‏المسؤول عن دخول اللحوم الفاسدة من الخارج؟

‏- أقوى مافيا للاستيراد هى «مافيا اللحوم»، ويكفى أن ‏نعرف أن صلاحية هذه اللحوم تعتمد على اللجنة التى ‏تسافر للكشف عليها، وأن المستورد يتكفل بمصاريف ‏الطبيب الذى يسافر للكشف على اللحوم وإقامته فى ‏الفنادق ويعطيه مصروف جيب، فكيف أطلب منه بعد ‏ذلك أن يقول العجول المستوردة دى كويسة ولا لأ، ‏ومن يوم ما اللجان دى طلعت لا توجد لجنة واحدة ‏رجعت وقالت الشحنة دى مرفوضة، والكلام ده ‏مستمر منذ 10 سنوات، وأعلنوا أن اللجان ألغيت ومع ‏الأسف هناك لجنة لسه راجعة من 3 أيام، وكانت ‏مكونة من 2 دكاترة من معهد التناسليات، ولا تمت ‏للمهنة بصلة، للأسف اللحوم الهندية كان فيها ‏‏«الساركوسيست» والصحة أفرجت عنها، وأحياناً ‏تقوم المعامل البيطرية بالإفراج عن اللحوم، وهناك ‏شحنة جديدة ستدخل البلد حوالى 2600 طن من الهند ‏وفيه 300 طن دخلت بالفعل، وأذكر أنه حدث معى أن ‏سافرت بتكليف من الدكتور يوسف والى، سنة 2000 ‏إلى الهند والصين وعدت بتقرير، قلت فيه كذا وكذا، ‏وخلال 24 ساعة توقف الاستيراد من الهند، وتولى ‏الوزير الأمر بنفسه، وقال لن تكون هناك أى موافقة ‏لمستورد إلا عن طريقى، لذلك لم نسمع قبل سنة ‏‏2000 مثل هذا الكلام اللى بيحصل النهارده.‏

‏■ كيف تدخل اللحوم الفاسدة البلاد؟

‏- فى عام 1977 دخل مركب محمل بلحوم فاسدة، ‏وكنت مسؤولاً أيامها فى الميناء ورفضته، كنا 3 فى ‏الميناء، أنا ومدير الخدمات البيطرية ولواء طبيب، ‏ووقتها لم يكن أحد يستورد اللحوم غير السلع ‏التموينية، وكان لابد من إبلاغ وزير التموين وقتها، ‏وأبلغته الساعة الخامسة فجراً، وقلت له: «أنا رفضت ‏دخول اللحمة علشان فيها فيروس ومتعالجة»، وقال ‏لى: الله يخرب بيتك، خربت بيتنا ليه؟ واتضح أنها ‏خاصة بأحد المسؤولين الكبار، لذلك أحضروا من ‏إنجلترا حكماً للفصل بينى وبينهم، علشان يشوف إذا ‏كان كلامى صح أو غلط، لو غلط اللحمة ترجع، ولو ‏صح اللحمة تدخل البلد، وأنا أتحاكم، وقبل صباح اليوم ‏التالى فوجئت بحضور لجنة مكونة من 30 أستاذاً من ‏كلية الطب البيطرى، وأساتذة من المعامل، وسمعتهم ‏وهم يصعدون السلم يقولون: «فين اللحمة دى، ريحتها ‏تتاكل نية».. ولقيت رئيس مجلس الإدارة بيمسك إيدى ‏وبيقولى: «إوعى تنطق» وأخدنى على جنب وقال لى: ‏‏«إنت بتعمل إيه، الناس اللى حتاكلها هيجيلهم شوية ‏إسهال، ما احنا طول النهار بيجيلنا إسهال، يا أخى ‏عديها بقى»، وحضر فى نفس اليوم المُحكم البريطانى ‏وأكد كلامى ولكن سمحوا بدخول اللحوم وفى هذا ‏اليوم تركت مصر، ولم أعد إلا سنة 1984.‏

‏■ وما الحل من وجهة نظرك؟

‏- لابد من إنشاء جهاز يتبع رئاسة الجمهورية، مثل ‏الجهاز المركزى للمحاسبات، على أن يضم خبراء فى ‏الأمن الغذائى دون استثناء، ووقتها لن يرتفع السعر أو ‏ينخفض، ولن تدخل لحوم أو أقماح فاسدة، على أن ‏يكون من سلطات هذا الجهاز مساءلة المستورد عن ‏الفواتير وتحديد هامش الربح.‏

‏■ هل ساهم ارتفاع أسعار الدواجن فى ارتفاع أسعار ‏اللحوم؟

‏- المسألة مع بعضها مثلث عبارة عن «لحوم - دواجن ‏‏- أسماك» خلال 10 سنوات استهلاك اللحوم الحمراء ‏زاد بنسبة 174٪ و«البيضاء» بنسبة 275٪، والعام ‏الماضى خسرت أسماك بما يعادل 14.5٪ أى حوالى ‏‏3.8 مليار جنيه، ما انت لو اللحمة زادت الدواجن ‏هتغلى، والسمك بيقل.. ولو الجهاز ده موجود هيمشى ‏المنظومة مع بعضها.‏

‏■ نعلم أنك ضد مصنعات اللحوم، وتتشكك فيها.. ‏لماذا؟

‏- لأنها من أهم أسباب انهيار الثروة الحيوانية، و80٪ ‏من المصانع التى تنتج هذه المصنعات تعمل تحت بير ‏السلم، ومنتجاتها مليئة بالأمراض، والـ20٪ الأخرى ‏من المصانع التى تنتجها ليست تحت السيطرة الكاملة، ‏لأن مصانع بير السلم تستخدم أى لحوم، حتى لو كانت ‏منتهية الصلاحية، أو الأمعاء ويمكن حمير ويفرمها ‏ويبيعها على إنها مصنعات لحوم

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية