x

ناجح إبراهيم فى حوار لـ«المصرى اليوم»: الثوار لا يصلحون للحكم.. والإسلاميون خسروا الشارع

الجمعة 29-01-2016 23:57 | كتب: عبد العزيز السعدني |

قال الدكتور ناجح إبراهيم، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، إن برلمان 2016 ليس ما يستحقه المصريون وينتظرونه بعد ثورتين متتاليتين، مشيرًا إلى أن أعضاءه من الممكن أن يثبتوا العكس بترجيح كفة مصالح الشعب على محاولات التقرب من السلطة.

وأضاف إبراهيم، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن الأزهر يواجه حربا شرسة ممنهجة ومدفوعة الأجر لإقصائه مثلما حدث مع التيار الإسلامى، مؤكدا أن الانتقاد يجب أن يكون قائمًا على الاحترام وليس الاستهانة بكبار علماء الأزهر.

وقال «ما ينفعش ثورة كل عام.. كرسى الحكم مش فوتيه كل شوية نقلبه ونرجع نعدله».. وإلى نص الحوار:

■ هناك أنباء عن اتجاه عدد من النواب للمناداة بتعديل الدستور لتوسيع صلاحيات الرئيس.. ما رأيك؟

- أفضل شىء أن يظل الدستور كما هو عليه لفترة، وليس من العقل أن ينادى أحد بتعديل دستور لم يُطبق بعد، ولم نسمع من قبل أن عدل أحد دستورا قبل تطبيقه، وهناك أشخاص هللت وصفقت ومدحت الدستور وقت كتابته وقالوا «ده أعظم دستور وأفضل من دستور الإخوان»، ثم بعد إقراره انتقدوه.

■ برلمان نتاج ثورتين واستكمال لخارطة الطريق.. هل هذا ما كان ينتظره المصريون؟

- لا بالطبع، ليس هذا هو البرلمان الذى ينتظره المصريون بعد ثورة 30 يونيو، وليس هذا الشكل المفروض أن يكون عليه بعد ثورتين.

■ إذن هل تتوقع حل برلمان 2016؟

- أتوقع حله بعد عامين.

■ لماذا بعد عامين؟

- حتى يتخطى فترة تدشين هذه المرحلة ويحدث حالة من الاستقرار.

■ هل التمثيل الدينى فى البرلمان حصل على حقه بالقدر الكافى؟

- هناك حالة إقصاء كاملة للتيار الدينى نتيجة الصراع المحتدم على الساحة السياسية، ونتيجة وجود فصيل كبير دخل فى صراع مع الدولة.

■ هل ترى أن هناك مؤامرة تحاك ضد الإسلاميين لإقصائهم.. أم أنه نتاج ما فعله شغب جماعة الإخوان وعنفهم فى الشارع المصرى؟

- الإسلاميون فقدوا ثقة الشارع لأسباب كثيرة، بدأت بفقدانهم السلطة، يليها ذهابهم للسجون، ثم استخدام البعض منهم العنف والخطابات العنيفة، وأخيرًا الحملات الإعلامية المنظمة والممنهجة ضدهم، جزء من التيار الإسلامى «هربان»، وآخر فى السجون والمعتقلات، وجزء ثالث عازف عن المشاركة فى الحياة السياسية، وأخيرًا الجزء الوحيد الذى شارك وهو حزب النور، وبالرغم من مشاركته السياسية، إلا أنه لم يسلم من حملة إعلامية ضخمة من كل الصحف والقنوات، كان فيها كثير من الظلم، ويتهمونه بأنه «داعش» ويشاء القدر أن التابعين لداعش فى سيناء يقتلون أمين عام حزب النور بسيناء ومرشحهم فى البرلمان.

■ إذن كيف يواجه الإسلاميون هذه المؤامرات؟

- أنصح الإسلاميين- فى رأيى- أن يكفوا عن الانتخابات والسياسة لفترة قصيرة، ذلك أفضل لهم.

■ فى رأيك من المسؤول عن الحملة الإعلامية الممنهجة لإقصاء الإسلاميين من المشهد السياسى؟

- ليست مسؤوليتى أن أعرف من وراءها، ولكن ما أتيقن له أنها حملة ممنهجة ومنظمة ومدفوعة الأجر فى كل القنوات، وليس لدى مشاكل فى شن حملات ضد منافسيك ولكن يجب أن تكون شريفة.

■ لماذا يسعى الإسلاميون جاهدين إلى الترشح للبرلمان والمنافسة على جميع مقاعده سواء الفردى أو القائمة؟

- البرلمان يعتبر المتنفس الوحيد للإسلاميين، فهناك بعض مؤسسات الدولة مغلقة أمامهم، منها المؤسسات الأمنية، فلم يجدوا إلا هو بجانب الحصانة التى يسعون إليها لحمايتهم من القبض عليهم ومواصلة الدعوة والتواصل مع الناس، فالإسلاميون لم يكونوا فى «دولاب الدولة».

■ هل حصول حزب النور على مقاعد قليلة فى البرلمان كان السبب فى تقلص دورهم فى الشارع المصرى؟

- لا يوجد أى أنشطة لأى حزب إسلامى فى الشارع المصرى، حيث لا يتم السماح للأحزاب الدينية بالتواجد وإذا تجاوزت الخط الأحمر فالسجن هو المنتظر لها.

■ ما تقييمك لتمثيل الشباب فى البرلمان؟

- تمثيل جيد وأرجو أن يكون فيهم خير سيظهر فى تحقيق آمال من رشحهم لهذه المقاعد.

■ ما نصيحتك للجنة الدينية فى مجلس النواب؟

- الأوقاف أممت الدعوة وأخذتها كلها، ولم تقم بها على أكمل وجه، أين النشاطات فى المساجد، فالمساجد خاوية على عروشها إلا من خطبة ضعيفة، ولا يوجد أى ندوات أو مناظرات إلا من الجمعة إلى الجمعة التى تليها، مجرد حضور وانصراف، أخذت المساجد كلها ولم تفعل شيئا، فإذا أسندت إلى أحد أفراد الحركة الإسلامية هذه الدعوة ستتعلم منهم الكثير وستعرف كيف تدير هذه الدعوة وتوجهها فى نصابها.

تعلموا من أنشطة الكنيسة وتحديد أيام معينة لكل من الشباب والمرأة والأطفال ودروس وندوات ورحلات، «يعنى انت أخدت المساجد عشان تحارب التطرف تروح تقعد ساكت، مش حل، والتطرف هيفضل مستمر».

■ هل ترى أن ائتلاف «دعم مصر» سيؤثر على قرارات البرلمان مستغلا كتلته التصويتية؟

- ائتلاف دعم مصر كتلة غير متجانسة فكريًا وثقافيًا وسياسيًا، ولا يجمعهم سوى دعم السلطة، وليس لهم قائد حازم أو فكرة محددة، ولكن نتمنى لهم التوفيق بأنهم «يعملوا للبلد والوطن حاجة».

■ ننتقل إلى المحور الدينى.. الأزهر يواجه حربًا شرسة لهدم ثوابته.. ما قراءتك للمشهد؟

- أولا، هناك مجموعة من الناس فى مصر يكرهون الأزهر فى أى حال، ويصطدمون به فى كل الأحوال، ودائما ما يقفزون من نقد الحركة الإسلامية غير المعصومة إلى ثوابت الدين الإسلامى المعصومة، وهؤلاء يقفزون من نقد الأزهر إلى نقد كل علماء المسلمين.

ثانيًا، لماذا يتعجب هؤلاء من غضبنا واستيائنا من أقوالهم؟، فإذا تمت مهاجمة أى دين غير الإسلام فى ثوابته ومعتقداته ورسله وكتبه التراثية والتشكيك فيها ورجاله سيغضب أصحابه أيضًا.

ثالثًا، أمريكا البروتستانتية قتلت فى اليابان قرابة نصف مليون فى يومين فقط بقنبلتى «هيروشيما وناجازاكى»، ولم يقل أحد وقتها إن المسيحية يوجد فيها إرهاب، لأن كل الأديان تدعو إلى السلام والعفو والرحمة، وإسرائيل نفذت مذابح كثيرة فى الأسرى المصريين ولم يقل أحد إن اليهودية تدعو إلى العنف أو الإرهاب، ومثال ثالث لفرنسا الكاثوليكية التى قتلت مليون جزائرى ولم تعوضهم حتى الآن، ولم يقل أحد إن الفاتيكان هو السبب فى ذلك.

كل الأديان بريئة من العنف، لكن هناك ثلة لدينا تريد 3 أشياء، وهى أن تجعل الإسلام سببا فى العنف، أو تقول أن علماء المسلمين الأوائل وكتبهم وتاريخهم هو السبب فى الإرهاب، وأخيرًا أن الأزهر هو السبب.

■ ما سبب وجود الإرهاب من وجهة نظرك؟

- لم يخل أى زمن من الأزمان من الإرهاب، فالبروتستانت قتلوا الكاثوليك فى أوروبا 40 عامًا، وقتل 40% من سكان أوروبا فى القرن الـ18، ولم يقل أحد إن الدين السبب فى الإرهاب، هذه تعصبات قوم وليست تعصبات أديان.

■ البعض يتهم الأزهر بغلق باب الاجتهاد أمام غير الأزهريين؟

- على العكس إطلاقًا، الأزهر لم يغلق أى باب للاجتهاد، ولم يصادر أى شىء، فالشاعر أحمد شوقى ألف آلاف القصائد ولم يصادر أى شىء له، وكذلك حافظ إبراهيم وأحمد محرم.

■ وماذا عن تكفير المفكر الدكتور فرج فودة وخلاف الأزهر مع الإمام محمد عبده؟

- أولا، لا أرى فرج فودة مفكرًا، الأزهر لم يتصد لأى إبداع نظيف أو حقيقى، كل منتقدى الأزهر ليسوا مبدعين ولا يمتون للإبداع بصلة، فحينما يأتى أحد الأشخاص ويدعى أن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ادعى النبوة وأن بنى هاشم ألفوا الرسالة لكى يكون لهم جاه على القبائل الأخرى فى قريش، هل تسمى هذا إبداعًا؟، هل يقبل أى مسيحى أن يدعى أحد الأشخاص أن المسيح ألف الرسالة وليس هناك حواريون، هل سيسمونه إبداعًا؟ هل يستطيع أحد أن يتحدث عن ملابسات المذهب الشيعى مثل ازدواجية الحاكم وعاداتهم فى تعذيب أنفسهم فى عاشوراء، لماذا من يسمون أنفسهم مبدعين لا ينتقدون كل ذلك؟

سأظل أكررها مرارًا وتكرارًا أن الأزهر عمره ما منع إبداعاً أو تصدى له، ولم يكفر فرج فودة، الذى كفر فرج فودة المحكمة، فالأزهر لم يكفر أحدًا طوال تاريخه، وبعدين هو أنا لما أشتم الرسول وأدعو لحرق الكتب للأئمة الأربعة وغيرهم يبقى ده اسمه إبداع، هناك آلاف الشعراء ومئات الأدباء والروائيين ألفوا الكثير، ولم يعترض الأزهر.

لكن أيدت قرار اعتراض الأزهر ورئيس جامعته على كتاب «وليمة لأعشاب البحر»، وهى رواية لكاتب سورى تسب الذات الإلهية، من يرد أن يشتم أحدا عليه أن يطبع كتبه على نفقته الخاصة وليس نفقة الدولة.

■ اتهامات موجهة للأزهر بأنه أصبح مؤسسة سياسية وليست علمية.. ما ردك؟

- من يقل ذلك لا يفهم أبعاد اللعبة السياسية، الأزهر بعيد تمامًا عن السياسة، والكل يعلم ذلك، وليس صانعًا أو رقما أو فاعلا فى السياسة، وهذا هو الواقع، أما كل ما يقال غير ذلك فهو كذب مفضوح.

■ ماذا عن الفتاوى السياسية بأن الدعوات لـ25 يناير هى خروج على الحاكم ومثلها؟

- الفتاوى هى مجرد رأى تابع للعالم التابع للمؤسسة ولا يمكن أن تعممها على الجميع، أما من يصدر مثل هذه الفتاوى، فهى مؤسسة الأوقاف.

■ هل الأوقاف لها الحق فى إصدار هذه الفتاوى السياسية أكثر منها دينية؟

- الجميع يعرف أن الأوقاف هى مؤسسة دينية وليست علمية تابعة للدولة قلبًا وقالبًا، وهى من إخراج وإنشاء الحكومة، وبعض مسؤوليها «عينهم على السلطة» أكثر من هداية الخلائق.

■ اتهامات أخرى موجهة للأزهر بأنه لا يتقبل نقد أحد وأنه يعيش فى برج عاجى بعيد عن المثقفين والناس؟

- الذين يقولون ذلك هم من قيدوا حركة الأزهر ومنعوا انطلاقاته ومازالوا يحاربونه، ولا يريدون أن يكون له دور على الساحة.

■ هل الأزهر ما زال قادرًا على الرد على هذا الهجوم؟

- نعم، بالفعل قادر على ذلك، لكن الحكومات المتتالية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو أضعفته وجعلته فى دور التابع وليس صانع القرار.

■ كيف كان الأزهر تابعًا وهو أحد صانعى القرار فى خطاب خارطة الطريق فى 3 يوليو بعد عزل الرئيس محمد مرسى؟

- بالفعل كان أحدهم، ولكن البعض أراد إقصاءه والبعض الآخر يريد دورًا للأزهر يفصله هو على مقاسه.

■ لماذا غضب التيار الإسلامى من حصول المفكر سيد القمنى على جائزة الدولة التقديرية وترشيحه لجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام؟

- أولاً؛ القمنى ليس مفكرًا ولا مبدعًا ولا كاتبًا، وهو مزور للدكتوراه، وتحداه أكثر من 20 كاتبًا أن يظهر الدكتوراه التى حصل عليها، ثانيًا؛ كيف يحصل على الجائزة وهو يشتم النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ويطعن فى رسالته، وأريد أن أعرف ما هو نتاج سيد القمنى فى العلوم الاجتماعية لتكريمه فى عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، وحصوله على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية، فجوائز وزارة الثقافة توزع على الأحباب والأصحاب.

هذا شخص ينكر دعوة النبى علنا، ويطعن فى رسالته، وترشحه لجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، أظن أنه لو رشحوا أبوجهل كان «أهون» على الناس من القمنى.

ومن يعجب بآراء القمنى وأفكاره عليه أن يكافئه بماله الخاص، وليس بمال المسلمين، ومال دولة مسلمة.

■ هل ترى أن سبب الخطأ فى ترشيح القمنى مؤسسات أم أفراد؟

- الاثنان معًا.

■ كيف ترى إسلام بحيرى بعد الحكم بحبسه.. ظالمًا أم مظلومًا؟

- فى الإطار العام، أنا ضد الحبس فى قضايا الرأى، ولكن كشخص إسلام بحيرى، فهو شتام طعن فى كبار علماء المسلمين والأئمة الأربعة والبخارى، وأتحداه أن يطبق قواعده على أى دين آخر أو مذهب غير السنة، أتعجب من إسلامه فهو لم يصل مرة واحدة على النبى «محمد» عند ذكر اسمه، وأظن أنك ستجد فى حيثيات الحكم عليه الكثيرة مدى السخرية التى نطق بها علنًا على الإسلام وكبار علمائه.

أتعجب ممن يسمونه مجددا للدين الإسلامى، هل هناك مجدد ينتقد أحدًا بطلبه حرق كتب علماء المسلمين، هؤلاء- علماء المسلمين- كتبوا لزمانهم وأفتوا لزمانهم وتحدثوا عن قضايا زمانهم.

■ اتهامات حول البخارى بأنه أبعد 96% من الأحاديث التى جمعها بدعوى أن العقل يرفضها واكتفى بـ 4 آلاف فقط من حوالى 600 ألف.. ما ردك؟

- من ينتقدون البخارى لم يقرأوا عنه ولم يدرسوا من هو البخارى، وعليهم أن يتوجهوا لقسم الحديث لمعرفة فضل هذا الرجل، البخارى هو الذى جاء بأحاديث الرحمة والتوبة والمغفرة والشفقة واليتامى والأرامل وأهل الذمة.

■ نصل إلى أزمة السنة والشيعة الأخيرة بين الدول العربية وإيران.. ما قراءتك للمشهد؟

- أولاً؛ أنا وصفت من قبل هذه الأزمة بالغباء السياسى، فالصراع الشيعى السنى «حماقة عربية» الذى أنهى الصراع العربى الإسرائيلى إلى غير رجعة، فبعض اليمنيين يحاولون تحرير عدن وصنعاء من يمنيين آخرين، وهكذا الحال فى سوريا والعراق، وتركوا القدس المحتلة دون أن يفكر أحد فى تحريرها.

ثانيًا؛ مصطلح الشيعة ظهر مع الصراع بين على ابن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان، وكان صراعًا على السلطة لا الدين، لماذا انحسر فى وقتنا الراهن على الدين؟

ثالثًا؛ الشيعة يريدون أن يحملوا أهل السنة ما حدث من ظلم لعلى ابن أبى طالب وآل البيت، وهذا ظلم من الشيعة، لأن أهل السنة وقتها كانوا يرون أن «على» هو الأحق.

رابعًا؛ الشيعة- كمذهب إسلامى- تحتاج إلى مراجعات، مثل سب الصحابة والسيدة عائشة، وضرب أنفسهم، والإمام الغائب، واختصار الصحابة فى آل البيت فقط، أين أبوبكر وعمر وغيره من الصحابة العظام.

خامسًا؛ إيران دولة مزدوجة لها وجهان، المرشد والرئيس، المرشد للإمبراطورية والرئيس لإيران، والجيش والحرس الثورى، الجيش وجه الدولة للغرب والحرس الثورى وجه الإمبراطورية للعرب.

أما بالنسبة لأهل السنة، فعليهم ملاحظات، فكان ظلم أهل الشيعة فى الدول العربية على يد بعض الحكام، مثل صدام حسين، وغلق مدارسهم العلمية الكبرى التى كانت فى صالح مدارس أهل السنة، جعل هناك حالة من الاستياء ولجوء الشيعة العرب إلى إيران.

■ كيف يتجنب العرب مثل هذه الصراعات؟

- هذه الأزمة لن تهدأ إلا بمصالحة تاريخية سنية شيعية.

■ وهل ستشمل المصالحة «إصلاحا فى المذاهب»؟

- لا، إصلاح المذاهب صعب فى الوقت الراهن، ولكن علينا أن نلغى فكرة خطاب التمايز والتفاضل والمذهبية، ونضع بدلا منه خطاب التعايش.

■ وكيف نبدأ هذه الخطوة؟

- من الممكن أن نتعلم من أوروبا واستخدامها مصطلح الحقيبة السوداء التى أنهت الصراع المسيحى المذهبى الذى استمر قرابة 40 عامًا، ووضعوا كل هذه الصراعات فى الحقيبة ودفنوها، وتتم مصالحة تاريخية بين السعودية وإيران ومصر وتركيا والعراق والخليج، بعيدًا تماما عن فكرة الإمبراطورية الفارسية أو العثمانية.

■ ننتقل إلى ذكرى ثورة 25 يناير.. البعض يشكك فيها ويدعى أنها مؤامرة.. ما قولك؟

- 25 يناير ثورة بيضاء ونقية وصافية لها أسبابها المنطقية والحقيقية والمقبولة، ولكن كشأنها من الثورات عمل بشرى فيه الخير والشر والصلاح والفساد، وتبدأ نقية ثم تتلوث بالأغراض والأهواء.

25 يناير وقعت بين التقديس والتبخيس، التقديس من قبل من قاموا بها، والتبخيس من خصومها، فالثورات دائمًا يبدؤها المخلصون ويركبها الأفاكون ويحصد ثمارها المنافقون، بمعنى أنها كانت نقية فى أيامها الأولى إلى أن بدأ مسلسل حرق الأقسام واقتحامها وحصار وزارة الداخلية وغيرها من المؤسسات الحكومية، وتعطيل مصالح الناس فى ميدان التحرير.

الثورات لا يستطيع أبناؤها أن يترجموها إلى دولة، فكل الثورات فى العالم العربى أدت إلى واقع أسوأ مما كانت عليه قبل ذلك.

■ حتى ثورة تونس؟

- لا، إلا تونس، ولكن الحكم عليها ليس نهائيًا، مازلنا ننتظر، فالثورات قامت من أجل تصحيح أوضاع ثم جاءت بالعكس، بداية من الثورة على الملك فيصل فى العراق، وثورة 23 يوليو، والتى مات عبدالناصر تاركًا مصر بدون السودان وسيناء، رغم حسناته الكثيرة من عدالة اجتماعية إلا أنها تحسب عليه.

وقد كنت فى شبابى ثائرًا وأدركت فيما بعد أن نهج الأنبياء هو الإصلاح وليس الثورات.

■ بمناسبة أنك كنت فى شبابك ثائرًا.. ذكرت من قبل أثناء انقلاب الجماعات الإسلامية على الراحل السادات أنكم- كشباب- لو وصلتم الحكم لكانت كارثة.. لماذا؟

- الثائر عادة لا يصلح أن يكون رجل دولة، نحن ثرنا على الرئيس الراحل السادات، بسبب أشياء رأيناها خاطئة فى شبابنا، وعندما كبرنا ونضجنا علمنا أنها كانت واهية، ولم نقرأ السادات قراءة جيدة وغفلنا عن حسناته، وركزنا على بعض العيوب الهامشية، ونسينا أن حرب أكتوبر وحدها حسنة تغفر له أى سلبية أخرى، وأدركت أنا وزملائى وقتها، أننا جميعًا لم نكن نصلح أن نكون رجال دولة.

■ لماذا؟

- الثائر أشبه بسيدنا أبى ذر، كان ثائرًا ويريد أن يساوى بين الفقراء والأغنياء، وعندما طلب من الرسول (ص) الحكم، رفض قائلا: «يا أبا ذر إنك ضعيف وأنها أمانة وأنها يوم القيامة خزى وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذى عليه فيها»، الرفض جاء بسبب الضعف الإدارى والسياسى وليس الدينى، وضعف فهم السنن الكونية والعلاقات الدولية والدبلوماسية وكيف تقاد الدول.

■ وكيف تقيم إدراك شباب اليوم للديمقراطية والثورية؟

- لا يوجد أى ديمقراطية حقيقية فى أى دولة عربية أو إسلامية، ولا يوجد أى جهود لاستيعاب الشباب وإيجاد دور له فى الحياة السياسية وليس الحكم، بجانب إقصاء جميع التيارات الإسلامية على عكس ما نجحت فيه تونس، والتيار الإسلامى فى تونس نجح لأنه رجح المصالح العامة على مصلحته الشخصية، وقبل أن يكون شريكا ضعيفًا فى الحياة السياسية.

■ وهل استوعب حكم الإخوان الشباب؟

- لا، مراحل الاستيعاب- وقت حكم الإخوان- كانت مقتصرة على الجماعة فقط، وضم الشباب إلى تنظيمهم أولا وإلغاء شخصيتهم وتنفيذ الأوامر، وبعد ذلك من الممكن أن يكون له مكان.

الإخوان لديهم خطأ لا يشعرون به، وهو أن الجماعة لديهم أهم من الإسلام والوطن، ومن المفترض أن الإسلام والأوطان قبل الجماعات.

■ وما تقييمك لدعوات التظاهر الآن؟

- الذين يفكرون بأن «كل عام ثورة» لايعرفون سنن الكون، الثورات هدم ولا يمكن أن يهدم الوطن كل عام، الثورات عادة ما تفشل وهى شىء استثنائى فى عمر الأمم، وعبارة عن قتلى وجرحى وحرائق.

يجب أن نفعّل فقه النتائج والمفاعل والمقاصد ونطبقه على ما حدث فى محاولات البعض فى

2014 و2015، وحصدت عشرات القتلى ومئات المعتقلين، وهناك من أصيب ولم يذهب للمستشفيات خوفًا من الحبس، لا يمكن أن أعاند الحكومة كل عام بغرض دخول ميدان التحرير حتى أقول «أنا موجود»، القائد العظيم هو من يجنب شبابه السجن لا أن يدخلهم بنفسه، يجب أن يحميهم ويحقن الدماء، «يا جماعة كرسى الحكم مش (فوتيه) كل شوية نقلبه ونرجع نعدله».

المظاهرات حولت ذكرى الثورة من عيد إلى وعيد بين بعض الثوار ورجال الشرطة، نحن نريد أن تعود يناير ذكرى عيد مرة أخرى، لقد أصبحنا فى مأتم كبير..!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية