x

الدكتور مصطفى النجار محمد سامي ضابط الشرطة الثائر الدكتور مصطفى النجار الإثنين 15-02-2016 21:29


أحيانا تختنق الكلمات ويعجز المرء عن استيعاب الصدمات من شدة هولها، تمر الأيام ونفقد كل فترة صديقا عزيزا ورفيق طريق شاركنا فى الحلم لهذا الوطن وبذل من جهده وفكره ووقته الكثير لكى يساهم فى إسعاد الناس وتغيير حياتهم للأفضل، تتداعى الذكريات وتستحضر المواقف وتسيل دموعك من مرارة الفقد المبكر الذى داهمك وسلب منك أعز ما تعرف من بشر.

قالوا لى لقد مات محمد سامى بسكتة قلبية مفاجئة لم أصدق، لا بد أن هناك خطأ، أنتقل إلى صفحته لأجد عبارات الرثاء والعزاء تكسو وجهها فأبكى لأن أفضل من فينا يرحلون بلا سابق إنذار، تخرج محمد فى كلية الشرطة عام 1999 وعمل ضابطا بالداخلية عدة سنوات قبل أن يقرر الاستقالة والانغماس فى عمل خاص، استقالته كانت لعدم راحته بالتواجد داخل هذه المنظومة، لذلك كان فى طليعة صفوف الثائرين ضدها فى ثورة يناير ومازال صوته يرن فى آذاننا يوم 28 يناير أثناء لحظات مشهد كوبرى قصر النيل وهو يحمس الناس ويقول (يلا يا جماعة هى كَر وفر كده يلا)، لم يتخلف عن أى لحظة ثورية عقب ذلك وانضم للتجربة الحزبية الوليدة التى أعقبت الثورة وكان له دور هام فى تشجيع الشباب على الانضمام للأحزاب وإحداث التوازن بين المسار الثورى والسياسى، شرفت بتوليه إدارة حملتى الانتخابية فى انتخابات برلمان 2011 بدائرة مدينة نصر وتطوع بكل وقته لكى نصل للناس وتصل أفكارنا، لم يكن محبا للأضواء وعدسات الإعلام، وكان يقول لى خلينى أنا بعيد عن الدوشة دى عايز أشتغل فى هدوء، أثناء اجتماعاتى مع المتطوعين فى مرحلة الإعادة وكنا متوترين للغاية افتقدته مرة فقمت للبحث عنه فوجدته يصلى فى غرفة صغيرة ولم يكن وقت إحدى الصلوات الخمس، فسألته بتصلى إيه؟ قال: الدنيا بقت صعبة علينا أوى فلازم نطلب مساعدة ربنا وعقب انتصارنا على مرشح الإخوان والسلفيين قال لى: أنا دورى كده انتهى وهانتقل لمراقبة أدائك كنائب عن الشعب.

كنت أحب صدقه ونقاءه، لم يكن متلونا ولا صاحب عدة وجوه ككثير ممن عرفتهم خلال هذه الفترة، كان ينتقدنى بشدة فى بعض مواقفى ويقول لى كلاما قاسيا لكننى كنت أسمع ما يقوله ولا أغضب لأن نيته هى النصح والتقويم وليس الهدم أو التثبيط، اتفقنا واختلفنا لكننا ظللنا أصدقاء متحابين، عقب فض اعتصام رابعة وإراقة الدماء التى أصابتنا جميعا بالصدمة والكآبة، حدثنى وصوته يختنق من شدة الحزن قائلا: مصر مش هتبقى مصر اللى إحنا عارفينها بعد اللى حصل النهارده، كلنا هندفع تمن الدم!

كان ناجحا فى عمله وابتكر مع أصدقائه مشروعا لتغيير الأكشاك الخشبية بأكشاك حضارية وكان من ترتيبات القدر أن يعرض التليفزيون المصرى تجربته كتجربة ناجحة للشباب بعد موته، مات محمد سامى ولكنه ترك فى قلوبنا علامة وبصمة تشع بالنقاء والصفاء والوفاء والإخلاص للفكرة والانتصار للمبدأ، مات من كانت هامته عالية لا تنخفض تحت طلقات الرصاص أو قنابل الغاز، مات من عاش حياته يحلم بالأفضل لشعبه ووطنه، سلام يا صاحبى وليصبرنا الله.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية