رضا اليحياوى.. شاب تونسى يعيش فى مدينة القصرين، التى تقع وسط تونس.. يبلغ من العمر 28 سنة، وحاصل على دبلوم فى الكهرباء.
سمع رضا يوماً عن وظائف فى المحافظة التى يقيم فيها مع أسرته، فتقدم بأوراقه يطلب وظيفة، وبعدها بفترة، ذهب يسأل عن الموضوع، فعرف أن اسمه كان موجوداً فى قائمة المعينين، وأن يداً قد امتدت وشطبت الاسم!.. طلب لقاء المحافظ، فتم رفض طلبه!
وحين حلت ذكرى ثورة الياسمين فى تونس، هذا الشهر، خرج رضا مع شباب آخرين فى مدينته يجتمعون على سوء الحال، وفى أثناء الاحتجاجات صعد هو فوق عمود نور، فصعقته الكهرباء، ومات فى الحال!
كثيرون قارنوا بينه، وبين «بوعزيزى» الذى كان قد أحرق نفسه، فى ديسمبر 2010، وكانت الواقعة هى المقدمة الطبيعية لثورة الياسمين التى أطاحت بالرئيس زين العابدين بن على فى يناير 2011!
والد اليحياوى قال فى لقاءات صحفية، وبعد صعق ابنه، إنه إذا لم يحصل على حقه، فهو على استعداد للتضحية بواحد آخر من أبنائه!
زملاء اليحياوى ورفاقه قالوا إنه راح ضحية «الواسطة» لأنه لم يكن يملكها، وإن الذى يملكها قد رفع اسمه من قائمة أصحاب الوظائف، ووضع فى مكانه اسماً آخر!
أحسستُ وأنا أقرأ كلاماً منشوراً على لسان أكثر من شاب، من شباب «القصرين»، أنهم يتحدثون بلسان حال شبابنا، فى أكثر من مدينة بامتداد الجمهورية!
واحد منهم قال إنهم يعانون، منذ الثورة، من ثلاثة أشياء لا رابع لها: الفساد.. الوعود الجوفاء.. ثم التهميش!
سألتُ نفسى: هل يعانى شبابنا من شىء آخر بخلاف هذه الأشياء الثلاثة؟!.. إذا كان هناك مَنْ سوف يرى أن هناك فرقاً بين «القصرين» وبين أى مدينة مصرية خارج القاهرة، فليس عليه إلا أن يختار أى مدينة بعيدة عن أضواء العاصمة وصخبها، ثم يخطف رجليه إليها، وسوف يرى بعينيه!
شاب آخر من شباب «القصرين» قال إنه مستعد لاتباع الشيطان نفسه، إذا كان ذلك سوف يخرجه من البؤس الذى يعيشه!.. ولابد أن ننتبه هنا إلى أن الشيطان، المتاح هذه الأيام لمثل هؤلاء الشباب، هو فقط الجهات التى تجندهم لصالح العنف والإرهاب!
شابة من «القصرين»، أيضاً، قالت إنها حاصلة على بكالوريوس ولا تجد عملاً، ولو بمائة دولار فى الشهر!
كل الذين خرجوا يحتجون فى تونس، فى ذكرى ثورتهم، لم يكونوا يطلبون شيئاً سوى فرصة عمل، وهو الشىء نفسه الذى لا تكاد تصادف شاباً عندنا، إلا وتكتشف أنه أمنية حياته، ولا أمنية عنده سواها!
عندما يغيب العمل، يتبدد الأمل!