x

أحمد الصاوي النظام المهزوم إعلامياً أحمد الصاوي الجمعة 12-02-2016 21:13


مرت أمامك واقعة السجاد الأحمر كما مرت، منذ لحظات إنكارها، ثم تبريرها، وحتى تمرير أخبار عن تحقيقات رئاسية مع المتسببين فى فرشها على الأرض ليعبر عليها موكب الرئيس، وحتى التعليقات التى تتحدث عن «المغرضين الذين تركوا الإنجازات وتعلقوا بالسجاد»، لكنك لم تتوقف لحظة حول مشهد سيطرة حديث السجاد على أحاديث كانت مستحقة حول 34 مشروعاً «قومياً» افتتحها الرئيس. أسبابه وتداعياته وما يعكسه من حقائق فى المشهد الإعلامى، وفى تعاطى الرأى العام مع الأخبار عموماً.

خطف «المُغرضون»- دعنا نُسمهم كذلك- كل الجدل والضوء والنقاش إلى السجادة الحمراء، ربطوا بينها وبين دعوة الرئيس السيسى للتقشف، فبدا الرئيس متناقضاً غارقا فى التناقض، وأصاب هذا الربط هدفه فى الداخل والخارج، ولم تنجح محاولات إنكار الواقعة وتكذيب عيون الناس، والادعاء أنه لم يكن هناك سجاد ولا يحزنون، والأمر كله كان «أسفلت مدهون ببوية حمراء»، لأن «مُغرضين» آخرين قاموا بواجب مهنى صغير، وزاروا الموقع فى اليوم التالى ولم يجدوا طرقاً حمراء، ما اضطر الدولة للاعتراف بأنه كان بالفعل «سجاد لكن رخيص»، وهو تبرير لم يصمد أمام حالة الاستنكار التى قد تراها مبالغا فيها، لكنها على الأقل مرتكزة على حقيقة، ما دفع الرئاسة- إن صح المنسوب لها من أخبار- إلى أن تفتح تحقيقاً حول الواقعة التى أضرت بلا أدنى شك بصورة الرئيس فى الداخل والخارج.

■ ■ ■

- لكن أيها «المُغرض» كان هناك 34 مشروعاً تنموياً تم افتتاحها.

- صحيح.. أذكر 5 فقط منها.

- وحدات سكنية وكبارى ومحطات صرف و... و... و...

- لماذا لا تتذكر التفاصيل؟

- لأن المُغرضين «لغوشوا» على الإنجاز بالتركيز على السجادة الحمراء.

- وأين كان «المحبون الطيبون الوطنيون»؟

- كانوا يشتمون المُغرضين.

■ ■ ■

هنا مربط الفرس، تستطيع أن تحسب ما يمكن أن تصفه بـ«الإعلام المحب الوطنى»، وتستثنى منه كل صاحب رأى مستقل، حتى لو كان محباً أو متفهماً لبعض الدوافع دون جميعها، وتضم القنوات والإذاعات والبرامج والمذيعين ومقدمى البرامج والنشطاء المحبين إلكترونياً، لتكتشف دون مبالغة أن النظام يرتكز على طاقة إعلامية جبارة تتجاوز الـ95% على الأقل تحت أى معيار حسابى، لكنه عند كل اختبار يجد نفسه مرتكزاً على أصوات عالية بلا تأثير غير «الضجيج»، ودون كفاءة فى غير «الردح».

حاول إذن أن تفسر هزيمة «الإعلام المُحب» فى موقعة السجادة، وعجزه عن فرض أجندة الإنجاز «34 مشروعاً» على أجندة الشكل العام، ونجاح «المُغرضين» فى سَوْق الرأى العام أو أغلبه للهجوم على السجاد أو الدفاع عنه، حتى بِتَّ تسمع بالكاد عن «34 مشروعاً»، لكنك لا تعرف عنها الكثير.

أولاً أن السجاد كان واقعاً منظوراً مرتكزاً على ما رآه الناس، فيما ظلت المشروعات أحاديث مرسلة من مسؤولين ليسوا مُنزَّهين عن المبالغة، وظلت تحتاج لإظهار وإبراز من مواقعها وليس من موقع وجود الرئيس، ومن بين المستفيدين المباشرين منها، وليس من بين المحتفلين بها، لكن الإعلام «المُحب»، الذى كان من المفترض أن يفعل ذلك ولم يفعل، كان مشغولاً بالهجوم المضاد على «المُغرضين»، والدفاع المستميت عن التجاوز الشكلى بإنكاره، ثم التقليل من أهميته.

لك أن تتخيل أن كاتباً أو إعلامياً يستخدم مساحته «المُحبة» كل يوم فى سُباب وإهانة شخص من «المُغرضين»، لو كان قد استثمرها فى أن يُبرز للناس ما يراه من إنجاز، وأمامه 34 مشروعاً يمكن أن يشغل بها مساحته 34 يوماً، ألم يكن هذا أجدى وأنفع للنظام الذى يؤيده ويُحبه؟

الحقيقة أنه أجدى وأنفع فعلاً إن كان يُجيد ذلك النوع من المحبة، لكن انصرافه عن مهمة بناء الصورة الذهنية للنظام الذى يؤيده، إلى تكسير خصوم هذا النظام وفقط، لا يكشف سوى أحد احتمالين:

أنه لا يرى ما يرتكز عليه لبناء هذه الصورة الإيجابية، بعد تبدد رصيد البطولة العاطفى بعد عامين من 30 يونيو، أو أنه لا يجيد غير الردح، ولا يعرف لنفسه مهمة أخرى، لذلك يرتبك تماماً بكل مساحاته وإمكاناته واستثماراته أمام «تغريدة»، ويفشل فى التعبير عن أى حقيقة، أكثر من فشله فى تزييف الحقائق بالأكاذيب أو إهدارها بالمبالغات.

■ ■ ■

على المُحبين الانشغال بالمحبوب عن العُذَّال، إذا كانوا يجيدون المحبة، ولديهم ما يكفى من كفاءة الغزل.

بتكتب يا أحمد؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية