قضت محكمة الجنايات، أمس، بالسجن المؤبد على المتهم محسن منير السكرى إضافة إلى معاقبته بالسجن 3 سنوات عن حيازته أسلحة وذخائر دون ترخيص، والسجن المشدد 15 عاماً على هشام طلعت مصطفى، رجل الأعمال، فى قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.
شهدت الجلسة انشقاقاً بين فريقى الدفاع عن المتهمين، وتنازل هشام عن طلباته التى أبداها الدفاع فى جلسة أمس الأول، عدا سماع 5 شهود، بينما أصر دفاع السكرى على تنفيذ جميع طلباته، وحكمت المحكمة بعد مداولة استمرت 10 دقائق بمعاقبة المتهمين محسن منير على حمدى السكرى بالسجن المؤبد، عما أسند إليه فى قرار الإحالة بواقعة مقتل سوزان تميم داخل شقتها فى برج الرمال فى إمارة دبى، كما حكمت المحكمة عليه بالسجن المشدد 3 سنوات لاتهامه بحيازة أسلحة وذخائر دون ترخيص،
كما قضت بمعاقبة هشام طلعت مصطفى إبراهيم، رجل الأعمال، بالسجن المشدد 15 عاماً، عما أسند إليه، بتحريض المتهم الأول على قتل المطربة اللبنانية، بمليونى دولار، كما قررت المحكمة مصادرة المليونى دولار والأسلحة والذخائر، التى عثر عليها فى فيلا السكرى بشرم الشيخ، وشقته فى الشيخ زايد، وألزمت المتهمين بالمصاريف الجنائية، كما قضت المحكمة فى الدعوى المدنية المقامة من عبدالستار تميم، والد المجنى عليها، وشقيقها خليل عبدالستار تميم، ووالدتها ثريا الظريف، بإحالة الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة، دون مصاريف وقضت بعدم قبول الدعويين المدنيتين المقامتين من زوجى القتيلة عادل معتوق ورياض العزاوى لسابق الفصل فيهما، والإحالة إلى المحكمة المدنية المختصة، كما قضت المحكمة فى الدعوى المدنية المقامة من ممدوح تمام حمدالله، صاحب دعوى المحامين الأجانب، برفضها وإلزامه بالمصاريف و100 جنيه أتعاب محاماة.
أصاب الحكم المتهمين بالذهول لعدم توقعهما صدوره، خاصة أن الجلسة كانت محددة لسماع أقوال الشهود الذين أصر الدفاع عن المتهمين سماعهم، وأصيب السكرى بحالة من الوجوم بمجرد النطق بالحكم، بينما جلس هشام طلعت على مقعده فور النطق بالحكم، ونظر إلى أعلى، كأن لسانه حاله يشكر الله على النجاة من حبل المشنقة، قابلت سحر طلعت مصطفى، التى حضرت بعد غياب جلستين وشقيقها هانى، الحكم بذهول وأعربا عن استغرابهما من صدور الحكم دون مرافعة، وبدا على سحر عدم فهم منطوق الحكم، واستعانت بالمحامين لتوضيح الحكم لها.
وأصابت الصدمة جميع المحامين عن المتهمين، وجلس بهاء أبوشقة فور النطق بالحكم على المقعد المخصص له، وجواره حافظ فرهود وآمال عثمان وحسانين عبيد، وفريد الديب، وظلوا يتهامسون فيما بينهم حول تفسير الحكم، رغم عدم انتهاء القاضى عادل عبدالسلام جمعة من تلاوة باقى منطوق الحكم. صدر الحكم برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة وعضوية المستشارين محمد حماد والدكتور أسامة أنور جامع وبحضور المستشار مصطفى سليمان، المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، والمستشار مصطفى خاطر، المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة، وأمانة سر سعيد عبدالستار.
عقب انتهاء رئيس المحكمة من النطق بالحكم، فرضت أجهزة الأمن حصاراً أمنياً على جميع المتواجدين داخل القاعة، ومنعت الإعلاميين من الاقتراب من غرفة المداولة وقفص الاتهام، وأمر اللواء عابدين يوسف، نائب مدير أمن حلوان، اللواء حسن السوهاجى، مدير البحث الجنائى، باصطحاب المتهمين إلى محبسهما وسط حراسة مشددة أشرف عليها المقدمان عبدالله عباس وحسن زيور، وتم اقتيادهما فى سيارة ترحيلات، تسبقهما 3 سيارات، وخلفها 3 أخريات، ودراجتا مرور، وتم إيداعهما فى الثانية والنصف من ظهر أمس، فى محبسهما بسجن مزرعة ليمان طرة، ووصف مرتادو الطريق الدائرى والأهالى اصطحاب هشام والسكرى إلى السجن بـ«الموكب»، فى حين قررت إدارة السجون تعيين حراسة مشددة على المتهمين خلال ليلتهما الأولى، عقب صدور الحكم، وقالت مصادر إن زملاء هشام والسكرى فى السجن استقبلوا الحكم بفرحة عارمة لنجاتهما من الإعدام.
قابل فريد الديب، المحامى عن هشام طلعت مصطفى الحكم بـ«الضحك»، وقال فى تصريحات صحفية لـ«المصرى اليوم» إن الضحك سببه استغراب ودهشة وألم، من أن تصدر المحكمة حكمها بهذه السرعة، وأضاف أنه كان واضحاً على المحكمة التعجل والتسرع فى نظر القضية، وسرعة الفصل فيها، وتابع: هذا كان واضحاً من سير الجلسات، ونفى أن يكون ضحكه سببه هو السعادة بالحكم، وقال إنه حزين لصدور الحكم دون مرافعة بالمخالفة للقانون، وقال بهاء أبوشقة إن الحكم لم يكن متوقعاً، وإن الجلسة كانت محددة لسماع الشهود، وأنه لا يوجد نص قانونى يسمح للقاضى بأن يحكم فى قضية دون الاستماع إلى دفاع المتهمين، ووصف الحكم بأنه «باطل وسافر»، ويخالف قانون الإجراءات الجنائية.
وأضاف أنه سينتظر صدور حيثيات الحكم للاطلاع عليها، وبحث ما فيها من أسباب، خاصة تسيب القاضى لإصداره الحكم دون الاستماع إلى مرافعة الدفاع، وتابع: عند الاطلاع على الحيثيات سيتمكن باقى فريق الدفاع عن هشام من اتخاذ قرارهم بالطعن على الحكم من عدمه، وقالت مصادر قضائية إن «الهيئة» التى أصدرت الحكم لها أسبابها فى إصداره، وأن هذه الأسباب سوف يتم إيداعها فى حيثيات الحكم، التى ستصدر خلال 30 يوماً، لأن «الهيئة» اطلعت على جميع أوراق القضية وتفحصت كل الأدلة الفنية والقولية والمادية، وفحصت أقوال جميع الشهود سواء من مصر أو الإمارات، وأن الحكم كان له سوابق من خلال الأوراق، وأن هناك دفاعاً فى الحيثيات عن أسباب إصدار المحكمة مثل هذا الحكم، وذلك لما رأته المحكمة من أن هناك تعطيلاً وتسويفاً فى الدعوى، من خلال محاولات فريقى الدفاع.
وكانت جلسة أمس شهدت أحداثاً ساخنة، ولم يكن يتوقع أحد أن تصدر المحكمة حكمها، وكانت الأمور هادئة ولا تشير إلى أى أحداث غير متوقعة، وبدأت الجلسة بإجراءات أمنية مشددة، وتم التأكد من حضور جميع الشهود المصريين قبل بدء الجلسة، كما حضرت سحر طلعت مصطفى وشقيقها هانى بعد غياب جلستين وحضر أبناء هشام وأقاربه وعدد من العاملين فى مجموعة طلعت مصطفى وأنصاره الذين تواجدوا فى القاعة منذ التاسعة صباحاً، بعدها بدأت المحكمة الجلسة وأثبتت طلبات فريق الديب الذى تنازل فيها عن بعض الطلبات، كما استمعت المحكمة إلى أقوال الطبيبة الشرعية، هبة العراقى، والدكتور عادل المسيرى الخبير الاستشارى فى الطب الشرعى.
أكد أمر الإحالة الذى أعدته النيابة العامة لإحالة المتهمين هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى إلى محكمة الجنايات تحريض المتهم هشام طلعت لمحسن السكرى على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، وكان المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، قد أحال المتهمين محبوسين لاتهام السكرى بقتل سوزان تميم فى إمارة دبى، بدولة الإمارات العربية ٢٨ يوليو الماضى، واشتراك «طلعت» فى الجريمة بطرق التحريض، والاتفاق والمساعدة.
كان إنتربول أبوظبى قد طلب من الإنتربول المصرى التحرى عن شخص يدعى محسن السكرى، لارتكابه جريمة قتل المجنى عليها سوزان تميم، فى إمارة دبى بدولة الإمارات، وفى إطار اتفاقية التعاون القضائى والقانونى بين الدولتين، تم ضبط السكرى، وتبين أنه ضابط شرطة سابق، وأمر النائب العام بإجراء التحقيقات فى مكتبه الفنى، وطلب جميع المعلومات وإجراءات الاستدلال وصورة التحقيقات التى أجرتها السلطات القضائية فى دبى بشأن الواقعة، وفور ورودها تم استجواب الضابط، وأشار المتهم فى أقواله إلى دور المتهم الثانى، هشام طلعت مصطفى، فى الحادث، واتخذت النيابة العامة جميع الإجراءات القانونية التى يفرضها القانون والاتفاقيات الدولية واستخدمت صلاحياتها فى حظر النشر فى القضية، استناداً لسلطاتها المقررة قانوناً، توقيا لما عساه أن يقع من تأثير من خلال التغطيات الإعلامية على مسار التحقيق، وصوناً لمبادئ الشرعية وحقوق الإنسان.
وعلى الجانب الآخر، أمر النائب العام بإدراج اسمى المتهمين على قوائم الممنوعين من السفر، وتم استصدار إذن من مجلس الشورى لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المتهم الثانى لكونه عضوا بالمجلس، وتم استجوابه واستكمال جميع إجراءات التحقيق القانونية للوصول إلى حقيقة الواقعة، وأكدت النيابة العامة أن إجراءاتها جاءت وفقاً لنصوص القانون، الذى تسعى إلى تطبيقه من الناحيتين الموضوعية والإجرائية على الوقائع المطروحة بكل الاستقلال والحياد اللذين تتمتع بهما.
وانتهت التحقيقات إلى أن المتهم الأول ارتكب جناية خارج القطر، بقتله المجنى عليها سوزان عبدالستار تميم عمداً مع سبق الإصرار، بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها فقام بمراقبتها ورصد تحركاتها - بالعاصمة البريطانية - لندن ثم تتبعها إلى إمارة دبى - بدولة الإمارات العربية المتحدة - حيث استقرت هناك، وأقام فى أحد الفنادق بالقرب من مسكنها واشترى سلاحاً أبيض «سكين» أعده لهذا الغرض وتوجه إلى مسكنها وطرق بابها وادعى أنه مندوب عن الشركة مالكة العقار، الذى تقيم فيه، لتسليمها هدية وخطاب شكر من الشركة، ففتحت له باب شقتها إثر ذلك، وما إن دخل انهال عليها ضرباً بالسكين، محدثاً بها إصابات لشل مقاومتها، وذبحها قاطعًا الأوعية الدموية الرئيسية والقصبة الهوائية والمرىء، مما أودى بحياتها على النحو المبين والموصوف بتقرير الصفة التشريحية والتحقيقات، وكان ذلك بتحريض من المتهم الثانى هشام طلعت، مقابل حصوله منه على مبلغ نقدى (مليونى دولار)، ثمنا لارتكاب الجريمة.
وأشار أمر الإحالة إلى اشتراك المتهم الثانى هشام طلعت بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى قتل المجنى عليها، انتقامًا منها وذلك بأن حرضه واتفق معه على قتلها واستأجره، مقابل مبلغ مليونى دولار، وساعده بأن أمده بالبيانات الخاصة بها والمبالغ النقدية اللازمة للتخطيط للجريمة وتنفيذها، وسهل له تنقلاته بالحصول على تأشيرات دخوله المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق، وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
كانت النيابة قد قررت حبس المتهمين محسن منير على حمدى السكرى، وهشام طلعت مصطفى إبراهيم، احتياطيا على ذمة التحقيقات. وأمر النائب العام بإحالة القضية إلى محكمة الجنايات.
الخوف يسيطر على «السكرى».. ويقف 45 دقيقة أثناء الجلسة
خلال الجلسة وقف محسن السكرى 45 دقيقة شاردا وظهرت عليه علامات الخوف والتوتر أثناء شهادة الدكتورة هبة العراقى، خبيرة الطب الشرعى، وظل يتابع ويدون جميع اقوالها، وكان يشير بحركات إلى دفاعه وإشارات أخرى إلى والده وكان منفعلا عندما تقدم محامى هشام طلعت مصطفى بمذكرة للتنازل عن الطلبات التى جاءت فى 13 طلبا والاستماع إلى 28 شاهدا، وظل يدخن بشراهة، خاصة عندما سأل فريد الديب الشاهدة عن فساد عينة الحامض النووى إذا تشممها كلب، وعندما قال عاطف المناوى للقاضى: «ده آخر سؤال وسألها عن ماركة التيشيرت وهى بروتيست وأين عثرت عليه، انفعل محسن من داخل القفص قائلا: «سيادة القاضى أنا عندى سؤال» فحاول محاميه منعه، إلا أنه أصر وطلب توجيه السؤال فسمحت له المحكمة، فقال محسن للشاهدة: «حضرتك القميص والبنطلون اللى النيابة بتدعى إنهم بتوعى».. فوجهته المحكمة إلى أن النيابة لا تدعى، فعدل محسن سؤاله: «نيابة دبى يا فندم.. هل وجدت فيه أى آثار لى أثناء الفحص البيولوجى»، فكانت إجابة الطبيبة الشرعية: «أنا تعاملت مع التلوثات الدموية المختلفة الموجودة على التى شيرت والملابس فقط ولم أتعامل مع الآثار البيولوجية ولم أجد أى عينة مختلطة تشير إلى شخصية المتهم»، عندها وجه محسن السكرى كلامه للقاضى: «شكرا يا فندم.. هو ده اللى أنا كنت عاوزه».
90 دقيقة قبل «الحكم»: دفاع «هشام» يكتفى بـ 5 شهود.. ومحامى «السكرى» يتمسك بجميع الطلبات
وافقت المحكمة لدفاع هشام طلعت على الاستماع لـ5 شهود، من مصر ودبى، بينما تنازل الدفاع عن باقى الشهود، وهو ما اعتبره دفاع محسن السكرى «إخلالاً بحقه»، وأصر على استدعاء جميع الشهود،الذين طلبهم فى الجلسات السابقة، وشهدت الجلسة تضارباً فى أقوال الطبيبة الشرعية والطبيب الاستشارى الذى أحضره دفاع طلعت فى القضية.. «المصرى اليوم» رصدت قصة الـ90 دقيقة التى سبقت صدور الحكم المفاجئ على هشام طلعت ومحسن السكرى.
منذ السابعة صباحاً، وكعادة الحراسات الأمنية المشددة فى جلسات محاكمة هشام طلعت ومحسن السكرى، أحاطت مديرية أمن حلوان مبنى المحكمة، بأكثر من 20 سيارة أمن مركزى و500 مجند وأكثر من 50 ضابطاً باختلاف رتبهم، وفى العاشرة صباحاً سمحوا بدخول وسائل الإعلام إلى القاعة، بعد إجراء عمليات تفتيش ذاتية، عن طريق بوابتين حديديتين، وجلس كل من فى القاعة التى امتلأت عن آخرها، فى انتظار ظهور المتهمين وبدء الجلسة، وواحداً تلو الآخر بدأ المحامون عن المتهمين فى الحضور،
وللمرة الأولى منذ نشوب المشاجرة التى أثبتتها أوراق التحقيقات ومحاضر الشرطة بين هشام طلعت مصطفى والدكتور إيهاب ماضى زوج شقيقته، داخل سجن مزرعة طرة، حضرت «سحر» الشقيقة الصغرى لهشام طلعت، بعد أن تغيبت على مدار 4 جلسات، وجلست إلى جوار ابن هشام وعدد من أقاربه، وحاولت «المصرى اليوم» أن تسأل عما إذا كان زوجها حضر، فكانت الإجابات بالنفى، وبعد نصف ساعة تقريباً ظهر المتهم الأول محسن السكرى داخل القفص الحديدى المخصص له، وأعقبه دخول هشام طلعت الذى أشار إلى محاميه فريد الديب، فاقترب منه داخل القفص وتحدثا معاً لقرابة 10 دقائق كان خلالها الديب يدون بعض الكلمات فى ورقة، وتكرر ذلك مع محسن السكرى ومحاميه عاطف المناوى ولم يقاطعهما إلا إعلان حاجب الجلسة عن بدء الجلسة.
فى البداية أثبت المستشار سليمان خاطر، المحامى العام ممثل النيابة، أن النائب العام فى دبى أرسل له خطاباً يفيد بتعذر حضور الشهود الإماراتيين، وأثبتت المحكمة أن فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفى تنازل عن جميع الشهود عدا 5 شهود فقط، هم: «الدكتورة هبة العراقى، الطبيبة الشرعية، والدكتور عادل المسيرى، الطبيب الشرعى الاستشارى، و3 شرطيين فى دبى».