x

منى مكرم عبيد القمة الأفريقية.. وتحديات حول النفوذ المصرى منى مكرم عبيد الأربعاء 28-01-2015 21:38


حياد وعقلانية الموقف المصرى من النزاعات داخل القارة السمراء جعلها طرفاً مقبولاً من جانب العديد من أطراف النزاعات، تضاف إليها الجهود الدبلوماسية النشطة والمكثفة التى بذلتها الدبلوماسية المصرية خلال جلسات وزراء خارجية منظمة الوحدة الأفريقية، كما أسهمت فى تهدئة الخلافات وحل العديد من النزاعات، منها أزمتا موريتانيا والسنغال، ومشكلة تشاد وليبيا، ودعم حركات التحرر فى أفريقيا من خلال زعامة تجلت فى جمال عبدالناصر عملت على تأصيل نوع مميز من العلاقات المصرية- الأفريقية، وتوجت فى 25 مايو 1963 بصدور ميثاق «منظمة الوحدة الأفريقية»، ولكن تغيرت بوصلة الأنظمة السياسية المصرية فيما بعد لتضع أعينها نحو الشمال وليس الجنوب، لينحدر النفوذ المصرى قبل أن تنحدر الدولة.

الآن مصر تتغير، النظام المصرى الحالى يصلح ما أفسده سابقون، مصر تمنح أفريقيا اهتمامها، والقدر المناسب من المعاملة والتقدير، ولكن السؤال هنا: هل الأجندة المصرية لديها ما يكفى لاستعادة ما فات؟ هل تدرك الدولة حجم التغيرات الإقليمية والدولية حتى يمكنها أن تستعيد نفوذها؟ وما الآليات التى سيتم اتباعها لتحقيق هذه الأهداف؟!

ومع انعقاد القمة الـ24 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحت عنوان «عام 2015.. عام تمكين المرأة والنهوض بها نحو أجندة 2063 لأفريقيا»، نتساءل: هل أعدت الخارجية المصرية أجندة عمل يتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة تكون بمثابة رؤية مستقبلية للسياسة المصرية الخارجية.. أفريقيا نموذجا؟ وما الرسالة التى تود السلطات المصرية أن تقدمها للعالم عبر البوابة الأفريقية؟ وكيفية الاستفادة من القوى الناعمة المصرية، بل والصلبة أيضا، فى تحقيق مصالح الشعوب الأفريقية بما يضمن استعادة النفوذ الخارجى.

لاشك فى أن أفريقيا بحاجة لمصر، ومصر من ضمن مؤسسى الاتحاد الأفريقى، ولها باع طويل فى حل الكثير من المشكلات، وأعتقد أنه من المهم التوصل إلى استراتيجية جديدة تقوم على تبادل الخبرات ودفع عجلة التنمية، والاستفادة من السواعد المصرية فى البناء والتشييد والزراعة، وتحقيق انتشار أفضل للسلع المصرية، ومحاولة إيجاد منافذ جديدة بدلا من ترك الساحة للصين وإسرائيل وغيرهما من البلدان التى تعرف كيفية استغلال غياب الدور المصرى فى أفريقيا.

آن الأوان لاتخاذ قرارات عملية تعترف بأن هناك ثورة غيرت ومازالت تغير معالم المنطقة العربية بل والتحالفات الدولية، وأنه لا مكان ولا نفوذ لدولة ليست لديها رسالة تقدمها للعالم، ومصر عليها أن تبادر وتسارع بمبادرات سريعة لتحقيق تنمية حقيقية للقارة السمراء، ومناصرة القضايا الأفريقية أمام المحافل الدولية بما يخدم الشعوب الأفريقية، وتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة وبناء دولة القانون.

أثمن جهود الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إعادة الدور الريادى لمصر إقليميا وأفريقيا ودوليا، وبالرغم مما يحمله من تركة ثقيلة إلا أننى أثق تماما فى أن جهوده ستُتوج بتحقيق تنمية حقيقية داخل القارة الأفريقية، والاستفادة من السواعد المصرية لتحقيق المصالح الاستراتيجية، لخدمة الأمن القومى المصرى بل والعربى أيضا، فى ضوء التحديات والمخاطر التى تحيط بنا. وأعلم أن أفريقيا تنتظر منا الكثير، ولمست وداً شديداً وحفاوة بمصر خلال حضورى اجتماعات عديدة لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية «ابسو» باعتبارى عضوا بها فى فترات سابقة، ومؤخرا جمعنى لقاء مع الأب متياس، بطريرك إثيوبيا، لمست فيه مدى التقدير للدور المصرى فى أفريقيا، وأهمية تكثيف علاقات التعاون بين أعضاء البرلمانين المصرى والإثيوبى، ومنظمات المجتمع المدنى بوجه خاص.

وأعتقد أيضا أن وضع المرأة المصرية الجديد فى الدستور الذى تم إقراره مؤخرا، ربما يكون فرصة للنقاش فى ضوء تخصيص العام الحالى لتمكين المرأة الأفريقية والنهوض بها، ويعد خطوة إضافية لكى تساهم مصر بدورها فى تحقيق هذه الغايات، واستمرار النضال لتحقيق مساواة كاملة بين الرجل والمرأة لتشكيل معالم عقد اجتماعى جديد يقوم على تكافؤ الفرص، وتجريم التمييز، واحترام حقوق الإنسان، وتحقيق كل أشكال التنمية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية