x

ياسر أيوب أنت يا لاعب كرة القدم الحقير ياسر أيوب الأحد 14-02-2016 21:12


أؤمن بأن كرة القدم ليست مجرد لعبة.. وإنما هى المرآة التى نرى فيها تفاصيل وحقائق كثيرة لكل مجتمع.. سياسيا واقتصاديا وإنسانيا.. وتتحدد هذه التفاصيل والحقائق وفقا لعلاقة كل مجتمع بكرة القدم وكيف يراها ويلعبها ويتابع مبارياتها وينتمى لمختلف أنديتها.. وتصلح كرة القدم لعقد المقارنة بين مجتمعنا فى مصر وأى مجتمع آخر..

وعلى سبيل المثال بإمكاننا المقارنة بين المجتمعين المصرى والبريطانى، استنادا إلى علاقة كل منهما بكرة القدم.. وسنكتشف أننا متأخرون عن البريطانيين بحوالى أربعمائة وعشرة أعوام بالتحديد.. ففى عام 1606.. كتب المسرحى الرائع وليام شكسبير مسرحيته الشهيرة الملك لير.. وحين احتاج شكسبير صفة قبيحة يضعها على لسان دوق كنت، أحد أبطال مسرحيته، ليُهين بها شخصا سيئا يقف أمامه، جعله يقول: أنت يا لاعب كرة القدم الحقير.. فالمجتمع البريطانى فى ذلك الوقت كان يرى كرة القدم لعبة الشرور والخطايا والفسق والحماقة والجهل والغدر وانعدام أى أخلاق..

وقبل أن يُولد شكسبير أصلا، كان الملك إدوارد الثانى قد أصدر أمرا ملكيا يمنع به لعب كرة القدم، حماية للمجتمع ودفاعا عن الأخلاق والاحترام.. وخلال الأربعمائة سنة التى مضت حتى اليوم.. تغير المجتمع البريطانى وتغيرت رؤيته لكرة القدم.. ولعبة الحقراء والصعاليك باتت لعبة النجوم الذين يحبهم الناس، وباتت إنجلترا على سبيل المثال تملك الدورى الأقوى والأشهر والأغنى فى الدنيا كلها.. لكننا فى مصر لانزال نبدأ حكايتنا مع كرة القدم ولانزال نعيش عصر ضرورة حماية أخلاق المجتمع من شرور وآثام كرة القدم.. لانزال فى مصر نحتاج لأن نصرخ كما صرخ شكسبير: أنت يا لاعب كرة القدم الحقير.. فكرة القدم فى بلادنا باتت هى اللعبة اللا أخلاقية.. اللعبة التى تكشف عن أسوأ ما فينا من صفات وعادات وأقبح ما نملكه من مفردات ومطامع..

بداية من أسلوب الخلاف بين كثير من مسؤولى هذه اللعبة فى بلادنا، وحتى العشاق الصغار لهذه اللعبة وكيف يُظهرون انتماءهم لناديهم وكراهيتهم للأندية الأخرى وسخريتهم منها وإهانتهم لها.. لم تعد كرة القدم فى بلادنا ترتبط بأى شىء جميل أو راقٍ.. ومن الواضح أننا تماما مثل الإنجليز علينا أن ننتظر أربعمائة سنة على الأقل حتى نملك تلك اللعبة التى يلعبها الإنجليز الآن، ومثلهم نملك اتحادا للكرة ومسابقات وقواعد ودستورا ونظاما أخلاقيا وإعلاميا كرويا.. فنحن لانزال فى عصور الظلام الكروية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية