خارج المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، في غرفة صغيرة بها مكتبان أحدهما يجلس عليه السكرتير الشخصي للرئيس الأمريكي باراك أوباما، والآخر يجلس عليه بريان موستلر، الشخص، الذي يقوم بالأشياء الصغيرة، التي لا يجب على الرئيس فعلها، حسب ما ذكر موقع «واشنطن بوست».
قليلًا ما نسمع عنه، ولكننا إذا دققنا النظر في الصور، التي يتم التقاطها داخل البيت الأبيض ستلمحه غالبًا داخل الكادر، بحيث تستطيع أن تقول إنه شخص دائم الحضور.
وموستلر، هو مدير عمليات المكتب البيضاوي، فعندما يكون أوباما في واشنطن فكل حركة يتحركها الرئيس وكل شخص يقابله وكل اجتماع يحضره، يقوم موستلر بتنظيمه وإعداده، فهو يعرف جيدًا أين يحب أوباما أن يوضع كوب المياه، وبجانب أي شخص يحب أن يجلس الرئيس، ويعرف الارتفاع، الذي يفضله للمنصة عندما يلقي خطابًا، كما يتولى البحث عن المشروبات المفضلة لدى الرؤساء والقادة الآخرين، الذين يستقبلهم أوباما، كما ينبهه إذا كانت هناك كسرة في قميصه أو إذا كانت ملابسه تحتاج لهندمة.
وغالبًا ما يشير له زملاؤه بأنه الجندي المجهول في الرئاسة، ويلقّبونه بـ«الرجل الذي يقف خلف رئيس أمريكا»، الذي بدونه لم يكن أوباما ليعرف تلك السمعة الطبية العالمية كرجل «ممتاز».
وقالت فاليري جاريت مستشارة الرئيس عن موستلر إنه يعرف أوباما جيدًا، وينتبه لكل شيء، وأوباما يعرف جيدًا كم يعتني به موستلر، فهو يهتم بأدق التفاصيل في حياة أوباما من أصغرها لأكبرها لذا فالرئيس يثق به تمامًا.
وموستلر، 40 عامًا، لم يكن أبدًا لديه اهتمام بالسياسة، وهو يتذكر جيدًا عندما كان يشاهد إحدى خطب الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان وهو يخطو على السجادة الحمراء متجهًا للمنصة في القاعة الشرقية بالبيت الأبيض، ليلقي خطاب الأمة، كان يسأل نفسه ما الذي دار خلف الكواليس للإعداد لحدث هام مثل ذلك؟
كان موستلر مولعًا بالبروتوكول، وقال إن اللعب خلف الكواليس كان بالنسبة له شيء أكبر منه، والقدرة على التأثير على الأشياء كانت أكبر منه، وتلقى موستلر تدريب صيفي في البيت الأبيض خلال عهد بيل كلينتون، وعمل مع فريق العمل هناك، وقضى آخر عامين من ولاية كلينتون في البيت الأبيض.
كان ينظم الرحلات الدولية والداخلية للرئيس والسيدة الأولى، وأحب كثيرًا ذلك، ولكنه لم يتمن العمل بالسياسة، وظل يعمل لعدة سنوات في الأعمال اللوجستية والتنظيمية للألعاب الأوليمبية حول العالم حتى عام 2007، وتلقى اتصالًا هاتفيًا من أوباما عندما كان ينظم حملات انتخابية كمرشح ديمقراطي للرئاسة، وكان يريد منه تنظيم ذلك الحدث في ولاية شيكاغو، حيث كان يعيش موستلر.
وفي عام 2008 أصبح موستلر عين وأذن أوباما، بحيث أصبح هو المسؤول عن تنظيم كل حدث وفقًا لما يراه أوباما، خلال حملته الرئاسية، وأخذ ينظم كل شيء كما يريد أوباما، فهو كان يعلم جيدًا متى يطلب من المصورين الكف عن التصوير، وما هو الوقت المناسب ليضع أوباما في مكالمة هاتفية مع منافسه جون ماكين.
وعندما تولى أوباما الرئاسة أصبح موستلر هو المسؤول عن كل اتفاصيل التي تدور خلف الكواليس، فقد كان يقرأ ما يدور في عقل أوباما، ويفهم ما يريده، وكان أوباما إذا أراد أن يعرف النطق الصحيح لكلمة ما، كان يلجأ لموستلر ويسأله، وكان إذا غادر أوباما مكتبه، يظل موستلر حتى يتأكد من إغلاق الأنوار والأبواب، وكان يعرف جيدًا كيف يتعامل مع أوباما عندما يلقي خطابًا مؤثرًا في مركز علاج السرطان، وما هي الأشياء التي يجب فعلها حتى يمضى اليوم بسلاسلة، ومتى يأخذ فاصلا كي يستريح.
وكان أوباما يتعامل مع موستلر كزميل عمل، فقد كان يخرج لمكتبه ويدردش معه دون تكليف، كما كان لموستلر حرية الدخول للمكتب البيضاوي أكثر من أي شخص آخر.
ويسرد موستلر إحدى المواقف، التي لا ينساها مع أوباما، حيث قال إنه صباح اليوم الذي أعلنت فيه المحكمة العليا السماح بزواج المثليين، وكان أوباما يعرف ميوله الجنسية منذ اللحظة الأولى، خرج له أوباما من مكتبه ولف ذراعه حوله دون أن ينبس، وعندما كان يجري أوباما مقابلة حول زواج المثليين، فور انتهاءه سأل موستلر عن أدائه خلال الحديث.