x

محمد كمال أين نحن مما يحدث فى ليبيا؟ محمد كمال الأحد 07-02-2016 21:19


خلال أيام أو أسابيع قليلة، من المتوقع أن يبدأ تدخل عسكرى فى ليبيا ضد تنظيم داعش. العمليات العسكرية ستتم برعاية الولايات المتحدة وبمشاركة عدد من حلفائها الغربيين وعلى رأسهم إيطاليا وفرنسا وبريطانيا. هذه الدول تنتظر الموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية فى ليبيا، ثم قيام هذه الحكومة بالدعوة للتدخل الخارجى، حتى يكون للعمليات العسكرية مبرر أو قدر من الشرعية.

ولكن لماذا يتذكر الغرب خطر داعش فى ليبيا الآن، فى حين أنه رفض دعوة مماثلة فى فبراير 2015 عندما توجهت مصر لمجلس الأمن لطلب عمل دولى لمواجهة خطر الإرهاب فى ليبيا؟

هناك أكثر من إجابة. أولاها أن هذه الدول تستهدف تحقيق مصالحها أولا وفى التوقيت الذى تراه، وتريد تقليص أى دور لمصر فى ليبيا رغم أنها دولة الجوار الأساسية، وتسعى لتدويل القضية الليبية كى يظل لها موطئ قدم فيها، وتحافظ على دور لجماعات الإسلام السياسى فى معادلة السياسة الليبية، وبالتالى ترفض أى دور مصرى أو مبادرة مصرية، سواء كانت سياسية أو عسكرية للتعامل مع الشأن الليبى.

السبب الآخر يتعلق بالحديث عن ازدياد قوة داعش فى ليبيا (ما بين خمسة إلى ستة آلاف وفقا للتقديرات الأمريكية!!) واقتراب داعش من مناطق البترول الغنية حول مدينة سرت، والتخوف من استغلاله هذه الثروة للتوسع فى أنشطته، خاصة فى القارة الأفريقية.

ما هو شكل التدخل العسكرى المرتقب؟ سوف يأخذ بالأساس شكل الضربات الجوية دون استخدام قوات برية من الدول المشاركة، وبأسلوب يقترب من طريقة التعامل مع داعش فى سوريا والعراق.

ماهى النتائج المتوقعة لهذا التدخل؟ لا أتوقع أن يؤدى إلى القضاء على داعش، فبدون قوات تستطيع السيطرة على الأرض لن يتم القضاء على هذا التنظيم. والهجمات الجوية قد تضعف داعش وقد تبعدها عن مدينة سرت الاستراتيجية، ولكنها ستجعلها تتمركز فى مناطق أخرى نتمنى أن تكون أكثر ابتعادا عن مصر وليس اقترابا منها.

التعامل العسكرى مع داعش سواء فى العراق وسوريا والآن فى ليبيا يدفع المرء للتفكير فى أن سياسة بعض الدول الغربية لا تستهدف القضاء على داعش ولا تستهدف تقويته، ولكن تقوم على التعايش معه، وأن استمراره ككيان يحقق بعض مصالح هذه الدول.

ويبقى السؤال الأهم وهو ما موقف مصر من العمليات العسكرية المرتقبة فى ليبيا؟ سوف يكون على مصر تبنى موقف سياسى من هذه العمليات، خاصة أن الولايات المتحدة قد تطلب مساندة جامعة الدول العربية لهذا التدخل أو تسعى لاستصدار تأييد من مجلس الأمن (الذى تشغل مصر عضويته). ولكن القضية الأهم تتعلق بالمشاركة العسكرية لمصر. هل ترفض المشاركة؟ أم تشارك بدعم لوجيستى ومعلوماتى؟ أم تشارك قواتها الجوية والبحرية فى العمليات العسكرية، خاصة أن داعش يمثل تهديدا أيضا لمصر؟

من الواضح أن الغرب لا يتعلم من دروس التدخل العسكرى فى المنطقة دون رؤية سياسية لمرحلة ما بعد التدخل، سواء فى العراق أو سوريا أو ليبيا فى 2011. وكيف أن هذا التدخل جاء بنتائج عكسية. ومن ثم على مصر التفكير مليا وتوخى الحذر فى أى دعوة للمشاركة بشكل واضح وصريح فى العمليات العسكرية المرتقبة فى ليبيا، وأى مساندة سياسية أو لوجيستية يجب أن تقترن بدعم سياسى وعسكرى لجهود مصر لمكافحة الإرهاب، مع الاحتفاظ بحق مصر فى التدخل الانفرادى لحماية أمنها القومى ومصالحها فى ليبيا.

وأخيرا، فإن الشق السياسى فى الملف الليبى يحتاج المزيد من الاهتمام والنشاط المصرى، ولا يقل أهمية عن الاهتمام بملف نهر النيل وسد النهضة، فكلاهما يمثل تهديدا للأمن القومى المصرى.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية