فجأة اهتم الإعلام المصرى بتصريحات وزير خارجية تركيا «مولود أوغلو» حول مصر وأهمية الدور الإقليمى الذى تلعبه فى استقرار الشرق الأوسط وأهمية الاستقرار المصرى بعدما اهتمت بها وسائل إعلام تركية.. تحدثت عن هذا الأمر أكثر من مرة تليفزيونيا، بعدما بدأت البوادر، منذ ديسمبر الماضى، تلوح فى الأفق، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية، سامح شكرى، يوم 17 ديسمبر بأن القاهرة تأمل فى عودة العلاقات المصرية- التركية لسابق عهدها.
تصريح شكرى يختلف تماما عن اعتراض مسؤول مصرى، فى إبريل الماضى، على تصريحات تركيا عن أحكام القضاء فى مصر، فقال: «مثل هذه التصريحات المستهجنة تعكس إصرار المسؤولين الأتراك على مواصلة ترديد الأكاذيب والتمسك بمواقف تجافى الواقع وتنكر إرادة الشعب المصرى العظيم لمصالح أيديولوجية ضيقة تستهدف دعم جماعة إرهابية تمارس العنف والإرهاب».
بعد تصريحات أوغلو حملت صحيفة تركية عنوان «وداعاً رابعة أهلاً بالسيسى» ومقالاً يحتفى بالعودة المرتقبة للعلاقات المصرية- التركية، وجريدة أخرى تحدثت عن أن البلدين بصدد إبرام صفقة تطبيع، وثالثة قالت إن حزب العدالة والتنمية التركى سوف يبيع محمد مرسى، ويقوم بدعوة الرئيس السيسى إلى تركيا.
كل هذا بينما نفى المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد نفيا قاطعا واقعة أن لقاء تم بين سامح شكرى والمسؤولين الأتراك فى المملكة، وكانت معلوماتى تشير للعكس، ولكن بالتأكيد معلومات المتحدث أوقع.
لنضع هذه الصورة بجوار صورة تعيين الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثان وزيرا لخارجية قطر، وهو معروف باعتداله فيما يتعلق بعلاقة بلاده مع مصر بدلاً من الشيخ خالد العطية، الذى كان قد صرح بأن قطر تدعم الإخوان وترفض وصفهم بالجماعة الإرهابية، وقال عن الإعلام المصرى: «أشاهد هذا النوع من الإعلام للتسلية والترفيه بعد ضغوط العمل».
العطية انتقل للمسؤولية عن وزارة الدفاع القطرية لينسق مع الجيوش العربية فى المرحلة القادمة، ولكن الشاب الوافد للخارجية، وهو ليس بغريب عنها، يبدو أنه جاء بتفويض جديد لفتح صفحة جديدة من العلاقات، خاصة مع مصر.
لو صحت التنبؤات ومع طلب مصر مرة أخرى منذ يومين من الإنتربول الدولى تسليم المطلوبين من إعلاميين ومتطرفين هاربين من أحكام فى كل من قطر وتركيا، يبدو أن شرط تسليم هؤلاء سيكون مطلبا أساسيا لمصر.. فماذا هم بفاعلين؟ وأقصد بهم هنا هؤلاء الإعلاميين أولا قبل الإخوان والذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها فسبوا مصر رئيسا وشعبا وحكومة وإعلاما وبرلمانا، ولم يفكروا للحظة ماذا لو عادت المياه إلى مجاريها بين مصر وقطر وتركيا فأين الملاذ؟ هل توفر لهم تركيا وطنا بديلا كما فعلت قطر حين قامت بترحيل بعضهم لتركيا؟ وما هو الوطن البديل؟ ألمانيا أو فرنسا أو لندنستان البريطانية؟
من يدفع الفاتورة عندما تحين لحظة الرحيل فيتم لفظهم من قبل كل بلد يحلون عليه ضيوفا ثقلاء يزيدون من توتر العلاقات مع بلد بحجم مصر ليس فى حاجة ماسة إليهم اليوم كما كان يحتاجهم يوم خرجت الجموع فى يونيو 2013 لتسقط الحكم الإخوانى لزمن طويل.. ما الذى يمكن أن يقولوه لنا بعدما أخرجوا لنا ألسنتهم وتشفوا فى شهدائنا ومجدوا فى الإرهابيين والقتلة وسخروا من كل طوبة بناها المصريون فى عامين ونصف؟
هل يخرج علينا من يقول عن أى منهم: «عيل وغلط» والمسامح كريم؟ حذرتهم مرات ومرات بأن هذا اليوم آت بلا شك وإن لم يكن اليوم فبعد شهور وأعوام.. من يدفع لكم الفاتورة اليوم أو غدا وقد أغضبتم الملايين إرضاء للملايين، ولكن الملايين الأولى كانت من أهلكم والملايين الثانية كانت مالا مهلكا.