الحدث الذى يهز العالم وصول عدد اللاجئين داخل وخارج بلادهم، والأغلبية الساحقة منهم من الشرق الأوسط والعالم العربى وأفريقيا السوداء، إلى أكثر من 60 مليون إنسان، وهو ما لم يحدث من قبل فى العصر الحديث. وأغلبهم يفرون من بلادهم إلى أوروبا عبر قوارب متهالكة تديرها عصابات التهريب، ويموت منهم عشرات الآلاف قبل أن يصلوا إلى الشواطئ.
ويعيش مهرجان برلين 2016 فى قلب الحدث منذ اليوم الأول للدورة 66 الخميس الماضى. ففى مقدمة كتالوج المهرجان قال مديره ديتر كوسليك إنه يؤيد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى سياسة «الباب المفتوح» التى جعلت ألمانيا تستقبل أكثر من مليون لاجئ حتى الآن، وهو أكبر عدد بين كل دول أوروبا وقال إن ظلام العصور الوسطى يحوم حولنا باسم الدين.
وفى المؤتمر الصحفى، الذى عقدته لجنة التحكيم صباح اليوم الأول، قالت رئيسة اللجنة، الممثلة العالمية الكبيرة ميريل ستريب: «كلنا أفريقيون». وفى المؤتمر الصحفى بعد عرض فيلم الافتتاح «يحيا قيصر» إخراج الأخوين جويل وإيتان كوين كان أغلب الحوار حول قضية اللاجئين، وليس عن الفيلم، ليس لعدم حضور المخرجين، وإنما لحضور جورج كلونى الذى يشترك فى تمثيل الفيلم، والذى وصفته «فارايتى» الأمريكية الدولية، أعرق وأشهر صحف السينما فى العالم، بأنه أصبح «ضمير هوليوود السياسى». وفى هذا المؤتمر أعرب كلونى عن تأييده لسياسة ميركل، وقال إنه يود الالتقاء معها. وفى اليوم التالى مباشرة، الجمعة، تم اللقاء بحضور أمل كلونى زوجة الممثل العالمى الكبير، والمحامية اللامعة فى مجال حقوق الإنسان، وهى ابنة الصحفية اللبنانية المعروفة بارعة علم الدين. كما حضر اللقاء دافيد ميلباند، رئيس لجنة الإنقاذ الدولية. وقام جورج وأمل بعد اللقاء بزيارة مركز اللاجئين فى برلين.
وصرحت فيرا ليوترس، مديرة المركز، بعد الزيارة بأن صوت كلونى مهم للغاية، خاصة أن هناك أصواتا ترتفع ضد سياسة ميركل.
لن نبنى الجدران مرة أخرى
وفى حفل الافتتاح طغت قضية اللاجئين أيضاً فى كلمة مونيكا جروتيرس، وزيرة الثقافة، وكلمة ميشيل موللر، عمدة برلين، الذى قال إن ألمانيا تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه القضية، وقال: «لن نبنى الجدران مرة أخرى» فى إشارة إلى جدار برلين الذى أقيم بين شرق المدينة وغربها أثناء انفصال ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، والذى سقط عام 1989، ووحدت ألمانيا من جديد. وقالت مضيفة الحفل الممثلة الألمانية أنكى إنجيلكى: «ماذا يعنى صنع الأفلام ومشاهدة الأفلام؟ يعنى أن نفتح عقولنا لنتعلم ونبحث عن الحقيقة. وفى اعتقادى أنه أمر مهم للغاية أن نواجه من يفكرون بجدية فى إغلاق الحدود». وقد استقبلت كلماتها بتصفيق طويل. وقالت الممثلة المعروفة بأدوارها الكوميدية ذائعة الصيت «ربما يتطلع بعض ضيوفنا من الأمريكيين إلى الإقامة فى برلين فى حال فوز دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية».
تقدير جيد للفيلم التونسى
تصدر فى برلين ثلاث نشرات يومية لأهم ثلاث صحف دولية للسينما، وهى «فارايتي» و«هوليوود ريبورتر» و«سكرين إنترناشيونال»، وكلها بالإنجليزية. وتنظم الصحيفة الثالثة استفتاء يومياً بين 7 نقاد 2 من أمريكا و2 من ألمانيا وناقد من كل من بريطانيا والسويد وروسيا، بالإضافة إلى تقييم نقاد الصحيفة. وقد حصل الفيلم التونسى «نحبك هادى» إخراج محمد بن عطية على تقدير جيد (3 نجوم) من نقاد الصحيفة و5 من النقاد الآخرين، ومنحة ناقد واحد نجمتين، أى «متوسط»، وتغيب ناقد عن التقييم. والحد الأقصى للتقديرات أربعة نجوم (ممتاز)، ولكن هناك أيضاً تقديرا ضعيفا (نجمة) ورديئا (علامة إكس).
وقد نشرت الصحف الدولية المذكورة ثلاثة مقالات نقد إيجابية عن الفيلم التونسى الذى كان أول فيلم يعرض فى مسابقة الأفلام الطويلة فى اليوم الثانى للمهرجان، وأول فيلم عربى يعرض فى هذه المسابقة منذ الفيلم الفلسطينى «الجنة الآن»، إخراج هانى أبوأسعد منذ عشر سنوات عام 2006. والنقاد الثلاثة هم ديبورا يونج فى «هوليود ريبورتر»، وجى ويسبرج فى «فارايتي»، وويندى إيدى فى «سكرين إنتر ناشيونال».
مركز السينما العربية
صدر أمس ملحق خاص من «فارايتي» فى 22 صفحة عن «مركز السينما العربية» الذى تنظمه شركة «ماد سيلوشنز» للتوزيع والترويج، وذلك للعام الثانى على التوالى فى إطار سوق مهرجان برلين.
أصبح أعضاء الشركة 25 مؤسسة من شركات الإنتاج والتوزيع والمهرجانات والقنوات وصناديق الدعم والمبادرات المختلفة لوضع السينما العربية على خريطة السينما فى العالم. ملحق «فارايتي» غير مسبوق فى حجمه ومعلوماته وإعلاناته، ويؤكد النجاح المتزايد للشركة الرائدة، والتى أصبح اسمها علامة للجدية والجودة.
«ماد سيلوشنز»، بهذا المركز فى مهرجان برلين، تنجح فيما فشلت فيه كل وزارات الثقافة ومؤسسات السينما الحكومية فى العالم العربى، وتقوم بالدور الذى كان يجب أن تقوم به جامعة الدول العربية، ولعل أبسط واجب أن تدعم الجامعة هذا المركز.