- العاملون فى المطار هم هؤلاء الأذكياء الذين فكروا خارج الصندوق، فوجدوا أنه من الأفضل لهم، بدلا من تجرع مرارة الغربة، أن يظلوا حيث هم ليحصلوا على «الحلاوة»، ولذلك يجب أن نحبهم، ونقدرهم، ونعطيهم أموالنا.
- لو عرف المسافرون المغتربون نهر الأموال الذى يتدفق فى جيوب هؤلاء ما سافروا. ولامتلأ المطار بهؤلاء الذين ينتظرون الحلاوة.
- المطار هو أكثر مكان فى العالم تستطيع الحصول فيه على أكبر عدد من الابتسامات الصناعية. الابتسامات اللزجة الميكانيكية، التى هى مجرد تقلص لعضلات الوجه، دون أن يصاحبها انسكاب الروح من العينين، ذلك الانسكاب الذى يحدث بتلقائية، ودون تعمد، عندما تبتسم فى وجه حبيب.
- لا أحب هؤلاء الذين يعتقدون أن مجرد وجودهم فى مكان معين، بالإضافة إلى أنهم يحبون أنفسهم بجنون، يعطيهم الحق فى سلب مالى الحبيب الذى شقيت فى سبيل جمعه. لأن ذلك يعنى، ببساطة، أنه من حقى أنا الآخر أن أعتقد أن وجودى فى المكان نفسه (المطار) يعطينى أنا الآخر الحق فى أخذ مالهم، خصوصا أننى لا أقل عنهم حبا لنفسى.
- وهذه المرأة المسافرة التى تبدو بساطة حالها من ملابسها، والذاهبة بلا شك إلى زوجها الكادح الذى يعمل من اليد إلى الفم مباشرة، يبتزها ذلك الوغد حامل الحقائب الذى يعشق نفسه، فتعطيه ورقة مالية من فئة العشرين جنيها، لم يفعل فى سبيلها شيئا، سوى أنه زاحمها، وكاد يدفعها، كى يضع حقيبة سفرها على ماكينة التفتيش، مع ابتسامة لزجة تعكس كل جشع روحه. فلولا الملام لاختطفت الورقة من يده الآثمة، وأعدتها إلى يدها الشريفة المكافحة.
- لا أحب هؤلاء الذى يتعاملون مع عملهم فى المطار، الذى يتقاضون عنه أجرا، أنهم فى (إعارة).
- ذهابك إلى حمام المطار مخاطرة! ولا تزعم أننى لم أحذرك. سوف تجد العاملات يشرن لك إلى الحمام كأنك أعمى! مع تلك الهمسة الأثيمة «حمدا لله على السلامة» كأنك خارج من سجن. وحين تهم بقضاء حاجتك- أعزك الله- ستجد من يقتحم عليك هذه اللحظة الخصوصية التى يصاحبها كل الانبساط، ليدس منديلا ورقيا (فى جيبك واحد مثله)، بانتظار أن يصطادك وأنت خارج.
- العامل الذى يضع الحقائب على سير التفتيش على البوابات يتعامل مع المسافرين باعتبارهم ليسوا زبائن فقط، وإنما رزق ساقه الله إليهم. ومجرد إفلات واحد منهم يسبب لهم حزنا حقيقيا. كالذى يرتسم على وجه رجل محترم أهنته إهانة بالغة، وهو يعرف فى قرارة نفسه أنه لا يستحقها.
- لا أعرف شعور الضابط المحترم الذى تمنعه وجاهة منصبه من مشاركتهم فى الحلاوة. ولكنه الدليل العملى أنه كلما ارتفعت فى سلم الوجاهة انخفض دخلك.