x

سليمان جودة حكاية تلخص الكوبرى! سليمان جودة الجمعة 05-02-2016 21:21


عندى حكاية تلخص بالضبط ملف كوبرى سوهاج، الذى انهار قبل أن يعمل، كما أنها بالطبع تلخص ملف أى مشروع آخر، يتبين لنا منه أن الذين قاموا على تنفيذه لم يكونوا فقط بلا ضمائر، وإنما كانوا على شبه يقين بأن يد القانون لن تحيط برقابهم، واحداً.. واحداً!

الحكاية تقول إن مسؤولين مصريين زاروا مسؤولاً أوروبياً فى بيته، وإن أول شىء لفت نظرهم هو مدى الأبهة فى البيت الذى يعيش فيه المسؤول الأوروبى!

سألوه كيف بنى هذا البيت الفخم، فأخذهم إلى النافذة، وأشار لهم إلى كوبرى بعيد تمر عليه السيارات، وسألهم بدوره: هل ترون ذلك الكوبرى البعيد؟!.. أجابوا فى صوت واحد: نعم.. عاد ليقول: أنا الذى قمت على إنشائه، وقد حصلت من وراء عملية الإنشاء على مبلغ لا بأس به، شيدت به هذا البيت الجميل!

دار العام دورته، وجاء المسؤول الأوروبى نفسه يزور مسؤولاً مصرياً ممن كانوا قد زاروه فى بيته فى أوروبا، وقد لاحظ المسؤول الأوروبى، أن بيت زميله المصرى أفخم من بيته هو نفسه فى أوروبا بكثير، وكان من الطبيعى أن يسأله!

أخذه المسؤول المصرى من يده، إلى النافذة أيضاً، وأشار له إلى الأفق المفتوح أمامه قائلاً: هل ترى هذا الكوبرى البعيد الذى تمر عليه السيارات؟!.. أجاب المسؤول الأوروبى فى دهشة: إننى لا أرى أى كوبرى من أى نوع!.. وهنا ضحك صاحبنا المصرى ضحكة ذات معنى، ثم قال: أعرف يا أخى أنه لا يوجد كوبرى ولا يحزنون، فلقد كان من المفترض أن ينشأ كوبرى فوق هذا الطريق الممتد هناك أمامك، ولكنى اختصرت الموضوع كله، وألغيت الفكرة، وأخذت ميزانية الكوبرى كلها.. كلها.. وأقمت بها هذا البيت!

الحكاية، كما ترى، توضح لك الفارق، بالضبط، بين فساد هنا وفساد هناك، فى أى بلد ناهض فى العالم من حولنا.. فليس هناك مكان بلا فساد، ولكن المشكلة دائماً فى حجم الفساد، وفى منسوب الفساد، وفى معدل الفساد، وإلى أى موضع بالضبط يرتفع ويصل!

ثم يظل الفارق، بعد هذا، فى مدى توافر الإرادة السياسية للضرب على أيدى الفاسدين، أياً كانت مواقعهم، وبلا رحمة، لأنه لا يكفى أبداً أن تتكلم، كدولة، عن مقاومة الفساد، أو عن ملاحقته، أو عن تعدد الأجهزة التى تطارده، أو عن تحديث القوانين التى تحاصره.. لا يكفى.. ولكن يكفى هذا كله عندما يكون له مردود على الأرض، وعندما يحس الناس فى عمومهم بهذا المردود، وعندما لا نراهن فقط على ضمير المسؤول، أى مسؤول.. فالرهان يكون دائماً على قدرة القانون على أن يحاسب بحسم وعزم على كل قرش، لا كل جنيه، ثم على ألا يفلت منه مجرم، من هؤلاء الذين يستحلون المال العام!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية