x

ليلى سويف: فقدت ابنى وزوجى فى «نَفَس واحد»

والدة «علاء»: الدولة لا تريد أي تنظيم ذاتي للشباب في السياسة أو الكرة أو الفن
الأحد 24-01-2016 23:13 | كتب: هبة الحنفي |
د. ليلى سويف أثناء حديثها لـ«المصرى اليوم» د. ليلى سويف أثناء حديثها لـ«المصرى اليوم» تصوير : أحمد حسين

بقدرة يحسدها عليها كثيرون، تقف الدكتورة ليلى سويف، أستاذة الرياضيات بكلية العلوم جامعة القاهرة، وسط منزلها، رافعة الرأس، خلفها تاريخ طويل من النضال، بدأته مع زوجها الراحل أحمد سيف الإسلام، المحامى الحقوقى، ويكمله الآن ابنها السجين علاء عبدالفتاح.

تتعامل أستاذة الرياضيات مع المحن المتتالية بعملية وعقلانية شديدة، خاصة أنها عاصرت تجربة السجن من قبل مع زوجها الراحل، لكن حبس «علاء» يختلف كثيراً عن حبس زوجها، لأن الابن يظل ابناً ويحتاج لحماية، حسب تعبيرها.

ثمة فروق عدة بين حبس «سيف» الأب وحبس «علاء» الابن، ترويها الأم قائلة إن زوجها كان أكثر قدرة على التأقلم وإقامة علاقات مع الجميع داخل السجن، بعكس «علاء» الذي يمتلك شخصية مزاجية تتأثر بالكثير من المضايقات الأمنية على رأسها منع الكتب عنه، كما أنه يشعر بالخطأ دائماً و«كل شىء غلط بيوجعه وبيأثر فيه»، على حد قول والدته.

الدكتورة ليلى سويف

ترى «سويف»، التي شاهدت زوجها و2 من أبنائها في السجن، أن الأوضاع الحالية في السجون أسوأ بكثير مما كانت عليه أثناء سجن زوجها، ووفقاً لما ينقله لها «علاء» فإن الأمور أكثر سوءاً من السابق من ناحية التكدس والأحوال الصحية، والتضييق على المساجين، وتقول: «النظام مستقصد علاء طبعاً، القرف اللى في السجون مش خاص بعلاء لوحده».

«علاء» كان الأقرب لوالدته من بين إخوته، لكنه لم يكن يتمنى أن يسلك طريق السياسة كوالديه، مثلما قالت الدكتورة، بل كان متمرداً على ذلك، وسلك طريقاً تنويرياً بدأه بالتدوين، الذي كان يهدف منه إلى حرية التعبير وليس الحديث في السياسة، ثم اهتم بالصحافة الشعبية ومنها إلى البرمجيات، لكن الظرف التاريخى والسياسى «جرّ رجله»، حسب تعبيرها.

لم يختر «علاء» طريق المعتقلات والاحتجاجات، كما تقول والدته، ولم يتعمد السير على درب والديه، بدليل أنه لم ينضم لأى حركة سياسية مثل «6 إبريل» أو «الاشتراكيون الثوريون»، لكن سياسات نظام مبارك فرضت المعارضة على الجميع، كما أن دوره القيادى في تنظيم بعض الأحداث الفنية والثقافية جعلته يتصادم مع النظام، مضيفة: «الدولة ماكنتش عايزة أي تنظيم ذاتى للشباب في الفن أو الكرة أو السياسة، والنهارده نفس الوضع وأسوأ، شباب بيصلحوا أي حاجة في قرية ما يتقبض عليهم، أو حاجة زى آية حجازى، هناك حالة من السُّعار».

الدكتورة ليلى سويف

السجن قاسٍ بطبيعته، لكن «علاء» يعانى من طبيعة أكثر قسوة، وهو ما تراه والدته «متعمداً من النظام ضده وضد شباب آخرين، لذلك تم سجنه بعيداً عن السياسيين، ويتم منع الخطابات عنه، ويراجعها ضباط من الأمن الوطنى»، كما أنه لا ينسى تلقيه خبر وفاة والده وسجن أخته بمفرده داخل السجن.

بعين دامعة وصوت قوى تحكى الدكتورة لحظة دخول «علاء» العناية المركزة لوالده، مرتدياً زى السجن، وبرفقته 13 ضابطاً، قائلة: «لما جابوه المستشفى وسيف في غيبوبة، كان داخل وماكنش عارف إن أبوه في غيبوبة، كان داخل وشايل في إيده ورد جايبه من جنينة السجن، وبعدين أول لما دخل قولتله باباك في غيبوبة، رمى الورد من إيده».

وتضيف: «كان معاه 13 ضابط، دخلوا العناية المركزة بجزمهم، وكانوا عايزين يطلعونا، قولتلهم مش هسيب العناية، ولما مات سيف وجابوه الجنازة وأنا اتكلمت معاه وحسيت بقهرته على باباه، وفى النهاية أنا فقدت علاء وسيف في نَفَس واحد».

الدكتورة ليلى سويف

مثلما كانت تمسك أيدى «علاء» الصغيرتين قبل 3 عقود، وتطوف به الحدائق للترفيه عنه، بينما كان والده في السجن، تكرر الجدة الأمر مع الحفيد «خالد»، وتأخذ على عاتقها مسؤولية الترفيه عن الحفيد، وتقول: «خالد بيحسسنى بالذنب، أنا باخد بالى منه بعد حبس علاء، ودا شىء ممتع، علاء كان في السن ده لما سيف اتحبس، لما بفسح خالد لوحدنا بيكون عندى مشاعر متلخبطة، بييجى في بالى ذكريات، وصعبان علىَّ إن علاء مش معانا، وإن سيف مش معانا، وما بين إنى مستمتعة بخالد وأبوه في السجن، خالد وجوده بيطبطب علينا كلنا».

لا تتوقع خروج «علاء» من السجن قريباً، وترى أن العفو السياسى عن ابنها سيحدث في حالة واحدة فقط، إذا احتاج النظام إلى «شو سياسى» جديد، كالذى فعله من قبل أثناء العفو عن فتيات الاتحادية، اللائى كانت بينهن ابنتها الصغرى سناء.

لم يعد «علاء» يفكر في مستقبله، وترى والدته أن عمله «اتدمر»، خاصة أن مجال البرمجيات والتكنولوجيا يتطور بشكل كبير كل لحظة، ووجود ابنها في السجن يمنع عنه ذلك، لكنه يحاول دائماً متابعة البرامج العلمية في الراديو ويتناقش مع والدته بشأنها، ولا يوصيها سوى على مجموعة شباب كان يساعدهم خارج السجن.

زوجة علاء عبد الفتاح مع ابنها خالد

«علاء»، الذي يرتدى زى السجن الأزرق ويقضى عقوبة 5 سنوات في سجن طرة، يرى- على لسان والدته- أن دوره انتهى ولا دور له في المرحلة المقبلة من عمر مصر، ولا يتوقع أن يكون القادم جيداً، ويعتقد أن أي تغيير مقبل سيكون عنيفاً، وبالطبع فلا مكان لشخص مثله وسط أي حركة احتجاجية تقوم على العنف.

يشعر «علاء» بالضيق في السجن تلك الأيام، مثلما تقول والدته، لكنه مازال نفس الشخص «طيب القلب اللى مبيشلش من حد، علشان كده يتقلق عليه»، حسب تعبيرها، ولا شىء يمكنه إدخال الفرحة على قلبه سوى رؤية ابنه الوحيد كل أسبوعين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية