x

اخبار نيل بيبير يكتب .. قتل صديقى جوليو ريجينى فى مصر اعتداء على الحرية اﻷكاديمية اخبار الأحد 07-02-2016 21:17


عثر على جثة جوليو ريجينى فى حفرة بالقاهرة يوم 2 فبراير، وتظهر اﻷدلة تعرضه للتعذيب، وموته بطريقة بطيئة مروعة. جوليو كان يدرس للحصول على الدكتوراة من جامعة كامبريدج البريطانية، حيث كان يقوم ببحوث حول النقابات العمالية المستقلة فى مصر بعد مبارك، وليس هناك شك فى أن عمله كان يمكن أن يكون مهماً للغاية فى مجال تخصصه، وكان أمامه مهنة كعالم مهم فى المنطقة.

«جوليو»، وأصله من مدينة فيوميشيلو بشمال شرق إيطاليا، كانت لديه خلفية ورؤية دولية قوية، فعندما كان مراهقاً حصل على منحة دراسية سمحت له بقضاء عامين يدرس فى الكلية العالمية المتحدة فى نيو مكسيكو. وكان عاطفياً خصوصاً بشأن مصر.

وقبل البدء فى أبحاثه بشأن الدكتوراة، قضى وقتاً فى القاهرة يعمل لحساب منظمة اﻷمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، وفى سن الـ28، خفف من آماله وأحلامه الكبيرة، وأكد التزامه بمتابعة مهنته التى من شأنها أن تسمح له بأن يكون لها تأثير على العالم، الذى أصبح أكثر فقرا بموته.

أولئك الذين عملوا أو قضوا معه بعض الوقت يشعرون بالحزن، لكن قبل كل شىء، نحن غاضبون بسبب طريقة وفاته، كما أن حادث مقتل جوليو له آثار أوسع بكثير على التعليم العالى فى المملكة المتحدة وخارجها.

الجامعات البريطانية طورت منذ فترة طويلة منظورا تعليميا دوليا يتطلع إلى الخارج، وكان هذا واضحاً فى قوة الدراسات التى أجريت فى المنطقة منتصف القرن الـ20، حقيقة أن الأكاديميين من الجامعات البريطانية نجحوا فى إنتاج الأبحاث المتطورة فى مجالات عديدة من العالم هو عامل مهم فى التأثير والمكانة التى يتمتع بها نظام التعليم العالى فى بريطانيا.

ومن أجل تنفيذ هذا البحوث، قامت أجيال من العلماء بالعمل الميدانى فى بلدان أخرى، وغالبا مع الأنظمة السياسية الشمولية أو التى تعيش اضطرابات اجتماعية ما يجعلها أماكن خطرة للدراسة، وأنا نفذت أحد هذه البحوث فى بيرو فى التسعينيات، حينما كان يحكم البلاد نظام ألبرتو فوجيمورى الاستبدادى.

وبجانب هذا التقليد فى إجراء البحوث، أصبحت الجامعات البريطانية على نحو متزايد قبلة الطلاب اﻷجانب الذين يرغبون فى حضور الفصول الدراسية، وهذا أمر بالغ الأهمية لجعل الجامعات أكثر حيوية وتنوعا.

وتمثل جريمة قتل «ريجينى» تحديا واضحا ومباشرا لهذه الثقافة، وتتطلب استجابة سريعة، والعلماء- خاصة العلماء الاجتماعيين- يسعون لمواصلة إنتاج البحوث فى البلدان اﻷخرى من منظور دولى، وهذا يحتاج إلى العمل الميدانى الدولى خارج المملكة البريطانية، وبحكم طبيعته، ينطوى أحيانا على القضايا الصعبة فى البلدان غير المستقرة والمضطربة، وهو ما يتطلب حماية.

وينبغى على الجامعات رعاية طلابها وموظفيها، وهذا يتم من خلال لجان، وحاليا يجب أن تكون الرعاية أكبر بكثير مما كانت فى الماضى، للتأكد من أن المخاطر ليست كبيرة وتدار بشكل مناسب، ومع ذلك فإن المخاطر المفرطة يمكن أن تؤثر على قدرة الباحثين على القيام بعملهم، ما يجعل بعض البحوث المهمة وذات التأثير العالمى من المستحيل إجراؤها.

لا يمكن أن نحمى طلابنا ضد جميع المخاطر، لكن العالم لا يجب أن يواجه خطر العنف خارج نطاق القضاء، وإذا كنا نأمل أن تظل الجامعات تتطلع إلى الخارج، فإنه يجب علينا القيام بواجبنا برعاية طلابنا والزملاء الذين يعملون فى مختلف البلدان.

ولكن هناك حدود لما يمكن للمؤسسات الأكاديمية أن تفعله، ومن المهم أن تهتم الحكومات بحالات مثل جوليو، وتدفع بقوة باتجاه إجراء تحقيقات كاملة وتقديم المسؤولين للعدالة.

وأعلنت السلطات الإيطالية والمصرية إجراء تحقيق مشترك حول ما حدث لجوليو، لكن الحكومة البريطانية أيضا لديها مسؤولية للدخول على نفس الخط وإصدار بيان حول ريجينى، ومن شأن ذلك أن يبعث برسالة مفادها أن أى سوء معاملة من قبل السلطات للطلاب والباحثين من الجامعات البريطانية لن يتم التسامح معه، كما أن أصدقاء جوليو وزملاءه سوف يقومون بحملة حول هذه القضية فى الأيام والأسابيع المقبلة.

قتل جوليو ريجينى تحدٍ مباشر للحرية اﻷكاديمية التى تعتبر ركيزة من ركائز نظام التعليم العالى البريطانى. ريجينى واحد من ضمن العديد من العلماء الذين اعتقلوا بشكل تعسفى، وغالباً ما يساء معاملتهم فى مصر.

كمجتمع العلماء، علينا واجب حماية الزملاء الذين يدرسون فى أماكن خطرة فى أنحاء العالم.

صحيفة الجارديان البريطانية


ترجمة- غادة غالب

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية