فى مقاله بـ«المصرى اليوم»: «الشعائرُ تظلُّ شعائرَ» بتاريخ ١ فبراير، وضع «نيوتن» قانونه الرابع الذى خصّ به أحفادَه الصغار حتى ينشأوا نشأة نفسية وروحية وعقلية سوية. فرح الجدُّ لأن صغارَه قد تعلّموا أخيرًا أن يكونوا «مسؤولين عن» أحد، بعدما ظلّوا طوال أعمارهم النحيلة، «مسؤولا عنهم» من قِبل آخرين؛ مثل الأب والأم والجدّ والجدّة والمعلمة والمربية وسواهم من الكبار. تلك إحدى وصايا علماء التربية والصحة النفسية أن نجعل أطفالنا يُربّون النباتات والحيوانات الأليفة فيطعمونها ويلاعبونها ويحنون عليها وينظّفون روثها، فينشأ الصغارُ رحماءَ واسعةً صدورهم، يتقنون فنَّ أداء «الواجب» مثلما أتقنوا منذ يومهم الأول فى الحياة فنَّ المطالبة بـ«الحق». حين تنشأ علاقةُ صداقة بين الطفل وبين حيوان ما، لا يتحمّل أحدُهما أن يرى صديقَه حزينًا. لا تصدقوا أن الحيوانات، كل الحيوانات، لا تتألم من أجلنا مثلما نتألم من أجلها. أعرف كلابًا ماتت فور موت أصحابها، بل أعرف حديقةً ماتت زهورُها وأشجارُها فور موت السيدة الطيبة، جدة أطفالى، التى كانت ترعاها، رغم استمرار ريّها وتسميدها. النباتُ يحزن لموت أحبائه، والحيوان يتمزّق وجدًا لشقاء رفيقه الإنسان.
وصل الخروفان الجميلان إلى بيت «نيوتن»، تمهيدًا لعيد الأضحى المبارك. عاد الأحفادُ من مدارسهم ففرحوا بالضيفين الجديدين وراحوا يتسابقون فى إطعامهما أعوادَ البرسيم الخضراء وتقليد أصواتهما والتربيت على فرائيهما الأجعدين. يقول فى مقاله بجمله القصيرة الواثبة: «نَمَتْ علاقةٌ خاصة بين الأطفال وبين الخروفين. تقوم بالأساس على الرحمة. والعطف والعطاء. بعد ذلك عندما جاء اليوم الموعود واللحظة الموعودة. آثرت على أحفادى ألا يروا هذا المشهد الدامى الذى تقشعر له الأبدان حتى لو كان بالشعائر. لم أُرد أن أنزع عنهم الصفةَ التى اكتسبوها وغرست فيهم. أشفقت عليهم من أن يروا ذبح أصدقاء لهم». ثم يتساءل «نيوتن»: «هل فى هذا ازدراء للدين؟!»، ثم يحاول أن يعطينا مفهومًا جديدًا «للنحر» الذى ورد فى سورة «الكوثر». مفهومًا أكثر شمولا وعمقًا من مجرد نحر عنق شاة أو خروف أو جمل. يقول «نيوتن» فى مقاله الجميل: «هناك أشياء نتفق عليها. ولا نجهر بها. مثل ما قالت به فاطمة ناعوت. «فصلِّ لربك وانحرْ». آية كريمة من القرآن العظيم. يمكن أن نفهمها على أكثر من نحو. فلماذا لا أنحر شهوة. أو أنحر الغضب المكتوم فى نفسى. أو كراهية تجاه إنسان؟ فالصلاة والنحر نقوم بهما طوال العام. وليسا مقصورين على عيد الأضحية فقط. الشعائر تظل شعائر. ليست هى صلب الدين. وعظمة القرآن. إنه صالح لكل زمان ومكان. كما أننى لست ضد تقديم أضحية، أى أضحية. ولكن بأى طريقة؟... هل نقدمها بطريقة إنسانية أم بطريقة وحشية؟. الفارق كبير. والرحمة عنوان الإسلام. والنبى عليه السلام عنف السيدة التى حبست هرة فى منزلها. فلم تطعمها ولم تسقها».
لا شكّ عندى أن «نيوتن» أحد أولئك الاثنين بالمائة الذين قال عنهم برنارد شو: «اثنان بالمائة من الناس يفكرون، ثلاثة بالمائة من الناس يعتقدون أنهم يفكرون، وخمس وتسعون بالمئة من الناس يفضلون الموت على التفكير». أيها المغالون الغُلاة المزايدون على تقوانا وإيماننا، حاولوا أن تلحقوا بأهل الخير، الاثنين بالمائة.
Twitter: @FatimaNaoot