يدور فيلم بروكلين الذى ينافس على أوسكار أفضل فيلم لهذا العام، فى خمسينات القرن الماضى، من خلال قصة مألوفة عن الهجرة من الوطن.
بطلة الفيلم فتاة جميلة فى العشرين من عمرها تدعى إيليش (سيرشا رونان)، «إيليش» اسم إيرلندى يقابل «أليس » و«إليزابيث»، الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب الإيرلندى «كولم تويبين».
روز الأخت الكبرى لإيليش تعول الأسرة بعد وفاة أخيها إيدى وتعمل محاسبة، أما إيليش فتعمل أيام الأحاد بائعة فى محل بقالة ميس «كيلى»، وهى سيدة متغطرسة. تنشغل روز بتوفير حياة آمنة لأختها فتجد لها فرصة هجرة إلى نيويورك حيث يتمركز الإيرلنديون فى بروكلين. ويتم ترتيب كل شىء عن طريق الأب فلود.
على السفينة تبدأ معاناة إيليش، لكن الأقدار تمنحها رفيقة تعطيها النصائح الأولى فى الغربة، وحين تسألها عن الوقت الذى تصل فيه رسائل روز، رددت: فى البداية يستغرق وقتا طويلا ثم يصبح أسرع، الزمن يمر ببطء وثقل فى البدايات.
فى بروكلين تعيش فى منزل السيدة «كيو» التى تعاملها برقة وتعطيها أفضل غرفة لديها، تعمل بائعة فى محل «بارتوتشى» الضخم، تتعامل معها المشرفة فى البداية بغلظة ولكنها تلين حين ترى دموعها، إيليش تعانى من الحنين إلى الوطن، يحاول الأب فلود أن يشغلها فيشترك لها فى دراسة مسائية بجامعة بروكلين لتتعلم المحاسبة وتحسّن وضعها الوظيفى ويدفع لها المصروفات.
رغم عملها ودراستها والصحبة التى تعيش بينها تنام كل ليلة دامعة العين وهى تنظر لصورة أختها وأمها، رسائل روز هى سلوتها الوحيدة.
ويأتى اليوم الذى يتغير فيه كل شىء، حين تذهب للرقص مع رفيقاتها فى السكن فى النادى الإيرلندى، وتلتقى بتونى شاب إيطالى بسيط يعمل سباكًا، مشاهد الحب بينهما مكتوبة بعناية من السيناريست «نيك هورنبى» الذى يعلّمنا الحب الحقيقى: الاهتمام بالحبيب دون تطفل، الرعاية دون مزايدة، تقبل الحبيب الذى يعبر عنه تونى قائلا: أنا أحب ما أنت عليه.
لأول مرة تشعر إيليش بالسعادة والرضا منذ حضورها لبروكلين، بعد أن عرفت الحب، شاركت روز سرها وسعادتها، وفى نفس الوقت حصلت على شهادة المحاسبة بتفوق.. الحياة تبتسم لها أخيرًا.
ولكن تموت روز فجأة، لم تكن لتحتمل الصدمة لولا وجود تونى بجوارها، لم تستطع أن تحضر دفن أختها لبعد المسافة، ولكنها قررت السفر لتكون بجوار أمها فى محنتها، خوف تونى من عدم عودتها جعله يطلب منها الزواج قبل سفرها، قبلت لتطمئنه وتم الأمر بسرعة دون أن يعلم أحد، فالظرف لم يكن ملائمًا.
هناك فى إيرلندا تتغير الظروف لصالحها، المكتب الذى كانت تعمل فيه أختها يعرض عليها وظيفة بمرتب ممتاز، صديقتها المقربة نانسى كانت على وشك الزواج من حبيبها جورج شيريدان، تطلب منها البقاء لحضور زفافها، وتعرّفها بصديقه المقرب جيم فاريل، وهو شاب ذو مكانة فى البلدة الصغيرة، يبدى إعجابه بها ويقدمها لوالديه ويعاملها بلطف شديد.
تبدو الأمور مربكة، فها هو عالم موازٍ لعالم بروكلين لكن له ميزة إضافية أنه الوطن حيث الأم والأصدقاء والذكريات. تطلبها ميس «كيلى» صاحبة البقالة التى كانت تعمل بها، وبأسلوبها الملتوى تخبرها أنها علمت من قريبة لها فى بروكلين أنها تزوجت من إيطالى وتسألها بخبث هل يعلم جيم؟، هنا تنقشع الغشاوة من على عيون إيليش لا تنكر الأمر، بل تؤكده هى فعلا مسز إيليش فيوريلو، وتدرك الحقيقة.. إنها لم تعُد تنتمى لهذا العالم القديم، ولكنها تنتمى إلى عالم الرجل الذى أحبته والذى أصبح وطنها.
وتخرج من عند ميس «كيلى» لتحجز على أول سفينة. كانت تعرف وهى تودّع أمها هذه المرة أنها لا تذهب إلى المجهول حيث الوحدة والغربة والألم، ولكن لوطن جديد عرفت فيه الحب ومعنى التحقق.
مخرج الفيلم جون كرولى إيرلندى مثل بطلته، جعل من التغريبة حالة بحث عن وطن بديل أكثر رأفة من الوطن الأم إذا لم يجد فيه المواطن فرصة ولا أملًا.