نصف ثروة «فاروق» لابنه والنصف الآخر لابنتين وحرمان «فادية» الصغيرة لزواجها بغير رضاه
مات فاروق ولم يتم تشريح الجثةـ هكذا كتب في مذكراته إبراهيم بغدادى رجل المخابرات الذي جاء إلى روما خصيصاً لمتابعة فاروق، ومراقبته من داخل المطعم، الذي كان يسهر فيه كل ليلة في روما. وقد نجح ضابط المخابرات المصرى فعلاً في العمل فيه جرسوناً باسم «أرماندو».
يقول بغدادى: عندما أخرجوا كل ما في جيوب فاروق وجدوا المحتويات كالتالى: مسدس، وساعة ذهبية، و98 ألف ليرة إيطالية، أو ما يوازى في ذلك الوقت 97 جنيهاً مصرياً، بالإضافة إلى دبلة زواج قال البغدادى إنه لم يستطع معرفة الاسم الذي كان فوقها: فريدة أم ناريمان أم هي دبلة صديقته الإيطالية إيرما كابوتشى؟
وقد نشرت الصحف السويسرية الخبر بإيجاز شديد، أما الصحف الإيطالية فراحت كعادتها تنشر القصص المثيرة، وتتصل بكل امرأة لاحقها فاروق لتروى جانباً من حياتها معه أو عنه. ونشرت إحدى المجلات صورة للشقة التي كان يسكن فيها في الدور الرابع لعمارة من 15 دوراً في شارع أرشميد، وكان فاروق يعلق في إحدى نوافذ الشقة علم مصر الأخضر ذا النجوم الثلاث. أما صحيفة نيويورك تايمز فقد قالت تحت عنوان «الرجل الذي نسيه العالم» إنه الرجل الذي كان يقول: أتمنى أن تكون لى 300 معدة حتى أستمتع بالحياة، إشارة لكونه كان نهماً في طعامه.
وعندما وصل نبأ وفاة فاروق إلى مصر جاءت إلى روما شقيقته الأميرة فوزية وزوجها إسماعيل شيرين، وجاءت الملكة السابقة ناريمان ومعها والدتها أصيلة هانم. وقال الذين رأوها في القاهرة تصعد سلالم الطائرة إلى روما إنها كانت ترتدى فستاناً ملوناً وبكامل زينتها، ولا يبدو عليها أي شىء من مظاهر الحزن أو الأسى. وعندما وصلت مطار روما غيَّرت الفستان وارتدت فستاناً أسود وغسلت وجهها، وأزالت المساحيق. أما الأميرة فوزية فكانت ترتدى الملابس السوداء. وحضر من لوزان لمراسم تشييع الجنازة الأميرتان فريال وفوزية، ابنتا فاروق، ومعهما الأمير أحمد فؤاد.
■ ■ كان لفاروق محامٍ إيطالى الجنسية أعلن عندما فتح وصيته أنه كتب نصف ثروته لابنه أحمد فؤاد والنصف الآخر لفريال وفوزية، أما فادية صغرى البنات فقد حرمها من وصيته لزواجها من جيولوجى روسى مسيحى اسمه «بيتر أورلف»، وقد رفض الموافقة على الزيجة عندما طلبت ذلك من فاروق فذهبت فادية وسجلت زواجها في إنجلترا.
وكانت ثروة فاروق تقدر بنحو 200 مليون دولار، ويقال إنها وصلت 300 مليون نتيجة استثمارها، بالإضافة إلى أنه كانت تصله مبالغ ضخمة من مصادر عربية. وعندما علمت الملكة نازلى بالوصية جاءت إلى روما وطلبت أن ترث السدس، حسب الشريعة الإسلامية، ولكن المحامى أفهمها أن الوصية لم تتطرق إليها من قريب أو بعيد. وبالتالى انحصرت ثروة فاروق في ابنه أحمد فؤاد وابنتيه فريال وفوزية. واضطرت ناريمان للبقاء في روما فترة من الوقت لتحافظ على ثروة ابنها، أو تحصل على المبلغ، لكن فاروق كان يضع أمواله في البنك بالأرقام السرية، ولم يترك أي معلومات حتى لبناته، وبالتالى لم يكن ممكناً أن تفصح البنوك عن هذه الثروات مادام الورثة الشرعيون لا يعرفون الأرقام. ونتيجة ذلك ضاعت أموال كثيرة كانت مع فاروق.
وكان عدد الذين ساروا في جنازة فاروق لا يزيد على 150 شخصاً بعضهم من العرب وبعضهم من المصريين الذين اعتادوا السهر معه والبعض من الإيطاليين، ومنهم صديقته «إيرما كابوتشى». وقد دفن فاروق في قبر مؤقت في روما، ثم نُقل جثمانه إلى القاهرة بعد عشرة أيام على شركة مصر للطيران، وتم دفنه في قبر إبراهيم باشا. وفى عهد أنور السادات أمر بنقل رفاته إلى مسجد الرفاعى، حيث مقابر الملوك والأمراء.
■ ■ وقد نالت «إيرما كابوتشى»، بعد وفاة فاروق، نصيباً كبيراً من النشر تضمَّن تاريخها، حيث بدأت مغنية في ملهى ليلى عندما دخل فاروق هذا الملهى ومعه حاشيته التي تعوَّد السهر معها. وحين دخل فاروق وكانت إيرما تغنى توقفت عن الغناء وحيَّت فاروق. وكان لهذا المشهد أثره البالغ لدى فاروق الذي صفق لها بنفسه، ودعا حاشيته أن تصفق لها. ومن هذه الليلة راح فاروق يذهب إلى هذا الملهى. وفى ليلة بعث المترودوتيل يدعوها لمائدته فجاءت مرحبة وبدأت حكايتها معه بالدموع، كما ذكرت الصحيفة الإيطالية التي نشرت القصة. وعندما سألها فاروق عن سبب بكائها قالت إن قريبة عزيزة عليها ذهبت سائحة إلى مصر وماتت في أسوان، ودفنت هناك، وهى تحتفظ بكل الكروت الخاصة التي كانت ترسلها من أسوان. وسعد فاروق لمعرفته أن رباطاً يربط إيرما بمصر. وأصبح فاروق وإيرما صديقين وقد طلب منها أن تترك العمل في الملهى فقالت له إن والدها سائق تاكسى، وهى تتكسب من عملها في الملهى، فقال لها فاروق: سأعوضك. ومع ذلك تعترف إيرما بأن فاروق كان بخيلاً.