ظل رفعت على سليمان الجمّال أو «رأفت الهجان» مواطنا عاديا لا يعرفه أحد، وحتى حين استهوته السينما أسندت إليه أدوارا قليلة وثانوية، وكان قد شارك بالتمثيل في 3 أفلام، ليس بينها دور لوسي في «إشاعة حب»، وإنما في فيلم «أحبك أنت» وفيلمين آخرين مع بشارة واكيم، إلا أنه بعد وفاته «زي النهارده» في 30 يناير 1982 بـ6 سنوات، تحول لأسطورة ينتظرها مشاهدو الدراما الرمضانية في العالم العربي في 1988 ليقف على تفاصيل مهمة الجاسوس المصري في إسرائيل ديفيد شارل سمحون.
ورأفت الهجان مولود في 1 يوليو 1927 وكان والده تاجر فحم ووالدته ربة منزل من أسرة مرموقة وتجيد الإنجليزية والفرنسية، وشقيقاه هما لبيب ونزيهة بالإضافة إلى أخ غير شقيق هو سامى، وفى 1936 انتقلت أسرته للقاهرة.
وكان الهجان لا يهتم بدراسته وميالا للهو والمسرح والسينما وألحقه أخوه بمدرسه التجارة وتخرج في 1946 وبدأ العمل في شركة بترول في رأس غارب ونتيجة لعدم انضباطه فصل وانتقل للإسكندرية، وهناك خالط يونانيين ويهودا وفرنسيين، واتقن اللكنة الفرنسية كأهلها وعمل على مركب شحن، ليغادر البلاد لأول مرة إلى نابولي ومارسيليا بجوازات سفر مزورة للفرار من الملاحقة الأمنية بعد تورطه في «مقامرات فاشلة» إلا أن أمره يكتشف ويعود مرحلا إلى مصر، ويمنع من دخول بعض الموانئ بعد النصب على البحارة والمسافرين.
وأثناء عرضه على النيابة لفت نظر أحد الضباط العاملين بالمخابرات، ورأى فيه القدرة على خداع الآخرين في الوصول لشخصيته الحقيقية وهي مواصفات جيدة لعميل مخابراتي وتتم زراعته في إسرائيل وفي 1965 تبدأرحلة الهجان التي استمرت 17 عاماداخل تل أبيب حاملا كود «العميل 313 جاك بيتون»، واستطاع الانخراط في المجتمع الاسرائيلي بعد فترة تدريب هنا في مصر ومخالطة الرعايا اليهود بالإسكندرية، والعمل بشركة مملوكة لثري يهودي.
وهناك يؤسس شركة سياحية تبدأ صغيرة وتكبر شيئا فشيئا، حتى يكون أحد رجال المجتمع بتل أبيب، وصديقا مقربا لموشي ديان، وعزرا فايسمان، وجولدا مائيروكاد يترشح لعضوية الكنيسيت وبعد نهاية مهمته تزوج ثرية ألمانية تدعى «فراو فالتراوت» تعمل في الطيران، وانتقل معها للإقامة بـفرانكفورت في 1973 وبقي على اتصال مع المجتمع الإسرائيلي، ولا ينكشف أمره إلا بعد وفاته ودفنه بألمانيا بناءً على وصيته والتي ختمها بـقوله «الله أكبر والعزة لمصر» وكشف فيها عن جنسيته المصرية وديانته بالإسلام، وصفته كعميل للمخابرات المصرية وأوصي بتوزيع ثروته بين الورثة الشرعيين، وأن يخصص جزء منها لـملاجئ الأيتام.