x

وحيد حامد الدولة تتعاطى الأصناف المضروبة وحيد حامد الثلاثاء 09-02-2016 21:50


برز الثعلب يوماً.. فى شعار الواعظينا

فمشى فى الأرض يهدى.. ويسبّ الماكرينا

ويقول الحمد لله.. إله العالمينا

يا عباد الله توبوا.. فهو كهف التائبينا

وازهدوا فى الطير، إن.. العيش عيش الزاهدينا

واطلبوا الديك يؤذن.. لصلاة الصبح فينا

فأتى الديكَ رسول.ٌ. من إمام الناسكينا

عرض الأمر عليه.. وهو يرجو أن يلينا

فأجاب الديك: عذراً.. يا أضل المهتدينا

بلِّغ الثعلب عنى.. عن جدودى الصالحينا

عن ذوى التيجان ممن.. دخل البطن اللعينا

أنهم قالوا وخير.. القول قول العارفينا

مخطئٌ من ظن يوماً.. أن للثعلب ديناً

هذه قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقى أجعلها فى صدارة مقالى هذا لعل وعسى يقرؤها الشخص المعنى بها، وهو الثعلب الإخوانى المتأسلم بالغ الدهاء والمكر، والذى تمكن من عقول نفر غير قليل من أهل مصر حتى خربها تماماً وأوقف انطلاقها، واستطاع أن يجند مئات الآلاف ويدفع بهم إلى شبكة جماعة الإخوان الجهنمية.. وأكاد أجزم بأن من يطلق عليهم فى الوقت الحالى شباب جماعة الإخوان هم من تلاميذ ومريدى هذا الثعلب الإخوانى الذى تسلل إلى الناس بعد أن تم تدريبه وصقله وإعداده على أنه داعية إسلامى.. رغم أنه لم يدرس الدين وعلاقته أصلاً بالأرقام ودفتر الأستاذ.. ولأننا كنا فى زمن الغفلة قبلنا «حكاماً ومحكومين» بما هو حاصل، والذين حاولوا الاعتراض والتحذير نالتهم سهام المتأسلمين الكذابين واتهموا فى دينهم وأخلاقهم.. أيضاً هذا الشيخ الجليل الذى أخفى هذا الثعلب الإخوانى تحت عمامته ليدفع به متسللاً إلى عالمنا ليكون الواعظ والناصح والداعى إلى الأخلاق الحميدة.. وهو أول العارفين بتاريخه الأسود، ومخطئ من يظن أن حُسن النية موجود، لأن تاريخ الثعلب الإخوانى معروف للعامة والخاصة من خلال وقائع مثبتة وأفعال منكرة.. كما أن الشيخ الجليل يعرف عدم صلاحيته.. وهنا لابد أن نرتاب فى الأمر كله، وأن يعود هذا الأفّاق الإخوانى برعاية من الدولة ورعاة رسميين وفى مهمة لا تخفى خطورتها على أحد - حتى الشخص الغبى - فإننا يجب أن نخاف على أنفسنا.. وعلى أولادنا.. وعلى هذا الوطن بكامله طالما أننا عدنا إلى زمن الغفلة من جديد.

■ ■ ■

فى زمن الغفلة كان الأستاذ مهدى عاكف، مرشد الإخوان السابق، وصاحب «طز فى مصر» مديراً لرعاية الشباب بأحد القطاعات التابعة لوزارة الإسكان.. ومع عودة زمن الغفلة يتم التنقيب عن الإخوانى صاحب الرصيد الأكبر والأهم فى تغييب الوعى، بل وإلغاء العقل لدى عشرات الآلاف من الشباب الذى كان واعداً.. هناك أياد خفية فكرت ودبرت وقررت عودة الثعلب الإخوانى على ظهر جواد، وكان قد اختفى ودخل فى سرداب بعد أن فضح الله أمره وكشف دوره المشبوه وهو يمارس ألعابه التى تدرب عليها وأتقنها حتى صار له جمهور عريض وتتسابق عليه قنوات التليفزيون وهو مستمر فى بث سمومه وتجنيد الشباب الذى بلعوا الطُّعم فى سذاجة مدهشة.. وأنا واثق من أن عودة هذا الثعلب الإخوانى وراءها هدف كارثى، هذا «الحاوى» المحترف لا يريد سوى النافذة التى يطل منها على الناس، ولابد أن نعترف بأنه مُدرب جيداً على القدرة على الإقناع، وهو مُدرب على غزو العقول وتدميرها، وهو صاحب خبرة وتجربة.. منذ عدة أسابيع أعلنت إحدى القنوات الفضائية أنها بصدد عمل تجديدات فى برامجها تحت اسم التطوير، وكانت المفاجأة الغريبة والمحيرة هى ظهور هذا الثعلب الإخوانى ضمن طاقم التجديد والتطوير، ولأن هذا «الحاوى» قد فقد بريقه واستهلك بضاعته وصار مملاً وسخيفاً، ومع انصراف الجمهور عنه من الطبيعى أن تبتعد عنه أى قناة فضائية تريد تطويراً وجمهوراً يجعلها فى الصدارة كما تأمل.. أى إعلامى محترف يعرف أن الاستعانة بالشخصيات المحروقة تجلب الخسارة لا الربح.. إذن فهناك شىء خفى فى «عودة الندل»، ولأن المصالح تتصالح فهناك مصلحة خافية علينا حتى الآن..؟ هل هناك تمويل من الجماعة حتى تزرع عناصرها القديمة.. هل هناك صفقة ما..؟ ولأنها قناة خاصة وهى حرة فى إدارة شؤونها دون تدخل من أحد.. أسبوع.. والثانى.. والثالث يطل علينا هذا الثعلب الإخوانى من خلال مظلة سياسية وأخرى دينية.. سياسية من خلال وزارة الشباب وتكليف رسمى من شأنه أن يمنح البراءة لهذا الثعلب الإخوانى ويمحو كل آثامه ويمنحه رضاء النظام.. وهذه كارثة كبرى لو تعلمون..!! ومظلة دينية يمنحها له شيخ جليل له مكانة ومنزلة ولديه علم حقيقى وقبول جماهيرى، من شأن هذه المظلة أن تمنح هذا الدعىّ الأفّاق صدق وشرعية كل ما ينطق به.. وهذه كارثة أخرى لو تعلمون..!!

وتعالوا بنا نتوقف قليلاً أمام قضية الأخلاق التى تم إسنادها إلى مولانا الشيخ.. والثعلب الإخوانى.. ونفر من الفنانين.. ولأن قضية الأخلاق فى المجتمعات لها ركائز ودعائم.. منها إقامة العدل.. وشيوع الفضيلة.. والصدق.. وحفظ الحقوق.. وأدب القول والفعل.. وانتشار التعليم الجيد.. وضبط الإعلام.. وتنقية الفن من الشوائب والتربية الدينية السليمة، سواء كان الإسلام أو المسيحية، وغير ذلك كثير بالطبع.. وفى هذه الحالة يكون الخطأ الفادح هو إسناد مهمة تصويب الأخلاق وإعادتها إلى مسارها الصحيح إلى شيخ جليل بمعاونة داعية أفّاق وكاذب عليه ما عليه.. فإذا أضفنا بعض الفنانين الذين لديهم قبول يصبح الأمر مجرد فرقعة إعلامية.. وضجة بلا طحن.. لأن الأخلاق بمفهومها الحقيقى تحتاج إلى جهد غير عادى ووقت غير محدد وإمكانيات مادية وتربوية وإنسانية وأيضاً حضارية.. ولكن على طريقة السبهللة التى نعيش فيها والنفخ الإعلامى فى كل صغيرة ودق الطبول بمناسبة ودون مناسبة يجعل كل أمورنا أقرب إلى الهزل المتعمّد.

أما بالنسبة لاختيار الثعلب الإخوانى بغض النظر عن عدم صلاحيته، حيث إنه معروف ومعلوم لكل الأجهزة الأمنية، وكما أسلفنا نشاطه الإخوانى مثبت بالصوت والصورة.. أما نشاطه غير الأخلاقى، خاصة فى «لبنان» أثناء إقامته بها وعلاقته بالنساء، فهو الآخر موثق لدى الأجهزة الأمنية المعنية، ومع هذا لم تحرك ساكناً.. فهل عودة الثعلب حظيت بموافقة أمنية؟ وفى هذه الحالة علينا شق الثياب ولطم الخدود..؟ وإذا لم تكن هناك موافقة أمنية.. هل لم يعلموا..؟ هل لم يُطلب منهم..؟ فى كل الأحوال تكون النتيجة واحدة وهى أن هناك تقصيراً أمنياً.. ويجب أن يُحاكم المقصِّـر بتهمة «علم ولم يبلغ» على الأقل بدلاً من تهمة التواطؤ أو التستر على مجرم.

يقول الغاضبون والساخطون فى الوقت الحالى.. لن نقبل بالخطأ مرغمين أو مكرهين.. ولن نسمح بأن يتحكم فى أمورنا وإدارة عقولنا نفر من الناس، سواء كانوا من رجال الدين.. أو الإعلاميين من أهل السبوبة.. وحجتهم فى ذلك أننا نعيش فى دولة نخر الفساد عظامها ومازال.. دولة فى كل يوم يهبط اقتصادها درجة.. وفى كل ساعة يصعد الفقر درجة.. دولة هى الأعظم فى الحديث عن القانون.. وهى المتدنية فى تطبيق القانون.. دولة تتآكل فيها مساحات الأمل.. وتحل محلها مساحات مضاعفة من اليأس والقنوط.. دولة كانت قدراً به ماء وتحته نار لا تهدأ.. دولة لا تريد أن تصدق أن إدارة الدول لا تكون بالنوايا الحسنة أو التمنيات الطيبة.. فما بالكم بالوعود الكاذبة..!! هكذا يتحدث الغاضبون الساخطون..؟ ولا أحد يستمع لهم أو يهتم لشأنهم.. مع أن معظم النار من مستصغر الشرر.. وما أسرع من اندفاع أحد الحمقى أو المغفلين يتهم هؤلاء بالعداء للوطن.. أو يقذفهم بتهمة الخيانة دون أن يقدّر أن غيرتهم على بلدهم هى التى تدفعهم إلى هذا السخط النابع من حزن نبيل على حال الوطن.. وليس هناك شىء أقسى على النفس من ضياع الحلم.

إن الحكومات الرخوة الفاترة تضر ولا تنفع وهى لا تصلح أبداً لإدارة وطن ثائر يسعى لاسترداد مكانته على جميع المستويات.. ولا يمكن أن نفتح الأبواب بأيدينا لمن خرّبوا ودمّروا وأفسدوا حتى يعيدونا إلى ما كنا عليه وأسوأ.. إننا فى أَمَسّ الحاجة إلى الوعى واليقظة التامة والجدية الشديدة، وأن يكون كل مسؤول فى هذه الدولة قادراً على تحمل مسؤوليته عارفاً بها.. الظروف التى نعيشها لا تسمح لنا على الإطلاق بالترف أو الغفلة إذا كنا نرغب حقاً وصدقاً فى تحقيق وتنفيذ ما نحن عازمون عليه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية