ثرثرة ليلية!
محمد أمين
الأحد 31-01-2016 21:34
هل مصر دولة فاشلة، أم دولة تتحرّك فى الاتجاه الصحيح؟.. قبل أن تجيب، فكّر أولاً.. إذا كنت ممن يتابعون الثرثرة الليلية فى برامج التوك شو، سوف تتشبّع بفكرة الدولة الفاشلة.. هذه الفكرة يقودها مثرثرون من زمن إعلام مبارك.. وهؤلاء للأسف يستدعون وزراء مبارك لحل الأزمة.. هذه الموجة انتشرت فجأة مؤخراً.. وأقول لهؤلاء: عيب جداً أن يحدث هذا، وأن تكون هذه الثرثرة لصالح رموز تدفع بسخاء!
للأسف هذه الموجة المخططة بدقة لها وجهان.. الأول تصوير ثورة 25 يناير بأنها كانت كارثية جاءت بالخراب.. الثانى أنها أطاحت بأشراف وأطهار.. يتزعم هذه الموجة مثرثرون فى فضائيات معروفة.. كأنهم يا حبة عينى سوف يموتون على انهيار الاستثمار، وتتقطع قلوبهم على غلق المصانع.. المهم أن يظهر الوزراء الحاليون «فشلة»، وأن يكون وزراء مبارك عباقرة.. رغم اختلاف الظروف طبعاً هنا وهناك!
لا تستخف بهذه الثرثرة.. ولا تعتبرها صدفة.. لا.. فعلى ما يبدو أن الهاربين زهقوا من الغربة، ويريدون العودة مجاناً.. ومن هنا تحركت الأيدى الخفية لتحريك العرائس، لتمهيد الأرض، وطرح فكرة خلاص بقى.. ومن جانبى ليس عندى مشكلة.. المهم أن يدفع هؤلاء ما عليهم للوطن.. والأهم ألا تكون العودة مجانية، مهما كانت ثرثرة هذه الإعلامية أو غيرها.. لا يبكون على الوطن بقدر ما يبكون على أولياء النِّعَم!
يتصور هؤلاء خطأ أن الأمور قد تنطلى على الناس.. مع ذلك كل الأمور تظهر بين السطور.. يعرفها المهنيون.. هناك ليلة كاملة تذاع خلالها فقرة واحدة، وتكون هى المقصودة والمستهدفة.. نسمّيها بيت القصيد.. توزيع الأدوار وارد فى هذه الحالات.. وكلها مفهومة لطلاب سنة أولى إعلام.. يفعلون هذا حتى لا يبدو الأمر مُدَبَّراً.. تأتى مثلاً شكوى من مستثمر، ثم يتقرر إعلان الحرب على وزير، فيجرّ الحرب على الحكومة!
فمن يضبط هذا الأداء؟.. ومن يضبط هذه الثرثرة؟.. من يوقف الفضائيات الموجهة؟.. بلاش.. من يفضحها ويكشفها، ويفضح إعلاميى الثرثرة؟.. أولاً الرأى العام المستنير والصحافة الحرة.. ثانياً المجلس الوطنى للصحافة والإعلام.. نيابة عن الرأى العام.. فمتى يصدر التشكيل الجديد لهذا المجلس؟.. ولماذا تأخر كل هذا الوقت؟.. ومن الذين يضمهم التشكيل؟.. هل هم أصحاب المصالح، أم أصحاب المهنة أولاً وأخيراً؟!
منذ أيام، تابعت ثرثرة من هذا النوع، مع أحد الوزراء.. كان الوزير محترماً للغاية.. لم يرتعد من إرهاب أو ثرثرة.. كانت المذيعة تريد أن «تخدم».. قالت إن الوزير يسوّف فى المواعيد.. لا يضع برامج زمنية محددة.. تسأل وتجيب.. أشفقت على الرجل.. لا أعرف ماذا أفعل لو كنت مكانه؟.. كيف كنت أتصرف؟.. أظن أنه حاول أن يتفادى أزمة مع الإعلام.. فهل مهمة «المثرثرين» أن يحرجوا الوزراء، أم يسألوهم بمهنية فقط؟!
إعلام مبارك لن يكون مع نظام ثورة.. ولاؤه الأول لأولياء النعم.. فقد وضعوهم فى منابر صحفية وإعلامية.. وبالتالى ليست صدفة أن يقال إنها 25 خساير.. جاءت بالخراب.. أسقطوا من حساباتهم أن الثورات تفعل أكثر.. ولا يعنى أن رموز مبارك كانوا جهابذة أبداً.. مهما كانت ثرثرة الليل فى فضائيات رجال مبارك!
