x

رولا خرسا الحب رزق رولا خرسا الجمعة 12-02-2016 21:15


أحب كثيراً أن أتوقف أمام قول رسولنا الكريم محمد عن السيدة خديجة: «إنى رزقت حبها».. عرّف الحب بالرزق وهو تعريف عبقرى. فالحب فعلا رزق، تماماً مثل المال والأولاد قد يعطيه الله لبعضنا ويمنعه عن آخرين لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.. ولطالما فكرت فى أهمية الحب فى حياتنا بعيدا عن حب الأولاد وحب الأصدقاء والأهل. وأتوقف أمام حب الرجل والمرأة.. ولى تحليل خاص لهذا الموضوع أنا شديدة الاقتناع به. عندما خلق الله سيدنا آدم خلق معه الحب إذ أرسل إليه السيدة حواء.. ويقال إن سيدنا آدم قد استوحش وحده فى الجنة لذا خلق الله من ضلعه حواء ويقال إن الملائكة سألوه.. هل تحبها فقال: نعم، وعندما هبطا إلى الأرض هبطت حواء فى جدة وهبط آدم فى الهند وتلاقيا فوق جبل عرفات، ما اعتبره كثيرون دليلا قويا على أن آدم هو من تعب أكثر فى البحث عن زوجته. أما هى فقد كانت فى انتظاره موقنة أنه سيجدها. منذ بداية الكون والله سبحانه وضع بذرة الحب بين الرجل والمرأة وأول رسائله للبشرية كانت أنه لا غنى لأحدهما عن الآخر. وأول جريمة ارتكبت كانت بسبب الغيرة الناتجة عن الحب عندما قتل قابيل هابيل بسبب أختهما «إقليما» التى منعه آدم من الزواج بها لأنها من نفس البطن وكان آدم يرى أن الزواج يجب أن يكون من أخت من بطن أخرى لعدم وجود نساء غير سلالة آدم وحواء.

سيدنا إبراهيم أحب السيدة سارة حبا جما وكانت رفيقة رحلته الطويلة وخففت عنه ما عاناه من أهله وقومه.. ومن شدة حبه لها صبر عليها حسبما يقال ثمانين عاما وهى عاقر لا تنجب، وعندما أهداه حاكم مصر السيدة هاجر طلبت منه سارة أن يتزوجها فأنجبت له سيدنا إسماعيل ولكنها بعدها غارت فطلبت منه إبعادها عنه، فذهب بها إلى مكة وتركها فى صحراء مع ابنها إسماعيل وكانت هاجر شديدة الإيمان، إذ سألت إبراهيم.. هل الله أمرك أن تتركنا هنا؟ فأجاب: نعم، فقالت عبارتها الشهيرة التى تعبر عن قمة التسليم بأمره: «إذن لن يضيعنا».. سيدنا يوسف اختباره الأشد كان مع امرأة العزيز السيدة زليخة التى أحبته حبا شديدا سيطر عليها وعلى حواسها.. بسببها سجن وعاشت بانتظاره. وسيدنا أيوب الذى اختبره الله سبحانه فى أمواله وأولاده وصحته وبعد الناس عنه ولم تصبر معه إلا زوجته التى خدمت فى البيوت بعد أن كانت سيدة معززة مكرمة بل وباعت شعرها الجميل الذى كانت تشتهر به كى تستطيع إطعام زوجها.. وعوضهما الله بعد الابتلاء الشديد بالمال والأولاد.

ولو وصلنا لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقد كان لله حكمة فى أن كانت السيدة خديجة التى تكبره سنا وكانت أكثر مالا هى زوجته الأولى كى تكون أول من يدعمه ويهدئه عندما نزل عليه الوحى وجرى إليها خائفا، أخذته فى حضنها ونصحته بالذهاب إلى ورقة بن نوفل.. كان سيدنا محمد فى هذه المرحلة بحاجة إلى امرأة حكيمة قوية.. وعندما ماتت حزن بشدة ولكن رحمة الله أوسع فأرسل إليه السيدة عائشة التى أحبها بشدة حتى إنه كان يقول دوما: «اللهم هذا قسمى فيما أملك. فلا تلمنى فيما لا أملك».. لأنه لم يكن يستطيع أن يعدل فى قوة حبه لزوجاته وحبه لابنة أبى بكر الصديق حتى إنه فى أيام مرضه الأخيرة طلب أن يموت فى غرفتها ولفظ أنفاسه الكريمة وهو مسند رأسه على صدرها.

ما قصدته من كل ما فات أن الحب فى حياتنا هو الملاذ، وحده القادر على جعلنا نتحمّل الصعاب. لذا أستغرب جداً ممن يستغلون مشاعر الآخرين باسم الحب، أو ممن يرزقهم الله بنعمة الحب ولا يقدرونها، أستغرب ممن لا يحمد الله صباحا ومساء على وجود شخص قربه يهتم به وبتفاصيل حياته.. إن كنت من الذين أنعم الله عليهم بنعمة الحب فأنت من السعداء فى الأرض. وإن كُنت من الذين حرموا منها فادعوا الله أن يرزقك به.. يبقى الحب أحلى رزق وأحلى هبة وأحلى نعمة.. كل عيد حب وأنتم بخير..

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية