x

محمد أمين «كانت ثورة ونُصّ»! محمد أمين الإثنين 25-01-2016 21:09


لا أريد أن أكتب مذكرات الثورة فى هذه المساحة، ولا أريد أن أعيش دور فلاسفة الثورات.. أيضاً لا أريد الدفاع عنها، فهى لا تحتاج إلى دفاع.. بالتأكيد هى ثورة غصب عن كل الذين يسبّونها، ويلعنونها صباح مساء.. هى ثورة ورد الجناين.. وهى ثورة كل الحالمين بوطن محترم.. بكينا وهتفنا بسقوط النظام وليس الوطن.. لم نقطع شجرة، ولم نحرق منشأة، ولم نضرب «عسكرى».. حالة طوباوية غير مسبوقة!

لا أنسى أيام الثورة أبداً ما حييت.. كنا بشراً ملائكيين.. نتقاسم صابع البقسماط ونشبع.. لم نعرف الكباب ولا الكنتاكى.. نبكى ونهتف تحيا مصر.. لم يرد على خاطرنا إسقاط مصر.. كنا نردد «الشعب يريد إسقاط النظام».. نرفع الأعلام ولا نرفع السلاح.. وحينما سقطت الشرطة كنا ننظر بشفقة إلى رجالها.. نتسامح بطريقة لم نألفها.. ولو أن «مبارك» استجاب وأقال الوزارة، وحلَّ البرلمان، ربما عُدنا إلى منازلنا!

الثورة لم تبدأ يوم 25 يناير فقط.. الثورة بدأت قبله بزمن.. كنا فى أتون الثورة ننتظر حدثاً عظيماً.. فلم أشارك فى الثورة يوم 25 يناير فقط.. ولم أشارك، مثل غيرى، طوال 18 يوماً فى الميدان فقط.. وإنما شاركت قبلها وليس يومها ولا بعدها.. الثورة فعل تراكمى لا تحدث فجأة.. لكن ربما ظهرت بشائرها قبله بشهور، خاصة فى الربع الأخير من 2010.. عندما تم تزوير الانتخابات، وفاحت رائحة التوريث!

أستطيع أن أقطع بأن الثورة كانت ستحدث حتماً، حتى لو لم تقم ثورة تونس، أو ثورة الياسمين.. يوم 25 يناير كان خط النهاية وليس البداية.. كان نتيجة وليس سبباً.. حصيلة نضال ومواجهات صحفية وسياسية طويلة بين النظام والنخبة السياسية والفكرية.. لذلك كان من الخطأ اعتبار بعض الذين ظهروا فى الميدان زعماء الثورة.. الذين فكروا كذلك «حضّروا العفريت»، وحين صرفوه ارتكبوا خطيئة كبرى!

فى ميدان التحرير، كأننا كنا نعرف بعضنا.. آلاف البشر تبتسم لبعضها.. تشد على يد بعضها.. لا أنسى حين كنا نتغلب على الجوع بتمرة، أو على قنابل الغاز بقطنة.. الزعماء الحقيقيون تواروا بعد سقوط النظام وحل البرلمان، وتلاوة بيان التنحى من اللواء عمر سليمان.. لا كانوا يريدون الشهرة، ولا كانوا يريدون الثمن.. فقط كانوا يريدون المصلحة العليا للوطن، لا المنفعة الخاصة.. الآن هم على دكة الاحتياط للأسف!

25 يناير ثورة غصب عن كل الذين يرونها مؤامرة.. قامت فى مواجهة الظلم.. وقامت فى مواجهة التعذيب.. الآن أنت أمام شرطة توزع الورود والشيكولاته.. شرطة تقول إنها فى خدمة الشعب.. تقدم الشهداء فداء للوطن.. عندها نوايا طيبة على الأقل.. هل صادفت ضابط شرطة قبل 25 يناير يعطيك وردة؟.. كان يكفى أنه لا يشتمك بالأب والأم.. اليوم يطبطب عليك.. وأنت أيضاً تبكى على شهداء الشرطة الأبرار!

25 يناير ثورة أحيت «الأمل الوطنى».. أطاحت بجمهورية الفساد والاستبداد والقهر والتعذيب.. واسقطت الفرعون للأبد.. أصبح عندنا رئيس جمهورية بدرجة مواطن.. يعاتب البرلمان، ولا يأمره.. لا أتحدث عن فترة حكم الإخوان.. هؤلاء كانوا جملة اعتراضية فى تاريخ مصر.. فهل تسأل بعد ذلك: ثورة أم مؤامرة؟.. ثورة ونُصّ!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية