x

عبد الناصر سلامة صباح السعادة يا عرب عبد الناصر سلامة الثلاثاء 16-02-2016 21:28


أتمنى لو أن كل العرب استحدثوا وزارات للسعادة، أو التسامح، كما هو حال دولة الإمارات، أتمنى أن يكون كل العرب سعداء بالفعل، أتمنى لو كان الأفق يشير إلى أن السعادة قادمة فى الطريق لكل الأقطار العربية، أتمنى تسمية كل المواليد الجدد باسم «سعادة»، بدلاً من أن نطلقها على ذوى السلطة والنفوذ، أتمنى لو نُسمى المواليد «معالى»، أو حتى «سمو»، أو «صاحب السمو»، لتصبح هذه أسماء حقيقية بالفعل، بدلاً من أن تظل ألقاباً لأناس بأعينهم.

إلا أن ما وجدتنى أتوقف أمامه هو: ماذا إذا أنشأنا وزارات للسعادة، وكان الظلم هو أساس الحكم، أو كانت التفرقة العنصرية هى أساس المُلك، ماذا إذا أنشأنا وزارات للتسامح وكانت السجون تكتظ بالشباب، لمجرد أنهم عبّروا عن رأيهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى مثلاً، أو سوَّلت لهم أنفسهم المطالبة بالمساواة مع آخرين، يستبيحون مُقدَّرات هذا البلد أو ذاك.

أليس هذا هو الواقع العربى، أليس هذا هو واقع الحكام العرب، سواء فى الدول المحكومة بعائلات أو غيرها، كيف يمكن لدولة ما مثلاً أن تُنشئ وزارة للسعادة، وهى سبب رئيسى فى تعاسة الآخرين، سواء داخل الوطن، أو فى دولة أخرى شقيقة، أو حتى غير شقيقة، بمعنى آخر: كيف يمكن لدولة تدّعى السعادة، وفى الوقت نفسه ترسل قوات عسكرية لتقتل شعباً آخر، أو دولة تُنشئ وزارة للسعادة، وهى تقوم بتمويل حرب فى دولة أخرى، كيف يمكن لدولة تدّعى التسامح، وفى الوقت نفسه تقوم بتمويل أنظمة ديكتاتورية، أو تُصدر أحكاماً بالإعدام على شباب لأسباب واهية؟!

أعتقد أن الأخلاق كلٌّ لا يتجزأ، كما السعادة لا يمكن استغلالها كاسم فقط، دون فعل على أرض الواقع، كما التسامح لا يمكن التعامل معه بمنأى عن الأحداث الجارية ككل، لذا فإن العالم العربى تحديداً، ولأنه عالم بلا مصداقية، يلعب على الشو الإعلامى، ويعمل على خداع الآخرين ليس إلا، على أى عاصمة أن تُعلن بالوثائق والأدلة، قبل الإقدام على كل ما من شأنه تحسين صورتها المهترئة أساساً، كم عدد المعتقلين لديها، ما مدى التمتع بحرية الرأى، ما حقيقة تداول السلطة، ليس بين العائلة الواحدة بالطبع، ما حجم الأموال المهربة إلى الخارج، كم عدد العبيد لديها فى القرن الحادى والعشرين، ما مدى التدخل فى الشأن الإعلامى؟

أعتقد حين ذلك أنه سوف يكون من العبث إنشاء وزارات من أى نوع، حتى لو كانت للبيئة، وبالتالى لا يجب أن نقفز على وزارات البيئة وما شابهها، بإنشاء وزارات لحقوق الإنسان مثلاً، فى الوقت الذى لا توجد فيه أى حقوق للإنسان، أو نُنشئ وزارات للسعادة، فى الوقت الذى يئن فيه مظاليم بالسجون، أو وزارات للتسامح، فى الوقت الذى يوجد فيه مواطنون خارج الوطن لا يستطيعون العودة إليه.

هو عبث عربى أصيل، سواء بسواء، كالخيل العربى، والنوق العربية، الذى يقوده فى السباقات أطفال فى عمر الرابعة أو الخامسة، كلما أجهشوا بالبكاء، ازدادت السُرعة والصَّرعة، بفعل ذلك البكاء وتلك الحالة الدرامية، التى لن يصلح بعدها الطفل للحياة، فى إطار من السعادة والتسامح، وحقوق الإنسان، والحيوان، وحياة العبيد، والجوارى، وما خفى كان أعظم.

بالفعل، لو استطاع العرب أن يكونوا سعداء، ويعملوا على إسعاد الآخرين، لما كان هذا الانطباع الخارجى، وحتى الداخلى عن المواطن العربى، فلم تعد القضية نظرة الآخرين إلينا، بقدر ما هى نظرتنا إلى أنفسنا، مما جعلنا نفقد الثقة فى أنفسنا إلى هذا الحد، فمازال الاستيراد من الخارج يستحوذ على الجزء الأكبر من موازنات العرب، كل العرب، مازالت الشركات الأجنبية هى المهيمنة والمسيطرة على استخراج وصناعة النفط، سلعة العرب الأولى، مازالت المواطَنة العربية درجات، وبالقانون والدستور، مازال، ومازال، ومازال، يجب علاجها كلها، قبل أن نتحدث عن السعادة والتسامح.

وإذا تحدثنا عن السعادة أيها العرب، فعن ماذا يتحدث السويسريون، والسويديون، والنرويجيون، والهولنديون، والدنماركيون، وإذا كنا استكثرنا على اليمن الشقيق أن يعود سعيداً، فكيف بنا أن نكون سعداء، وإذا كنا قبلنا أن يظل خمسة ملايين فلسطينى فى بلاد المهجر، فكيف بِنَا أن نكون سعداء، وإذا كنا قبلنا بأكثر من عشرة ملايين سورى يعيشون فى العراء، فى هذا البرد القارس، فكيف بنا نكون سعداء، وإذا كنا قبلنا بالقدس محتلة، والعراق مقسما، وسوريا مدمرة، وليبيا ممزقة، وكل ذلك بأموال السعداء، أقصد بأموال النفط العربية، فكيف بنا نكون سعداء.. سا الخير يا عرب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية