x

كريمة كمال الخوف كريمة كمال الخميس 28-01-2016 21:39


حالة من إشاعة الخوف والهلع تم فرضها قبل ذكرى الثورة.. لم تكن هذه هى الذكرى الأولى للثورة حتى نقول إن هناك تحسباً من السعى لتجديدها.. ولم تكن هناك مؤشرات جلية واضحة أن هذا العام سوف تختلف الصورة عما كانت عليه فى الأعوام السابقة.. هل كان هذا الخوف مبعثه الإخوان وتهديداتهم؟ منذ متى كانت تهديدات الإخوان مؤشراً حقيقياً على ما سيحدث؟ وإذا ما كان الدافع لكل هذا الهلع والخوف هو تهديدات الإخوان فإنه يصبح مفهوماً أن تكون هناك كل هذه الضربات الاستباقية لأوكارهم وقياداتهم، لكن من غير المفهوم أن يتم التوسع فى حملة الاعتقالات التى طالت النشطاء السياسيين، بل طالت الشباب عامة ممن ليسوا على صلة بالإخوان أو بالحركات الجهادية والإسلامية المتحالفة معهم.

فى يوم ذكرى الثورة كانت شوارع مصر خالية تماماً من أى مظهر من مظاهر الاحتفال بالثورة، واقتصر الأمر على توزيع الشرطة للورود والشيكولاته احتفالاً بعيد الشرطة، فهل كان الهدف هو الربط ما بين ثورة خمسة وعشرين يناير والخوف؟ الخوف من المجهول، الخوف من الفوضى، الخوف من العنف؟ هل هو أسلوب جديد لدمغ الثورة فى عقول المصريين وربطها بالخوف؟ من يتابع الذين خرجوا علينا سواء من شاشات الفضائيات أو من تصريحات عدد من النواب ليهددوا من يجرؤ على الخروج يوم ذكرى الثورة بالويل والثبور وعظائم الأمور يكتشف حجم الخوف الذى يتم تصديره، ليس لمن يجرؤ على الخروج بل لنا جميعا.. هناك حالة من الهلع والخوف مطلوب نشرها ليصبح خمسة وعشرين يناير موعداً للخوف وليس موعداً للثورة التى كانت رمزاً للبهجة حتى سميت «الثورة الضاحكة».

المشكلة الحقيقية ليست فى الشوارع الخالية الكئيبة يوم ذكرى الثورة، المشكلة الحقيقية هى أن هذا اليوم قد بات يجسد صراعاً ما بين من خرجوا فى يناير وبين الشرطة التى تصدت لهم.. من خرجوا فى يناير يتمسكون بذكرى الثورة التى هى بالنسبة لهم كانت ليس فقط معجزة بل أيضا عودة للروح بعد موات يوم يريدون أن يظل حياً فى الذاكرة ويراد استعادته وتحقيق أهدافه والمطالب التى رفعت فيه.. بينما هذا اليوم فى نظر الشرطة يراد محوه من الذاكرة، لأنه شهد فقد السلطة التى كانت لهم، ويراد التأكيد على أن هذه السلطة قد عادت بل وأقوى مما كانت.. لذا كان السؤال دائم الترديد على كل الألسنة فى الأيام السابقة لذكرى الثورة: هل هناك حقاً ما يدعو لكل هذا الخوف؟ هل لدى الشرطة معلومات تؤكد أن هذا اليوم سوف يكون هو يوم الهول الأعظم، أم أن الشرطة تريد التلويح بالخوف حتى لا تظهر فى الصورة فى هذا اليوم أى ملامح لذكرى الثورة، ويعود اليوم ليصبح يوم عيد الشرطة؟

خلا المشهد تماماً من ملامح ثورة يناير، اللهم إلا من «سناء سيف» وهى تسير وحيدة من مصطفى محمود إلى التحرير، فهل قضى ذلك على ملامح ثورة يناير وأعاد اليوم مرة أخرى ليكون عيداً للشرطة؟ قد يمنع الخوف من أرادوا الاحتفال من النزول.. قد يحجم من أراد استعادة لحظة يناير من الذهاب إلى التحرير خوفاً من التهديد بالقتل الذى تم تصديره من الشاشات، لكن هل يقضى الخوف على ذكرى يناير فى الصدور؟ هل يعيد التهديد والوعيد اليوم عيداً للشرطة؟ الخوف والهلع والتهديد والوعيد لا يغير ما فى الصدور.. الإحساس بأن ما قامت يناير من أجله قد تحقق بالفعل هو وحده القادر على أن يبقى على ذكرى الثورة لنحتفل بها جميعا دون حاجة إلى نشر الخوف، سواء كان خوف الناس أو خوف الأجهزة ذاتها.. تغير أداء الشرطة فى مواجهة المواطنين هو وحده القادر على أن يعيد خمسة وعشرين يناير يوماً للشرطة كما هو يوماً للثورة وحتى شهداء ومصابى الشرطة لا يمكنهم وحدهم أن يفعلوا هذا إذا لم يختلف الأداء.. الخوف ليس سلاحاً يمكن به تشكيل الواقع وتغييره بواقع آخر مفتعل غير حقيقى.. قد يفرض الخوف حالة لكنه أبداً لا يمكنه أن يفرض قناعات ثابتة.. وحده ما يحدث على الساحة قادر على إثبات أن ثورة يناير باقية، وأن أهدافها يتم تحقيقها أو أن هناك محاولة لمحوها والقضاء عليها بإحداث حالة من الخوف والرعب الملازم لها.

الصراع مع ثورة يناير معلن، والانحياز فى هذا الصراع تترجمه الأفعال وليس الأقوال والتصريحات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية