ينعقد فى دبى، فى كل سنة، مؤتمر دولى اسمه «القمة الحكومية»، ومن عام إلى عام لا يفقد المؤتمر هدفه، ولا يسمح القائمون عليه، لأنفسهم بأن يتوه الهدف عن أعينهم لحظة، وهو: كيف يكون المواطن أكثر سعادة على أرض بلاده؟!
وفى كل سنة، يجد رئيس وزرائنا، أياً كان اسمه، أنه مدعو للمشاركة والحضور، فيذهب ثم يعود، وما بين مؤتمر وآخر، تتغير أشياء كثيرة هناك، ثم لا يتغير شىء بالكاد هنا!
ولابد أن رئيس حكومتنا يذهب لا ليشارك ويحضر وفقط، وإنما ليأخذ مما يراه بعينيه، فيطبّقه عندنا، لعل المواطن المصرى يذوق طعماً للسعادة، فضلاً بالطبع عن أن تزيد سعادته عاماً بعد عام.
وفى هذه السنة، كان المهندس شريف إسماعيل هناك قبل أيام، وكان أن تكلم، وكان أن شارك، والتقى مسؤولى الدولة على اختلافهم فى الإمارات ثم عاد.. فما الذى عاد به، بالضبط؟! وما هو الشىء الذى رآه هناك، ثم قرر وهو فى طريق عودته، أن يكون له مثيل فى بلدنا؟!
لن أطالبه بأن يُنشئ وزارة للسعادة، كما تقرر على أرض الإمارات، قبل انتهاء أعمال المؤتمر بساعات.. ولن أدعوه إلى أن ينشئ وزارة للتسامح، كما تقرر أيضا فى اللحظة ذاتها.. ثم لن أُلح عليه فى أن يُنشئ مجلساً للشباب، ترأسه وزيرة للدولة، لا يتجاوز عمرها ٢٢ عاماً، كما قرروا هم، أو كما قرر الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبى، الذى رأى أن مجلساً كهذا للشباب، سوف يكون أعضاؤه كلهم من هذه الفئة العُمرية، وسوف يكون هو المرجع الأساسى، للحكومة الاتحادية على مستوى الإمارات كلها، بإماراتها السبع، وليس على مستوى دبى وحدها، فى كل شأن يخص الشباب.
لا.. لن أدعو شريف إسماعيل إلى شىء من هذا، ليس لأننا لا نحتاجه، وإنما لأنى أفترض أن يعود الرجل من دبى، وهذه الأفكار كلها تُمثّل بديهية فى دماغه وعلى رأس أولوياته!
إننى فقط سوف ألفت انتباهه إلى أن هذا المؤتمر الذى حضره هو قد تقرر فيه أن تعهد الحكومة الاتحادية فى الإمارات كلها، بأغلب الخدمات الحكومية إلى القطاع الخاص، بحيث لا يبقى لها فى النهاية، كحكومة مركزية، إلا أشياء قليلة للغاية، مع الأمن فتعمل هى على أن تكفله لكل مواطن، على أعلى مستوى ممكن.
أتمنى أن يكون رئيس الحكومة قد أخذ باله جيداً من أن مثل هذه الخطوة من الحكومة الإماراتية ليست وليدة اليوم، وأنها لها بدايات تعود إلى سنين مضت، وأنهم هناك يؤمنون كما تؤمن كل دولة تريد أن تكون لها مكانة، لا مكان فقط، فى عصرنا بأن دور الدولة ليس أن تتملك، ولا أن تدير وإنما أن تراقب، وأن تنظم، وأن تتخفف من كل ما عدا ذلك للقطاع الخاص، لأنه أكفأ، ولأنه أقدر!
أريد من رئيس الوزراء أن يهمس فى أُذن الرئيس، بأن نقطة البداية نحو ما رآه فى دبى، هى أن يُضاف سطر واحد فى القانون الحاكم لشركات القطاع العام.. هذا السطر يقول الآتى وبكل وضوح: لا أرباح ولو بجنيه واحد، لأى شركة منها، تكون خاسرة.. ثم بعد ذلك تأتى خطوات أخرى طبعاً.
الخبر، اليوم ليس أن شريف إسماعيل عاد من دبى.. فالخبر هو: بماذا عاد؟!