نظمت القمة العالمية للحكومات جلسة بعنوان «الهجرة المعاكسة للعقول»، استعرض فيها رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت، الدكتور فضلو خوري، والبروفيسور هشام سركيس، عميد كلية الهندسة المعمارية والتخطيط في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومحمد جودت، نائب رئيس قسم الابتكار في شركة «جوجل X»، أسباب هجرة العقول العربية وتأثيرات ذلك على التنمية في المنطقة، وناقشت القمة العوامل التي يجب على الحكومات العربية توفيرها لاستعادة هذه الكفاءات والمهارات.
وقال «خوري»: الاقتصاد هو سبب من أسباب الهجرة، لكنه ليس كل شيء، هناك أسباب اجتماعية تمثلت في عدم مشاركة الشباب بدرجة كافية في إدارة وتنمية بلدانهم، وبناء اقتصاد متنوع قادر على استعياب قدراتهم وطاقاتهم، مضيفا أن الحالة الأمنية في بعض البلدان العربية ساهمت في رفع مستويات الهجرة إلى جانب غياب التخطيط بعيد المدى، وأشار إلى خطة «مارشال» كمثال على جذب العقول والطاقات من جميع أنحاء العالم.
وأوضح «خوري» أنه رغم بعض إيجابيات الهجرة التي تسمح للشباب العرب صقل مواهبهم وامتلاك المعرفة العلمية المتطورة، لكن يجب أن نعمل على توفير الظروف الملائمة لإعادتهم لبلدانهم لتوظيف هذه الكفاءات والخبرات في عملية التنمية، مؤكدا أن هذا يحتاج لقرار سياسي من كل دولة، ومن ثم تهيئة الظروف الملائمة التي تسمح لهؤلاء الشباب بالعودة.
أما البرفيسور سركيس، فأوضح أن الهجرة ليست المشكلة بل في كيفية استعادة العقول العربية التي سطر البعض منها الكثير من الإنجازات، واستعرض تجربة الكثير من العرب الذين درسوا في الغرب ثم نجحوا وصنعوا لهم أسماء كبيرة في علوم مختلفة، وقال نستطيع تغيير مفهوم الحدود لتغيير مفهوم الهجرة في المقابل، وتحدث عن الإبداع الذي قال إنه لا ينحصر في المجال العلمي والتكنولوجي فقط، فهناك إبداع في الثقافة والأدب والتصميم، وهناك فرصة كبيرة للعالم العربي في أن يثبت تميزه في هذه المجالات، وقدم مثالا على ذلك من خلال مشروع إنشاء مدرسة متطورة للتصاميم في دبي ستسهم في تنمية وتنويع المواهب الشابة.
أما محمد جودت، فقال إن مشكلة الهجرة تتجاوز قضية الأعداد، لأن أفضل العقول العربية تترك بلدانها، وأن هذه العقول هي التي تبني التكنولوجيا اليوم في العالم، وأوضح أنه ليس المهم عدد أو نسبة العرب المهاجرين بل نسبة تأثيرهم فهناك الكثير من الشخصيات العربية لتي لها بالغ التأثير على قطاعات المعرفة والعلوم في الغرب.
وتناول «جودت» أهم الأسباب التي تدفع العقول العربية للهجرة، وهي البحث عن فرص نجاح ومستوى أفضل للحياة، وغياب بنية علمية للأبحاث والابتكارات، وقال إن بعض الدول العربية توفر هذه العوامل واستشهد بالإمارات العربية المتحدة، مضيفا أن دورة التطور التكنلوجي سريعة، وعلى الحكومات العربية أن ترصد اتجاهات هذا التطور لتبني عليه برامجها المستقبلية، مؤكدا أن المشكلة ليست في هجرة العقول، بل في عدم استرجاعها، وليس من الخطأ أن تختار الحكومات العربية أفضل العقول لديها وترسلهم للدراسة وصقل خبراتهم في الخارج، لكن المهم أن توفر لهم المناخ الملائم كي يعودوا ويساهموا في بناء أوطانهم.