x

عباس الطرابيلي معارك الإعلام.. وفلسفة قش الأرز! عباس الطرابيلي السبت 20-02-2016 21:41


لماذا لا نتحرك- حتى إعلامياً- إلا بعد أن تقع الكارثة، ثم نقف على الأطلال، نبكى ما حدث وما جرى؟ وهل أصبح هذا هو سلوكنا؟.. والطريف أن «هذه الهوجة» تستمر.. وتصل ذروتها وتتحول إلى حكايات وحواديت «يعنى لبانة فى الفم» ثم ينام الكل بعدها.. وكأن شيئاً لم يحدث.. ولذلك وجدنا من يتشدق ويصف معاركنا بأنها مجرد «معارك من.. قش الأرز»، ناره عالية، ودخانه كثيف.. ثم تنتهى القضية كلها إلى.. لا شىء!! وقد فهم السلطان- أى سلطان- هذه الطبيعة المصرية الخالصة، وبذلك يترك الإعلام يصول ويجول.. لأنه يعلم أنها مجرد موجة، سرعان ما تنتهى.. وغالباً ما تنتهى دون أن تأخذ الدولة إجراءً يحل ويحسم.. يعالج ولا ينسى.

وآخر هذه الأحداث ما وقع من رقيب شرطة حول منطقة مديرية أمن القاهرة.. قد يبدو الأمر حساساً وصعباً، خصوصاً أن فى النفس شيئاً.. ومرارة.. وربما تاريخاً.. وربما السبب سلوكيات قلة من رجال الشرطة، ولكن لأنه جهاز الشرطة الذى تعرّض لحملات عنيفة، خصوصاً فى السنوات الأخيرة، فإن الناس غالباً ما تقف ضد هذا الجهاز، ثم كل مجهوداته لحماية الأمن الداخلى ومعارك الإرهاب وسقوط المئات من رجاله شهداء أو مصابين.. ولكن أليس هذا موجوداً فى كل أجهزتنا بلا منازع.. نقول ذلك لأن نقطة سوداء واحدة تكون أكثر بروزاً فى الثوب الأبيض.. وهذا هو حظ جهاز الأمن.. ولكن هل كان يجب الانتظار إلى أن يتدخل رئيس الجمهورية ويوجِّه تعليماته بإدخال تعديلات تشريعية، أو سن قوانين جديدة تكفل ضبط الأداء الأمنى فى الشارع.. أم أن حساسية هذا الجهاز الآن من كثرة ما تعرض له من حملات، وافتراءات، أحياناً هو الذى نجده الآن فى مثل حادث الدرب الأحمر، منذ أيام.. ولكننا للأسف ننسى كل الإيجابيات التى نجح هذا الجهاز فى إنجازها. ولكن سلبيات عشرات السنين لا يمكن حلها فى شهور قليلة.. ويكفى أنه مرت علينا فترات لم يكن المواطن يأمن فيها على نفسه وماله وعياله.. حتى لجأ البعض إلى البحث عن سلاح شخصى يؤمِّن حياته وأسرته.. إلى أن عاد الأمن- وبعد أن دفعنا ثمناً غالياً- وعاد المصرى يعيش فى أمان كبير إلى حد تحسدنا عليه كل شعوب الربيع العربى.

ونفس الشىء مع حوادث القطارات.. نعم نعترف بأن هذا الجهاز الحيوى قد تراجع إلى حد كبير. ونسينا أننا أول دولة فى أفريقيا تستخدمه ومن أوائل الدول عالمياً.. ولكن إهمالنا عمليات الصيانة والتحديث جعل وزير النقل الدكتور سعد الجيوشى يطرح رقماً خرافياً لإنقاذه، وهو 90 مليار جنيه.. ليه هو الكيلو الجديد.. بكام؟! يمكن الأفضل البدء بإنشاء مرفق جديد، ولكن ما يهمنى- بعد حوادث المزلقانات والقطارات على خط الصعيد- هو ما أعلنه الوزير عن إجراءات صارمة لتوفير أعلى معدلات السلامة بالقطارات.. وللأسف نوجه اللوم إلى سائقى القطارات وإلى عمال المزلقانات.. ونسينا طول الإهمال الذى أوصلنا إلى هذه الحالة المتدنية للمرفق.. وأتعجب هنا: ولكن كيف نفكر فى القطارات فائقة السرعة بينما نحن لا نملك نظاماً يؤمّن لنا المزلقانات وقطاراتنا تمشى بسرعة السلحفاة؟!

ونثور ونحاول هدم نظام التأمين الصحى بسبب حادث فردى.. وننسى أن الخلل الذى أصاب هذا القطاع الحيوى هو ضعف الموارد والمخصصات.. وبسبب ذلك سقط لنا 5 وزراء للصحة فى أقل من 20 شهراً.. فهل هذا يجوز؟!.. هنا نقول: قبل أن تحكموا على أى جهاز بالفشل فكروا: كيف وصلنا إلى هذا الحد.. بينما المرتبات تبتلع معظم ما يخصص للصحة من اعتمادات، ونسينا أن من المهم- أيضاً- دعم الأجهزة والمعدات، وهى أدوات الطبيب الأساسية لتوفير العلاج.. السليم!!

فهل حان الوقت أن نبتعد عن «حرائق قش الأرز» التى تتكرر كل عام، وعندما نلمح تغير لون السماء بسبب دخانها.. ننطلق نتحدث عن البيئة.. وحماية البيئة.. وهى قضية عجزنا عن حلها.. بينما هذا القش الذى نحرقه ثروة عظيمة عرفت شعوب غيرنا كيف تحسن استخدامها.

■ والكلام الباقى: للإعلام المصرى- بكل أنواعه- لماذا دائماً يكون رد فعلنا متكرراً مع هذه الأمور، وغيرها.. لماذا «الهبّة» أو الهوجة التى نتحدث بها وعنها ثم سرعان ما نتوقف.. بمجرد أن ينتهى الدخان.

الحل إذن هو عجزنا المالى، وكيف نوفر المطلوب لكل هذه المرافق.. بل نتساءل- كما تساءل الرئيس السيسى- قولوا للناس.. من أين ندبر الأموال المطلوبة.. وكيف تعانى الدولة من أجل ذلك؟

■ على الأقل حتى يخفف الناس من مطالبهم.. إلى أن نعبر الأزمة.. ويزيد إنتاجنا.. ونوقف نزيف ما ندفعه لاستيراد كل شىء.. ولكن الحمد لله.. أننا لم نسمح باستيراد الفجل والجرير حتى الآن!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية