x

محمد أمين فقر القارة السمراء! محمد أمين السبت 30-01-2016 21:40


القمة الأفريقية تتحدّث عن ترشيد الإنفاق.. مع أنها اسمرّت من الفقر، واسودّت من القهر.. فأى ترشيد ينبغى أن يمارسه الفقراء أكثر؟.. فى الحقيقة حين أنظر إلى زعماء أفريقيا أجدهم غير الشعوب.. ناس من طينة تانية.. طبقة حاكمة تقطر غنى، وطبقة محكومة تقطر فقراً.. ولا أعرف سبباً واحداً لهذا الفقر.. لا تقل لأن الاحتلال مصّ دمها وسرق ثرواتها.. فمن ساعدهم على سرقة كنوزها أصلاً؟!

لا أريد أن أعود إلى ما قاله د. يوسف إدريس منذ ربع قرن، حول فكر الفقر وفقر الفكر.. هناك شىء أهم اسمه الإدارة.. إدارة هذه الأوطان فى يد هواة.. خراب أى مشروع يرجع إلى سوء الإدارة.. وبالأحرى خراب أى وطن يرجع إلى سوء الإدارة.. هذه هى المشكلة الحقيقية.. القارة السمراء تفتقر للإدارة الرشيدة والحكم الرشيد، كما تفتقر إلى الشراكة السياسية أكثر مما تفتقر إلى الموارد وهى غنية بها جداً!

بلدان القارة السمراء عانت كثيراً من الاحتلال.. هذه حقيقة.. لكنها فى الوقت نفسه بعد أن تحررت عانت من أولادها وحكامها.. فقد عاشت أيضاً عملية نهب منظمة.. تخلّصت من يد الاحتلال، وسقطت فى يد جماعة حاكمة مصّت دمها.. لدرجة أن تداول السلطة حدث بانقلابات وليس عبر انتخابات.. وقد قيل إن من يستيقظ مبكراً يستطع أن يحكم فى اليوم التالى.. وتحولت القارة إلى «غنيمة» للأسف الشديد!

أفريقيا هى كنز العالم.. لكنها فقيرة.. فما هو التفسير المنطقى؟.. الإجابة هى غياب الديمقراطية، وغياب الشراكة السياسية، وغياب المؤسسية والإدارة السليمة.. وكنت أتمنى أن تتفق القمة الأفريقية على معايير الحكم الرشيد.. وكنت أتمنى أن تحدث عملية تداول سلمى للسلطة كبديل عن الانقلابات، فضلاً عن توسيع قاعدة المشاركة بين فئات الشعب.. غير هذا نصبح أمام قمم ربما تنعقد وتنفضّ بلا معنى!

الآن، ينبغى القيام بحركات تحرّر واستقلال جديدة.. استقلال القرار الوطنى.. بحيث لا تضع رقبة بلدانهم تحت سيف «المشروطية الدولية».. الرئيس السيسى أشار إلى هذا.. خاصة عندما تحدث عن تفعيل مبدأ «الملكية الأفريقية» والالتزام بمسؤولية أبناء القارة عن مستقبلهم، بهدف درء أى مشروطات أو اعتبارات انتقائية، ترتبط بتمويل خارجى.. وهى مسألة غاية فى الأهمية.. ظهر أثرها فى سد النهضة!

قبل ترشيد الإنفاق مطلوب تنمية.. وقبل كل هذا مطلوب ديمقراطية.. مطلوب عدالة اجتماعية.. ومطلوب شراكة سياسية.. وفى هذه الحالة لا نخشى من الفقر، ولا يموت الناس من الجوع.. فلا تحتكر الأنظمة كنوز هذه الأوطان، بينما تتسوّل الشعوب لقمة العيش.. الشعوب الأفريقية ليست فقيرة.. القضية فى إدارة الأصول من ناحية، ونهبها لحساب جماعة حاكمة من ناحية أخرى.. هذه هى القضية!

لا نريد ثورات بالمعنى المعروف، فقد يفتقر الناس أكثر.. نريد تحرير القرار السياسى، وتوسيع قاعدة الشراكة.. فلا تخضع الأنظمة لشروط دولية، أو تتلاعب بمقدرات بلادها.. ويتحقق هذا بالإدارة والإرادة.. للأسف نكرر هذه المفاهيم.. كأننا نصنع العجلة من جديد.. وكنت أنتظر من بان كى مون أن يؤكد هذه المعانى.. لا يستطيع!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية